ثمن الكرامة دم وحياة.. السيسي في ذكرى النصر: مصر تعبر نحو «الجمهورية الجديدة» (ملف خاص)
مصر تصبح دولة حديثة ومتطورة ينعم فيها المواطن بـ«معيشة كريمة»
الرئيس السيسي يحتفل بنصر أكتوبر
أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، أن تغيير الواقع لم يكن، ولن يكون بالكلمات والشعارات والأماني وإنما بالرؤية المتكاملة بعيدة المدى والتخطيط العلمي واتخاذ عوامل النجاح ثم العمل الدؤوب، «وكررها الرئيس 3 مرات»، مؤكداً أنه يتم العمل على تحويل الرؤية والأمل إلى واقع جديد تسود فيه المعاني والقيم التي نعيشها اليوم في معركة البناء والتنمية، التي نخوضها منذ سنوات لتغيير واقعنا بشكل واقعي والعبور إلى الجمهورية الجديدة بشكل مستدام، والتي نتطلع إليها، كي تلبي طموحات طال انتظارها جيلاً بعد جيل فى مستقبل أفضل لهذا الوطن، وتكون الجمهورية الجديدة أيضاً بقدر عراقة حضارة وعظمة تاريخ الوطن أيضاً.
وأضاف الرئيس، خلال كلمته في الندوة التثقيفية الـ36 بعنوان: «أكتوبر.. إرادة جيل»، التي انعقدت بمناسبة الذكرى الـ49 لحرب أكتوبر المجيدة، أن الجمهورية الجديدة التي يراها بعين اليقين، ستحقق بإذن الله معجزة العبور الآمن الذي تصبو إليه مصر، ويهدف لتحقيق تطلعات هذا الجيل، والأجيال المقبلة والانطلاق على طريق التقدم وامتلاك القدرة في جميع المجالات، بحيث تصبح مصر دولة حديثة ومتطورة ينعم فيها المصريون بمستويات معيشية كريمة.
ولفت الرئيس إلى أن يوم 6 أكتوبر 1973، هو يوم «العزة والكرامة»، وهو اليوم الذي انطلق الجيش المصري فيه، ليتحدى المستحيل ويقهره، ويوم إثبات مقدرة الإنسان المصري وتفوقه في أصعب اللحظات التي قد تمر على أية أمة.
وأوضح أن مصر حققت في «6 أكتوبر» معجزة العبور، وهو يوم مقدر له أن يظل خالداً، ليس فقط في وجدان مصر وشعبها، وإنما في ضمير الأمة العربية بأسرها، وشعوب العالم المحبة للسلام، فمصر لم تحارب فقط دفاعاً عن أرضها، وإنما من أجل تحقيق السلام ومكتسباته.
ولفت الرئيس إلى أن حرب أكتوبر المجيدة كان لها رجال سخّرهم الله سبحانه وتعالى لاتخاذ القرارات المصيرية التي غيرت خريطة التوازنات الإقليمية والدولية، موجهاً التحية إلى روح الرئيس الشهيد البطل محمد أنور السادات، الذي وصفه بـ«بطل الحرب والسلام»، والذي اتخذ بجسارة قرار العبور العظيم، رغم شبح الهزيمة الذي كان يطارد الجميع، واتخاذه بشجاعة الأبطال قرار السلام، وهو القرار الذي طوى صفحات الماضي، وفتح آفاق المستقبل لسائر المنطقة.
وقال «السيسي»: «كمواطن مصري وكرئيس لمصر، أوجّه التحية التي يملؤها الإجلال والاحترام لكل من أسهم في صنع أعظم أيام مصر في تاريخها الحديث، كما أوجّه التحية التي يملؤها الفخر والاعتزاز للقوات المسلحة المصرية وهى المؤسسة العسكرية الوطنية التي أتشرف بأن أكون ابناً من أبنائها، وهى رمز البسالة والإقدام والصمود والتحدي، وحصن هذا البلد الأمين، وحامى مقدرات شعبها العظيم، وستظل العلاقة الفريدة بين الشعب والجيش أمراً مقدساً، وضامناً أبدياً لأمن هذا الوطن واستقراره، كما أوجّه تحية من أعماق القلب لأرواح الشهداء الذين منحونا حياتهم ذاتها ليعيش الوطن حراً كريماً مستقلاً».
وشدد الرئيس على أن جوهر حرب أكتوبر المجيدة هو الكفاح لتغيير الواقع من الهزيمة إلى النصر، ومن الظلام إلى النور، ومن الانكسار والمرارة والألم إلى الكبرياء والعزة والفخر.
