مناقشات اليوم الأول للمؤتمر الاقتصادي.. بحث سياسات لتحقيق نمو وتوزيع عادل لثماره
دعم الصناعة من أولويات المؤتمر الاقتصادي
ينطلق غدا الأحد فعاليات «المؤتمر الاقتصادى مصر 2022»، الذى تنظمه الحكومة من 23 إلى 25 أكتوبر 2022؛ لمناقشة أوضاع ومستقبل الاقتصاد المصرى، بمشاركة واسعة لنخبة من كبار الاقتصاديين، والمفكرين، والخبراء المتخصصين. يستهدف المؤتمر التوافق على خارطة الطريق الاقتصادية للدولة خلال الفترات المقبلة، واقتراح سياسات وتدابير واضحة تسهم فى زيادة تنافسية ومرونة الاقتصاد، والإعلان عن حوافز لقطاع الصناعة والمصدّرين لتحقيق المستهدفات القومية. ويمثل المؤتمر الاقتصادى منصة لتبادل وجهات النظر بين الحكومة والخبراء والمشاركين فى جلسات المؤتمر، بهدف صياغة خارطة طريق محدّدة للتحرّك فى ما يخص مستقبل الاقتصاد المصرى.
وينطلق المؤتمر بعقد جلسات مائدة مستديرة بمشاركة الحكومة والمفكرين والخبراء وممثلى الأحزاب السياسية لضمان تعزيز قنوات التواصل والتفاعل، وبمشاركة 50 ألف مشاهد للموقع الإلكترونى للمؤتمر، ولجنة فنية تدرس 300 مقترح اقتصادى متميز، تمهيداً لعرضها على المسئولين المعنيين.
3 جلسات حوارية لليوم الأول من المؤتمر الاقتصادي
ويشهد اليوم 3 جلسات حوارية للمؤتمر الاقتصادى، تتركز على التجربة الاقتصادية والتنموية المصرية التى شهدت فى العقود الأخيرة مراحل مختلفة اكتنفها الكثير من التحديات الداخلية والخارجية؛ حيث عانى الاقتصاد المصرى لفترات طويلة من عدم اتساق السياسات الاقتصادية الكلية، وما ترتب على ذلك من تراكم الاختلالات الهيكلية، سواء فى القطاع الحقيقى أو فى القطاع المالى والنقدى، أو فى القطاع الخارجى، وقد أثرت كل هذه التحديات والاختلالات سلباً على المؤشرات الاقتصادية الكلية، خصوصاً تدنِّى معدلات النمو وعدم استدامته، ومحدودية آثاره التوزيعية، وكذلك انخفاض معدلات التشغيل، خاصة بين فئة الشباب من خريجى الجامعات والمعاهد العليا وبين النساء. وسعياً لمعالجة ذلك نفَّذت الدولة برامجَ تثبيت كلى وبعض الخطوات فى الطريق للإصلاح الاقتصادى بدأت منذ نهاية عقد الثمانينات ومطلع التسعينات، وقد عاودت هذه الجهود فى مطلع الألفية الحالية، وتضمَّنت تنفيذ الكثير من السياسات والإجراءات الإصلاحية؛ لتحقيق الاستقرار النقدى والمالى، أثمرت بالفعل عن مؤشرات إيجابية إلا أنها كانت مؤقتة، واستوجبت بدورها ضرورة مواصلة ذلك بإجراء إصلاحات هيكلية حقيقية تضمن استدامة هذه المؤشرات.
واتساقاً مع رؤية مصر 2030 التى أطلقتها الدولة فى فبراير 2016 كإطار حاكم ومنظِّم لخطط وبرامج التنمية المستدامة بآجالها المختلفة، جاء تطبيق البرنامج الوطنى للإصلاح الاقتصادى والهيكلى منذ عام 2016، الذى انطلق من رحم تحديات اقتصادية وسياسية وأمنية شهدتها مصر منذ عام 2011، ورغم ذلك فقد ظهرت بالفعل ثمار التطبيق الناجح لهذا البرنامج، وبدأ الاقتصاد المصرى يستعيد عافيته، التى تجلّت دلائلها فى الكثير من المؤشرات الإيجابية، خصوصاً فى معدلات النمو والتشغيل، إلى أن ظهرت تحديات جديدة وغير مسبوقة فرضتها الظروف العالمية، التى تمثلت فى انتشار جائحة فيروس «كورونا» منذ عام 2020، التى ضربت دول العالم أجمع ومن بينها مصر، واستجدت عليها مؤخراً متغيرات جيوسياسية فرضتها الأزمة الروسية الأوكرانية التى طالت تداعياتها مختلف دول العالم، إضافة إلى التحديات الناتجة عن تغيُّر المناخ، والتوجُّه إلى التعافى الأخضر، هذا إلى جانب التحديات الأخرى التى تواجه جهود التنمية فى الدولة المصرية، وفى مقدمتها النمو السكانى المتزايد الذى يزيد الخلل بين حجم السكان والموارد المتاحة، وينعكس سلباً على نصيب الفرد من عوائد التنمية.
