إرث «شينزو آبي» يطارد الحكومة اليابانية.. وتحركات سياسية لحماية «الين»
التضخم بأعلى وتيرة منذ 1991.. و«بنك سويسري» يقدم روشتة الحل
الين
بدأت الحكومة اليابانية في حماية الين من المزيد من الضعف مقابل الدولار الأمريكي الآخذ في الصعود، بتحركات سياسية أكثر منها اقتصادية، في ظل رغبة الحكومة الحالية التخلص من التضخم وحرج التراجع الاقتصادي الذي عهدته اليابان في عهد رئيس الوزراء الراحل شينزو آبي، وارتفاع التضخم بأسرع وتيرة منذ 1991، وتهدئة غضب الناخبين، ممن يلقون باللائمة على حكومة كيشيدا فوميو.
يرى بنك لومبارد أودييه السويسري، إن التحركات اليابانية لها آثاراً كبيرة على الاقتصاد الياباني وأسواق العملات العالمية، على الرغم من استمرار معدلات الفائدة المنخفضة للغاية في طوكيو، متوقعاً أن تحافظ الحكومة على تدخلاتها في أسعار الصرف لمعالجة الانزعاج الشعبي من التضخم وضعف الين الياباني.
تعليمات بالتخلص من مليارات الدولارات
في 22 سبتمبر، أصدرت وزارة المالية اليابانية تعليمات إلى بنك اليابان (BoJ) للتدخل في أسواق العملات، وشراء الين وبيع الدولار الأمريكي، لأول مرة منذ عام 1998، وتأتي هذه الخطوة بعدما وصل سعر الصرف إلى 145.7 دولارًا أمريكيًا / ين ياباني، في أعقاب انخفاض العملة اليابانية بأكثر من 20% هذا العام مقابل العملة الأمريكية، وتحذيرات من وزارة المالية من أن التقلبات الكبيرة في أسعار العملات «غير مرغوب فيها».
في نفس اليوم الذي أمرت فيه وزارة المالية ببيع الدولار لدعم الين، قال محافظ بنك اليابان كورودا هاروهيكو في مؤتمر صحفي إن البنك المركزي لا يخطط لرفع أسعار الفائدة قصيرة الأجل، وأنه قد لا تكون هناك حاجة لرفع الفائدة لمدة عامين أو ثلاثة أعوام».
أداء الين هو الأسوأ من بين العملات
يقول ستيفان منير، رئيس قسم الاستثمار في البنك السويسري: «على الرغم من انخفاض قيمة العديد من العملات، بما في ذلك اليورو والجنيه الإسترليني واليوان الصيني مقابل الدولار في عام 2022، إلا أن أداء الين كان أسوأ من معظم العملات الأخرى. كان الاختلاف في السياسة النقدية عن الولايات المتحدة عاملاً رئيسياً. استجاب الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي للتضخم المرتفع من خلال رفع أسعار الفائدة بشكل أسرع وأكثر قوة من العديد من الآخرين، مما دفع المستثمرين إلى البحث عن مأوى، وعائدات الأصول القائمة على الدولار».
ويضيف محلل البنك السويسري في مذكرة بحثية، إن هناك أسباباً سياسية تدفع حكومة رئيس الوزراء الياباني كيشيدا فوميو لمحاولة وقف ضعف الين، على الرغم من التناقض مع سياسة بنك اليابان، إذ كان التضخم في اليابان أكثر اعتدالًا من الأسواق المتقدمة الأخرى قبل أن ترتفع أسعار المستهلكين الرئيسية بمعدل سنوي 3% في أغسطس الماضي، وهي أسرع وتيرة منذ عام 1991 باستثناء الزيادات المؤقتة في ضريبة الاستهلاك.
ارتفاع الأسعار بعد أربعة عقود من الهدوء
ورغم أن الأسعار في منطقة اليورو ارتفعت بنسبة 9.1% في أغسطس، وبنسبة 8.3% في نفس الشهر في الولايات المتحدة، إلا أن ارتفاع الأسعار بعد أربعة عقود من التضخم شبه الصفري أزعج الناخبين اليابانيين، وفقًا لاستطلاعات الرأي الأخيرة، كما يقول «منير»: «لا يقتصر استياء الناخبين على الين فقط. إنهم ينسبون ضغوط تكلفة المعيشة إلى الحكومة، التي ورثها كيشيدا عن سلفه، آبي شينزو، وحلفائه في جناح مختلف من الحزب الديمقراطي الليبرالي الحاكم (LDP) تعرضت جنازة آبي الرسمية الشهر الماضي لانتقادات ، وأعادت إشعال الجدل حول إرثه الاقتصادي وتأثيراته».
يرى ستيفان منير، أنه يتعين على الحكومة اليابانية أيضًا أن تأخذ اعتبارات التوقيت في الاعتبار عند بحثها عن استقرار الين، فقد يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بإيقاف أو إبطاء رفع أسعار الفائدة في أوائل عام 2023 مع ضعف البيانات الاقتصادية، وهذا من شأنه أن يقلل الضغط على عوائد الين والسندات الحكومية اليابانية، وهو السيناريو الحالي للاحتياطي الفيدرالي، علاوةً على ما قد توفره سياسات الحكومة المالية والطاقة والصحة العامة بما يكفي من التعزيز للاقتصاد الياباني لتغيير النظرة المستقبلية للتضخم والعملة.
*إعانات لحماية الأسر الفقيرة*
في 30 سبتمبر الماضي، دعا رئيس الوزراء الياباني إلى مزيد من الحوافز المالية قبل نهاية أكتوبر الجاري، بالإضافة إلى الإعانات الحالية المصممة لحماية الأسر الفقيرة من ارتفاع تكاليف الطاقة، ولا يزال حجم الحزمة غير واضح، لكن «البنك السويسري» يتوقع أن تكون أكبر من 3 تريليون ين ياباني، أي ما يعادل 0.5% من الناتج المحلي الإجمالي، كما تعهد «كيشيدا» بإعادة تشغيل سبعة مفاعلات نووية معطلة، وقد يعزز ذلك توليد اليابان للطاقة النووية بنسبة تصل إلى 80%، مما يقلل الحاجة إلى واردات الغاز الطبيعي.
يلفت ستيفان منير، في مذكرته، الانتباه إلى أن تحسين أمن الطاقة سيخفف من تقلبات سوق الغاز وبالتالي يقلل من الضغوط التضخمية على الين في عام 2023، علاوة على ذلك، سيتم إعادة فتح الحدود للزوار الأجانب في 11 أكتوبر، مما سيعزز عائدات السياحة في اليابان في عام 2023، متوقعاً أن تحافظ اليابان على تدخلاتها في سوق العملات، ومع وجود أكثر من تريليون دولار من احتياطيات العملات، معظمها بالدولار الأمريكي وسندات الخزانة الأمريكية.
اليابان ستصبح الأفضل أداءً في 2023
يتفاءل ستيفان منير، في ختام مذكرة بنك لومبارد أودييه، بأن تشهد اليابان أداءً أفضل من نظيراتها في الأسواق المتقدمة في عام 2023، بالإضافة إلى فترة طويلة من التضخم فوق الهدف إذا ظل الين عند المستويات الحالية.