وتابع: «وكما شاء القدر لجيل أكتوبر أن يعاصر أعباء تاريخية ذات تحديات جسام.. فالأجيال الحالية تعيش أيضاً مرحلة غير مسبوقة في تاريخ مصر الممتد لتعاصر تحديات وأحداثاً وتداعيات هائلة أمنية واقتصادية وسياسية يشهدها العالم بأسره»، مشيراً إلى أن الأزمة الاقتصادية العالمية تعد نموذجاً على ما نراه ونعيشه ونحياه لنحاول قدر استطاعتنا تجاوزها بجهد صادق والعمل المخلص من أجل وطننا الغالي.
قوى شر بداخلها حقد وكراهية تسعى لنشر الشائعات لاغتيال معنويات المواطن
واستطرد: «وفى ظل هذه الأحداث والظروف ما زالت هناك قوى شر تحمل بداخلها كل معاني الحقد والكراهية، وتبث سمومها في شرايين الوطن من خلال نشر الأكاذيب والافتراءات والضلالات لإفقاد المواطن الثقة واغتيال معنوياته، لكنني على يقين أن الإنسان المصري صانع الحضارة أكبر وأقوى من تلك المساعي المضللة الكاذبة وأن لديه قدرة فطرية على أن يميز بقلبه السليم وعقله الواعي ما بين الغث والسمين والهدم والبناء والإخلاص وحب الوطن، والخبث والكراهية لهذا الوطن وشعبه».
المصري أقوى من الأكاذيب ويميز بقلبه السليم وعقله الواعي الحقيقة
وأشار الرئيس إلى أنه لم يكن صغيراً أو كبيراً للغاية وقت عام 67، لكنه يتذكر كل كلمة وحدث، وكل بيان من بيانات القيادة العامة للقوات المسلحة، منذ بيان 5 يونيو، حتى بيان تدمير المدمرة إيلات، والاشتباكات اليومية على مدار شهور وسنين بالدم، لصنع المستقبل وحفظ مقدرات الوطن، لأنه لا بد أن تصمد مصر وتعود مرة ثانية، و«تقف على رجلها».
التحديات والعدائيات «سنة من سنن الله» ونحاول تجاوزها بجهد صادق والعمل المخلص من أجل وطننا الغالي لا أستعدى أحداً
وشدد على أن هناك فرقاً كبيراً بين ما يسمعه البعض وما عاشه فعلياً، وكل الأجيال التي كانت موجودة في هذه الفترة أكبر من 50 سنة، ومَن على قيد الحياة منهم يعلم أن الدولة «كانت عايشة إزاي»، موضحاً أنه يقول هذا الحديث لأننا في ظروف يجب أن نكون واعين للتحديات والعدائيات، التي تكون موجودة دائماً في حياة أية أمة ولن تنتهى التحديات والعدائيات، لأنها سُنة من سنن الله، مستشهداً بأزمة فيروس كورونا المستجد، والتي هي اختبار من ربنا للعالم كله.
وأوضح أن مصر عاشت منذ عام 1967 حتى عام 1982، لمدة 15 عاماً في موضوع الحرب، حيث توقفت كل مظاهر الحياة، لكن لم يتوقف نمو البشر ومطالبهم، كشعب يريد أن يحيا ويتعلم ويُعالج وغير ذلك، قائلاً إن حياة الأمم لا تُربط بيوم وليلة، ولا عام ولا اثنين أو عشرة، ولكن بتاريخ طويل، ولا بد أن نعى ذلك كمواطنين أو مسئولين.
العدو الحقيقي هو الفقر والجهل والتخلف.. وكما قال «عمر»: «لو كان الفقر رجلاً لقتلته»
وشدد «السيسي» على أنه لا يُعادى أحداً، لأن الكون غير مبنى على ذلك، موضحاً أنه يقصد بالعداوة «الاستعداء»، ولكنه يضع أمامه 3 نقاط يعتبرها في تقديره العدو الحقيقي، وهي: الفقر والجهل والتخلف، مشيراً إلى أن الفقر يعنى «العوز» والضعف والعجز، مشيراً إلى وجود أناس كثيرة جداً في بلدنا يعرفون ماذا يعنى الفقر، وماذا يفعل في الناس، مستشهداً بحديث سيدنا عمر بن الخطاب، إذ قال: «لو كان الفقر رجلاً لقتلته»، كما شدد على أن الجهل هو عدو خطير جداً، لأنه يجعلك تقدم على إجراءات لا تفهم مخاطرها، وتؤذيك، وتؤذى كل من حولك.
