خبير اقتصادي: الدول الكبرى تواجه أزمة معقّدة واحتجاجات تهدد مستقبل أنظمتها الاقتصادية
د. كريم العمدة
يعانى العالم من ارتفاع فى الأسعار ومعدلات تضخم كبيرة، خاصة فى ظل الأزمة الروسية الأوكرانية وتداعيات فيروس كورونا المستجد «كوفيد 19» الذى أحدث أزمات فى اقتصاديات الدول المتقدمة قبل الناشئة رغم قوة اقتصادها، لأنها أصبحت أزمة مركبة معقدة يستعصى على أى اقتصاد حلها بشكل جذرى فى الوقت الحالى، وكان لـ«الوطن» هذا الحوار مع الدكتور كريم العمدة، أستاذ الاقتصاد والسياسة للاطلاع على تبعات الأزمة الاقتصادية العالمية، وإلى نص الحوار:
العمدة: مصر تجارتها الخارجية مرتبطة بالاتحاد الأوروبي بنسبة 40%
ما تبعات ارتفاع الأسعار فى عدة دول، وما انعكاساتها على مصر؟
- العالم كله مرتبط ببعضه، وسيؤثر ذلك الارتفاع على مختلف الدول، ومصر تجارتها الخارجية بنسبة 40% مع الاتحاد الأوروبى، فلا بد أن تتأثر خلال الفترة المقبلة فى ظل الأزمات الاقتصادية فى أوروبا، فرنسا وألمانيا تحديداً، لوجود تأثير على حركات رؤوس الأموال فى مختلف الدول، خاصة فى مصر، وكذلك سيؤثر ذلك على انخفاض أعداد السياحة فى مصر الفترة المقبلة، كما أن هذه الدول مُقرضةٌ لمصر ومانحة، لذا فإن الضرر الاقتصادى الواقع عليها سيؤثر بالتالى على مصر لأن كل دولة ستعمل على تقليل إنفاقها.
كيف سيؤثر ارتفاع أسعار الطاقة فى العالم على مصر؟
- ستبدأ أسعار الطاقة فى العالم فى التحرك بشكل متذبذب وهذا سيؤثر على دول الخليج التى ستؤثر بشكل كبير على مصر، وسيحدث تضخم مستورد يؤثر على العملة الصعبة، وستحاول مصر فتح مجالات جديدة للدولار فى ظل محاولات تحريك العملة المصرية، كما أن تراكم أزمتى أوكرانيا وروسيا وجائحة فيروس كورونا المستجد خلال عامين أدى إلى صعوبات اقتصادية على أوروبا وعلى دول الخليج وعلى الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا ما ظهر فى بيانات البنك الدولى الذى حذر من تباطؤ النمو وارتفاع الأسعار حول العالم، وسط توقعات بأن يكون عام 2023 عام ركود اقتصادى فى الوقت الحالى.
كيف تتدخل الدول لتخفيف تبعات الأزمات على المواطنين؟
- الدول ستعمل عبر عدة برامج لحماية المواطن من ارتفاع الأسعار، وهذا سيكون عبر زيادة الفائدة لاحتواء التضخم، وكذلك توفير برامج حماية اجتماعية ومساعدات للدول الفقيرة، خاصة تلك التى تتلقى مساعدات دولية، سواء من منظمات إقليمية أو دولية مثل دول العالم الثالث والقارة الأفريقية.
هل تنتشر ظاهرة الاحتجاجات فى الاتحاد الأوروبى الفترة المقبلة فى ظل ارتفاع الأسعار هناك؟
- بالطبع ستكون هناك احتجاجات، وهذا ظهر فى ألمانيا صاحبة أكبر اقتصاد فى أوروبا، وفى فرنسا ثانى أكبر اقتصاد فى الاتحاد الأوروبى، إذا أخرجنا بريطانيا من المعادلة، ولكن فى نهاية الأمر، هذه الدول والكيان الأوروبى مجتمع قادر على تحويل الأزمات لديه إلى فرص، لأن معدلات التضخم لعدة سنوات فيه كانت بالسالب ولكن أصبح التضخم مرتفعاً فى الوقت الحالى فقط، بينما الدول الناشئة يصل التضخم فيها منذ عدة سنوات إلى نحو 200% وهذا يسبّب أزمات كبيرة للدول فى الوقت الحالى مع مرور العالم بالأزمة الاقتصادية الخانقة.
هل يطيح ارتفاع معدلات التضخم ببعض الوزارات حول العالم؟
- أستبعد هذا الأمر، لأن الأزمة الاقتصادية لم تصل إلى ذروتها، ولكن قد يتم توجيه انتقادات واسعة لوزراء المالية فى مختلف الدول، وهذا حدث بالفعل فى دولة ألمانيا الاتحادية، حيث وجّه النواب اللوم لوزير المالية بسبب ارتفاع معدلات التضخم فى البلاد ووصولها إلى 7% لأول مرة منذ سنوات، فى ظل أزمة الطاقة التى تمر بها البلاد من الأساس بسبب الأزمة الروسية الأوكرانية التى بدأت نهاية فبراير 2022، حيث تعتمد ألمانيا على أكثر من 50% من الطاقة لديها على روسيا التى قطعت إمدادات الغاز عنها رفضاً للعقوبات الاقتصادية التى وقّعتها عليها الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة الأمريكية فى مارس الماضى، التى شملت منع استيراد قطع غيار الأسلحة الروسية.
حلول لأزمة البترول
اتجهت دول الاتحاد الأوروبى إلى دول الخليج فى محاولة لحل الأزمة لديها فى ظل الحرب الاقتصادية بين روسيا والغرب، وهذا يؤثر بشدة على الدول الفقيرة والناشئة، وقد شاهدنا أزمة فى سلاسل الغذاء مؤخراً وكذلك ارتفاع الأسعار فى دولة زامبيا التى قررت رفع سعر الوقود فيها فى ظل اقتراب مرور عام على الأزمة الروسية الأوكرانية، وسط تخوفات من اندلاع الاحتجاجات فيها الفترة المقبلة بسبب هذا الأمر، وأرى أن تحديد الاتحاد الأوروبى سقفاً لبرميل النفط الروسى سيهدئ نوعاً ما من ارتفاع البترول والنفط الفترة المقبلة.