مخرجات جلسة السياسات الكلية للاقتصاد المصري
ومن المنتظر أن تتمثل مخرجات الجلسة التى تناقش السياسات الكلية للاقتصاد المصرى فى:
- بلورة سياسات ورؤى تضمن تحقيق معدلات نمو اقتصادى شامل ومستدام ومستويات تشغيل مرتفعة فى ظل التحديات التى تفرضها الظروف العالمية والإقليمية وانعكاساتها الإقليمية، وبصفة خاصة تحديد السياسات التى يجب اتباعها لاستدامة معدلات النمو، وضمان التوزيع العادل لثماره، بما يلبى تطلعات المواطن المصرى.
- تحديد السياسات والآليات المقترح تفعيلها؛ لتعزيز مساهمة القطاع الخاص فى تحقيق مستهدفات النمو والتشغيل، بصفته شريكاً فاعلاً فى جهود التنمية المستدامة.
تطوير البنية التحتية الداعمة لبيئة الأعمال
- رؤى المشاركين والخبراء حول أهمية دفع الاستثمارات العامة الموجَّهة لتطوير البنية التحتية الداعمة لبيئة الأعمال والارتقاء بجودة الحياة للمواطن المصرى، والرؤى والمقترحات بشأن ترتيب الأولويات فى تخصيص الإنفاق العام.
وضع مقترحات بشأن ترتيب الأولويات في تخصيص الإنفاق العام
وحلول عملية لضمان الانضباط والاستدامة المالية
وفى الجلسة الثانية اليوم، يستهدف المؤتمر الوقوف على حلول عملية على صعيد السياسات الاقتصادية لضمان الانضباط المالى والاستدامة المالية، ومواجهة انعكاسات الأزمات الاقتصادية على أوضاع المالية العامة على وجه الخصوص.
فعاليات اليوم تستهدف تحديد سياسات لتعزيز مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد
فى حين تناقش الجلسة الثالثة والأخيرة من فعاليات اليوم الأول السياسات النقدية، فى ظل التطورات العالمية، وتستهدف استشراف الرؤى والحلول العملية على صعيد السياسات الاقتصادية؛ للتعامل مع التحديات التى فرضتها الأزمات الاقتصادية، بما يُعزِّز مصداقية سياسة استهداف التضخّم.
وفى محور التصدى للأزمات العالمية، أدت جائحة «كوفيد-19» إلى تعطُّل سلاسل الإمداد، ومن ثمَّ انخفاض النشاط الإنتاجى، وفى المقابل ارتفع الطلب على السلع الاستهلاكية والسلع التكنولوجية؛ نتيجة حزم التحفيز التى أنفقتها الدول؛ مما عزَّز الطلب على المعروض السلعى والخدمى، خاصة مع بدء التعافى من الأزمة، ومن ثمَّ فإن سرعة تعافى الطلب التى قابلها تباطؤ تعافى العرض نتيجة تعطل سلاسل التوريد أدى إلى حدوث فجوة كبيرة بين العرض والطلب نتجت عنها مشكلة ارتفاع الأسعار، وبالتبعية ارتفاع معدلات التضخم فى الكثير من الدول حول العالم.
كما أدّت الأزمة الروسية الأوكرانية إلى تفاقم معدلات التضخم، بسبب ارتفاع أسعار السلع الأساسية، فروسيا ثالث أكبر منتج للنفط بعد المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، ومن أكبر منتجى المعادن حول العالم، كما تشكل كلٌّ من روسيا وأوكرانيا 30% من إجمالى صادرات القمح عالميّاً. وعليه فقد تسبّبت الأزمة الروسية الأوكرانية فى حدوث انتكاسة للتعافى الاقتصادى الهشّ من جائحة «كوفيد-19»، وزيادة أسعار المواد الغذائية والطاقة نتيجة تعطُّل سلاسل التوريد من روسيا وأوكرانيا، مما أدّى إلى تفاقم التضخّم على مستوى العالم ووصوله إلى مستويات غير مسبوقة. وحسب تقرير آفاق الاقتصاد العالمى الصادر عن صندوق النقد الدولى فى يوليو الماضى، فإن الأزمة الروسية الأوكرانية تزيد صعوبة التحكم فى مستويات التضخم.