مصر دفعت الثمن «كبير أوى» لحربها ضد الإرهاب
وأوضح أن الجيش المصري دخل إلى سيناء بكثافة منذ عام 2011، ليكون هو والشرطة في اقتتال مع قوى الشر والتطرف والفكر المتخلف منذ وقتها حتى الآن، مشيراً إلى أن مصر دفعت الثمن «كبير أوى» لحربها ضد الإرهاب، مضيفاً: «إحنا بنحارب وما وقفتش الدولة، لكن خليت الدولة تشتغل بأقصى طاقة ممكنة»، موضحاً: «تفتكروا كان ممكن يحصل إيه لما نخلّي البلد تستني 7 أو 8 سنين اللي زاد فيها 25 مليون نسمة، لهم حاجات ومطالب في كل قطاع».
وأشار إلى أنه كان من الممكن أن يقول إننا في حرب، وإن جهود الدولة وقدراتها ستجنَّد لصالح هذه الحرب، والتي تستهدف محاولة كسر المصريين، مضيفاً: «اللي إحنا فيه هينتهي وهيخلص.. وإننا دفعنا الثمن كبير أوى، وهندفع ثمن كبير أوي.. لأن دي بلدنا.. ولازم نخلى بالنا منها».
الدولة تعمل بأقصى طاقة ممكنة ولم تتوقف التنمية بدعوى أننا «نحارب»
ولفت إلى أن أول مؤتمر اقتصادى نظمه الرئيس الراحل محمد حسنى مبارك، في عام 1982، وذلك حينما اطمأن على الدولة، ولم يعد هناك سوى مسألة ملف طابا، فعاد ليرى مشكلات مصر، بعدما توقفت الدولة من 1967 حتى عام 1982»، مضيفاً: «كان ممكن نعمل ده ولغاية دلوقتي نقول الحرب على الإرهاب ما انتهتش.. ونجيب أحداث كل يوم»، موضحاً أنه سابقاً كان كل قرش يُصب لـ«اقتصاد الحرب»، لصالح الكرامة والكبرياء والنصر الذى نحتفل ونحن سعداء به، موضحاً أنه كان من الممكن أن يفعل ذلك ويكون له مبرر، لكن مَن يقف خلف الإرهاب هدفه أن «البلد تعجز أكتر وتفقر أكتر وتتخلف أكتر.. ومش هنمكّنه من ده.. وهنبني على قد اللي ربنا يقدرنا».
الرئيس: نتائج «طيبة جداً جداً» للحرب على الإرهاب
وشدد على أن الدولة المصرية تحقق نجاحات وصفها بـ«طيبة جداً جداً» في مواجهة الإرهاب، مستشهداً بعدم وجود أحداث إرهابية كبرى، أو صوت للعناصر الإرهابية.
وتساءل الرئيس: «يا ترى يا مصريين كلكم مستعدين زي ما استحملتوا من 67 إلى 82 تستحملوا الكلفة والتضحيات لتجاوز الأزمة في الوقت ده.. ولا هنتأثر بشوية شائعات وأكاذيب بتتقال كل يوم والناس فاهماها وعارفاها».. مؤكداً أن هذا الأمر لا يخيفه ولا يقلقه، لأن كل شيء يتم بإرادة الله.
الظروف صعبة لكننا قادرون على تجاوزها بفضل الله و«بكرة تشوفوا»
وشدد على أنه يسعى لبناء وتنمية وتعمير وتغيير حياة الناس للأفضل بأمانة وشرف، بعيداً عن ألاعيب السياسة، مضيفاً: «الظروف صعبة، لكننا قادرون على تجاوزها بفضل الله.. وبكرة تشوفوا».
واختتم الرئيس كلمته قائلاً: «في يوم معجزة العبور، أقول لكم إن عين التاريخ تنظر إليكم يا أبناء شعب مصر العظيم، فلتكتبوا لأنفسكم تاريخاً جديداً من المجد تعلون به إلى المكانة الرفيعة التي تليق باسم مصر الخالد ولتمضوا في تأسيس الجمهورية الجديدة وتأسيس المستقبل كي نعمل من أجله والنية لله والوطن والشعب.. وكل عام وأنتم بخير ومصر في أمان وسلام الله وتقدم وبشعبها العظيم وجيشها الباسل.. تحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر».