«حادث الإفك».. نموذج نبوي للتعامل في مواجهة الشائعات والأكاذيب
خالد الجمل: رد على هذه الشائعات بما نزل عليه من القرآن
الشيخ خالد الجمل
كان النبى المصطفى المثل الأعلى الذى يحاول كل مسلم أن يقتدى به فى كل أفعاله البشرية، لاسيما فى تعامله مع مشكلات العصر، ومن أخطر وأكثر المشكلات شيوعاً فى زمننا هذا، انتشار الفوضى والشائعات، إلا أن دستور الأخلاق المحمدية كان علاج تلك القضية.
الشيخ خالد الجمل الداعية الإسلامى والخطيب بالأوقاف قال لـ«الوطن»: أحد أهم وأصعب المواقف التى تعرض لها رسول الله وصحابته الكرام هو انتشار شائعة حادثة الإفك تلك الحادثة التى علَّمت البشرية خطورة نشر الشائعة على كل من شارك فيها إضافة إلى دلالتها القوية على نبوة رسول الله.
الجمل: كادت الحادثة أن تكون لها نتائج وخيمة على الدين وعلى المجتمع كله
وأضاف «الجمل»: بعد أن كادت تكون لها نتائج وخيمة على الدين وعلى المجتمع كله حيث اتهمت فيها أمنا أم المؤمنين السيدة عائشة فى سمعتها الطاهرة كذباً وزوراً وبهتاناً، فقط بسبب مجرد شائعة لا أساس لها من الصحة بغير دليل ولا حجة منطقية على ثبوتها، مجرد شائعة تناقلها الناس بعد أن بدأها أحد أكبر منافقى المدينة وهو عبدالله بن أبىّ ابن سلول، فسارت فى المجتمع كالنار فى الهشيم، لكن كان النبى فى تعامله مع نشر الفوضى والشائعات حكيماً.
وتابع الداعية الإسلامى قائلاً: ثبت رسول الله، ووثق فى أهل بيته لما يعرف عنهن من شرف ونقاء، وردَّ على هذه الشائعة بما أوحى الله به له من القرآن الكريم واثقاً فى حكم الله الرحمن الرحيم وفى قضائه جلَّ وعلا، ليس ذلك فحسب بل نظر إلى إيجابيات تلك المصيبة أولاً بهدوء وثقة تامة حيث قال تعالى «إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ»، ثم نصح القرآن العظيم على لسان رسوله الكريم من يستمع إلى أى شائعة أن يفكر فيما يسمعه أولاً، ثم يترك لعقله الميزان والحكم مغلباً حسن الظن فيما يسمع أولاً.
القرآن على لسان رسولنا المختار يشرح كيف تنتشر الشائعة
وأكمل حديثه بالقول: القرآن على لسان رسولنا المختار يشرح كيف تنتشر الشائعة، فمعلوم بشكل عام أن الإنسان يتلقى أى خبر يقال من غيره بأذنه أولاً، ثم ينتقل إلى المخ الذى يفكر فيه ويزنه بميزان العقل، ثم ينتقل إلى الفم الذى يقوم بدوره بنشر هذا الخبر بأى شكل، ولكن العجيب أننا نجد القرآن منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام يشرح طريقة نقل الشائعة بشكل عجيب، فيقول الله تعالى «إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ».
وقال «الجمل»: من ينشر الشائعة لا يمررها على عقله أصلاً، فهو يسمع وينقل بلا أى تفكير أو وعى لما يقال، وأدلة ثبوته، ونتيجة ما يقال مستهيناً بما يقوله أو ينشره ظناً منه أنه أمر هيِّن بسيط، وهذا ما يحدث بالفعل فى زمننا، وحذر رسول الله فى القرآن الكريم كل من يسعى ويلهث وراء حب الظهور بنشر أى شائعة يسمعها أو أى خبر من تلك الأخبار الكاذبة أو المصائب ظناً أن هذا سيجعل ناشر الشائعة مميزاً بين أقرانه حيث قال «إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ».
الكاتب الإنجليزى مونتجرى وات
استعداد هذا الرجل لتحمل الاضطهاد من أجل معتقداته، والطبيعة الأخلاقية السامية لمن آمنوا به واتبعوه واعتبروه سيداً وقائداً لهم، إلى جانب عظمة إنجازاته المطلقة، كل ذلك يدل على العدالة والنزاهة المتأصلة فى شخصه، فافتراض أن محمداً مُدعٍ افتراض يثير مشكلات أكثر ولا يحلها، بل إنه لا توجد شخصية من عظماء التاريخ الغربيين لم تنل التقدير اللائق بها مثل ما فعل بمحمد.