واستجابة للتضخُّم المرتفع، قامت معظم دول العالم بتشديد الأوضاع المالية، وزيادة معدلات الفائدة، على أمل كبح جماح التضخم العالمى، الذى يتوقع أن يسجل 7.4% خلال عام 2022. ولأن مصر ليست بمعزل عن العالم، فقد قام البنك المركزى المصرى بتشديد سياسته النقدية، حيث رفع سعر الفائدة بمقدار 300 نقطة أساس منذ 21 مارس الماضى وحتى اجتماعه الأخير فى 22 سبتمبر 2022؛ وذلك للحد من ارتفاع معدلات التضخم.
ووفقاً لصندوق النقد الدولى، سيكون لتشديد السياسة النقدية تكاليف اقتصادية حقيقية لا مفر منها، ولكن التأخر فى هذا الإجراء سيؤدى إلى تفاقم تلك التكاليف. ويمكن أن يساعد دعم السياسة المالية الموجَّه للفئات الأكثر احتياجاً على تخفيف الأثر عن تلك الفئات.
وتستهدف جلسة مناقشة التصدى للأزمات العالمية:
- الوقوف على الأبعاد المختلفة لمشكلة التضخم العالمية وانعكاساتها على دول العالم المختلفة.
- التعرّف على أبرز الجهود والسياسات المبذولة من قِبل صانعى السياسات النقدية فى العالم لكبح جماح التضخّم، والحد من ارتفاع الأسعار.
- مناقشة أبرز الجهود المبذولة من قِبل صانعى السياسات فى مصر لكبح التضخم والحد من ارتفاع الأسعار.
- استشراف الرؤى والحلول العملية على صعيد السياسات الاقتصادية للتعامل مع التحديات التى فرضتها الأزمات الاقتصادية، بما يُعزِّز مصداقية سياسة استهداف التضخم.
من جانب آخر تتضمن أجندة المؤتمر الكثير من الجلسات على مدار أيامه الثلاثة؛ بما يُحقق الهدف المرجو منه وفق 3 مسارات أساسية، حيث يشمل المسار الأول، السياسات الاقتصادية الكلية، فيما يركز المسار الثانى على تمكين القطاع الخاص وتهيئة بيئة الأعمال، ويُخصّص الثالث لصياغة خريطة الطريق المستقبلية للقطاعات ذات الأولوية فى برنامج عمل الحكومة للفترة المقبلة.
وتتضمن فعاليات المؤتمر جلسة ختامية سيتم خلالها عرض أبرز النتائج التى خلُص إليها المؤتمر، والتوصيات على صعيد السياسات المطلوبة لمواجهة التحديات الراهنة؛ بما يساعد فى تعزيز صلابة ومرونة الاقتصاد المصرى، إضافة إلى الإعلان عن عدد من المبادرات الحكومية التى سيتم تبنّيها خلال الفترة المقبلة لتنشيط الأداء الاقتصادى.
ويضم المؤتمر الاقتصادى أيضاً جلسات مائدة مستديرة، بما يضمن تعزيز قنوات التواصل والتفاعل بين جميع الحضور، بمشاركة ممثلى الحكومة المصرية، بمن فيهم رئيس مجلس الوزراء والوزراء، وطيف واسع من المفكرين والخبراء الاقتصاديين وممثلو الأحزاب السياسية، بحيث يتم خلال الجلسات قيام رئيس الجلسة بتقديم لمحة موجزة عن أبرز الجهود الحكومية المبذولة حالياً على عدد من الأصعدة، والتحديات القائمة، حسب محاور جلسات المؤتمر المختلفة، ليعقبها حوار مفتوح بين ممثلى الحكومة وعدد من المتحدثين فى هذه الجلسات، فيما سيتم تخصيص الجزء الأكبر من الوقت الزمنى المُخصّص للجلسات للاستماع إلى مقترحات ورؤى المختصين المشاركين فى كل جلسة.