القمص سيرافيم حنا كاهن الغلابة بالإسكندرية.. «راعي الفقراء»
القمص سيرافيم حنا
مهندس عمارة السفن، عرف قبلة سفينة حياته منذ الصغر، حدد بوصلتها تجاه السماء، فارتبط بالكنيسة وعشق ألحانها، حتى أصبح معلم كنيسته العذراء مريم بشارع سيف، في الألحان الكنسية ليصبح كاهنا عليها، ويخدم أبنائها على مدار 30 عاما بمحبة كبرى، ما جعل الجميع يحزن على رحيل القمص سيرافيم حنا، الذي عرف بالكاهن المتحنن و«أبو الغلابة».
«هادئ الطبع، مبتسم الوجه، حنون المشاعر، معطي الفقراء، محبا للألحان» صفات عدة تمتع بها القمص المتنيح سيرافيم حنا، الذي ولد بإسم «ماهر»، في 23 نوفمبر 1962 من أسرة ميسورة الحال، لديها منطقة كاملة في شبراخيت تسمى «كفر أبو حنا» بالإضافة إلى مصنع بلاستيك، كل هذا لم يشغله بل انشغل بالكنيسة ورغب في الرهبنة تاركا كل ذلك خلفه، إلا أن رغبة أسرته حالت دون ذلك، فعاد ورسم كاهنا في 19 يونيو 1992 بيد المتنيح البابا شنودة الثالث، لكنه بقلب راهب لا تشغله الدنيا.
القمص سيرافيم حنا.. راعي الفقراء
تميز «أبونا سيرافيم» عن الكهنة الآخرين، فلقبوه بمسمى «كاهن حسب قلب الله»، حيث يهب الجميع ابتسامة جميلة في كل الأوقات، ولا يتأخر على سؤال أحد، موزعا من ثروته على الفقراء دون أن يعرف أحد، وهو سره الذي كشفته الأيام وقت مرضه حين تبين راعيته لأسر مستترة بدون الإفصاح عنهم محافظا على كرامتهم، بحسب ما تحدث عنه القس ميخائيل شنودة، راعي الكنيسة معه.
القمص سيرافيم حنا.. ملاك على الأرض
كان له من اسمه نصيب، لأن «سيرافيم» هو اسم أحد طغمات الملائكة، فكان ملاكا على الأرض، يسبح الألحان كالملائكة ما جعله «مرجع للكنيسة كلها في الألحان» بحسب موريس عزيز، أحد أصدقائه، الذي قال عنه إنه كان «ملاك عايش على الأرض»، فهو أخلى ذاته وحياته واهتم بالأبدية، وارتبط بالصوم رغم مرضه فكانت جملته الشهيرة: «الصيام أحلى.. هو أنا هربي جسمي للدود».
الكاهن المتحنن
«ابونا سيرافيم كان لديه صفة الحنان، قلما أو يندر أن يكون رجل حنين، إلا أن الله أعطى أبونا سيرافيم هذه العطية وتاجر بها كالوزنات»، هكذا وصفه الأنبا بافلي، أسقف عام كنائس المنتزه، متحدثاً عن أهم ميزة من مميزات عدة تمتع بيها القمص المتنيح خلال فترة خدمته والتي وصلت في محطاتها الأخيرة إلى ترقيته إلى رتبة القمصية في 14 نوفمبر 2020 بيد البابا تواضروس الثاني، أي قبل عامين من نياحته، والتي تبعها شدة المرض عليه بالتحديد في الـ6 أشهر الماضية.
متواجد في الكنيسة لآخر لحظة
مرض شديد نتيجة جلطة دماغية أثرت على حركة القمص سيرافيم حنا، ورغم ذلك كان يرغب في القدوم إلى الكنيسة، وهو ما قد كان بتواجده خلال سهرة كيهك السبت الماضي أي قبل 5 أيام من وفاته، على كرسي متحرك، يده لا تقدر على الحركة إلا أنها كانت «ترعش» بشكل لا إرادي مع دقات «الدف» الذي اعتاد مسكه وضرب مقبضيه سويا خلال ترتيل الألحان، فكان المشهد الأخير قبل أن تغلق صفحات كتاب أب حقيقي لأبناء كنيسته بعد وفاته عن عمر ناهز 60 سنة، بعد خدمة كهنوتية حوالي 30 سنة، وقبلها سنوات عدة شماسا ومعلما للألحان.