هنا دمشق من القاهرة.. سوريا تعود لـ«بيت العرب»
مصر: الحل السياسي سبيل تسوية الأزمة.. وتفعيل الدور العربي لقضايانا
الاجتماع الاستثنائى لمجلس جامعة الدول العربية لمناقشة تطورات الوضع السورى
استعادت سوريا، اليوم، مقعدها فى جامعة الدول العربية، بعد تبنى القرار فى اجتماع مغلق لوزراء الخارجية العرب بعد غياب 12 عاماً، ظل خلالها مقعد «دمشق» شاغراً، وقال جمال رشدى، المتحدث باسم الأمين العام، إن الجامعة تبنت رسمياً قرار عودة سوريا لـ«بيت العرب».
وأكد سامح شكرى، وزير الخارجية، الذى ترأس الدورة غير العادية لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزارى، باعتباره رئيس الدورة الحالية الـ159 للمجلس، أهمية هذا الاجتماع، الذى يتيح المجال للتشاور والتنسيق حول تطورات الأوضاع فى الجمهورية العربية السورية، وتجديد دعمنا لأشقائنا فى سوريا فى سبيل سعيهم للخروج من أزمتهم المستمرة فى أقرب الآجال، هذه الأزمة التى امتدت تبعاتها السلبية من إرهاب، ودمار، ونزوح، ولجوء، إلى سائر دول المنطقة والعالم، وصولاً إلى فقدان شعب شقيق له إسهامات تاريخية فى الحضارة العربية لمفهوم الوطن الآمن.
وقال: «لقد استمرت معاناة أشقائنا السوريين عاماً تلو الآخر، بل وتفاقمت نتيجة تعثر التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة، وتعدد التدخلات الخارجية فيها، وانصراف انتباه المجتمع الدولى إلى قضايا أخرى، ما أنتج حالة من الجمود التام طالت لسنوات، وهو أمر كان لا يمكن لنا كدول عربية السكوت عنه، بعدما بات مصير الشعب السورى بجميع أطيافه مرتبطاً بالمواءمات على الساحة الدولية، التى تشهد حالة من الاستقطاب غير المسبوق، وأصبح رهينة للجماعات الإرهابية التى زجت إلى الساحة السورية بواسطة دول وتنظيمات لتحقيق أغراض سياسية، بحيث كرست وجودها على الأراضى السورية، وبقى الشعب السورى بمفرده فى مواجهة تحديات عديدة ومتراكمة أثقلت كاهله».
وأضاف: «لقد صار التساؤل المشروع فى هذا السياق عما حققته نتائج تدويل أزمة دولة عربية شقيقة، وعن حقوق ومستقبل أبناء شعبها؟». وشدد على أن الدول العربية تولى أهمية كبيرة لأن تكون لها إسهاماتها الملموسة والمباشرة فى صياغة حلول أزماتنا، وهو الأمر الذى يحظى باهتمام خاص فى مصر انطلاقاً من إيماننا بمبدأ الحلول العربية للقضايا العربية، وبضرورة تكاتف وتضامن الأشقاء فى تجاوز التحديات، وبأهمية تفعيل الدور العربى القيادى لتسوية قضايانا بأنفسنا، والنأى بها عن التعقيدات الدولية والإقليمية الأخرى حفاظاً على مصالحنا المشتركة، وأوطاننا، وأمنها».
«شكري»: حذرنا من تداعيات الصراع المسلح في الأراضي السورية ومحاولة الحسم العسكري ولم تلق هذه التحذيرات آذاناً مصغية
وقال: «لقد أثبتت جميع مراحل الأزمة السورية أن لا حل عسكرياً لها، وأنه لا غالب ولا مغلوب فى هذا الصراع، بل حذرت مصر على مدار السنوات الماضية ومنذ بداية الأزمة من تداعيات الصراع المسلح فى سوريا ومحاولة الحسم العسكرى، ولم تلق هذه التحذيرات آذاناً مصغية».
وأضاف: «ومن ثم، فإننا على اقتناع تام بأن السبيل الوحيد للتسوية هو الحل السياسى بملكية سورية خالصة دون إملاءات خارجية، واستيفاء الإجراءات المرتبطة بتحقيق التوافق الوطنى بين الأشقاء السوريين، وبناء الثقة، ومواصلة اجتماعات اللجنة الدستورية، على نحو يتماشى مع المرجعيات الدولية وقرار مجلس الأمن رقم 2254، وبما يلبى تطلعات الشعب السورى ويحقق آماله المشروعة فى غد أفضل، ويضمن الحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها وسلامتها الإقليمية وعروبتها، وينهى كل مظاهر التدخلات الخارجية فى شئونها، بما فى ذلك الاعتداءات على أراضيها، ويفضى إلى القضاء على جميع صور الإرهاب وتنظيماته والفكر المتطرف دون استثناء، ويوفر البيئة المناسبة للعودة الطوعية والآمنة للاجئين والنازحين، ويفتح المجال أمام البناء والتنمية، ما يعزز من عناصر الاستقرار فى الوطن العربى والمنطقة».
وتابع وزير الخارجية: «إنه من هذا المنطلق، واصلت مصر جهودها، بالتعاون مع أشقائها العرب، والدول الصديقة، والمبعوث الأممى الخاص إلى سوريا، من أجل الإسهام فى تحقيق هذه الأهداف».
وجاءت الاجتماعات العربية الأخيرة التى استضافتها كل من المملكة العربية السعودية، والمملكة الأردنية الهاشمية، فى إطار تفعيل الدور العربى فى حل الأزمة السورية من خلال مقاربة تنفيذية وفق منهجية (خطوة مقابل خطوة) وبما يهدف لمعالجة جميع تبعات الأزمات السياسية والأمنية والإنسانية.
شكري: على الحكومة السورية المسئولية الرئيسية في الوصول لهذا الحل
وقال إنه مما لا شك فيه أن انضمام الجمهورية العربية السورية إلى البيان الختامى لاجتماع عمان يوم الأول من مايو الجارى هو تطور إيجابى، وخطوة مهمة على صعيد إثبات حسن النوايا وتنفيذ التعهدات وتعزيز التعاون العربى - العربى لحل الأزمة السورية.
ونتطلع فى هذا السياق إلى مواصلة اتخاذ الخطوات التنفيذية للتطبيق الكامل لمخرجات اجتماع عمان، ودعم المجتمع الدولى لها. وقال إنه فى الوقت الذى تضطلع فيه الدول العربية بمسئولياتها فى دفع الحل السياسى للأزمة فى سياق الجمود الدولى الحالى، فإننا نشدد أن على الحكومة السورية المسئولية الرئيسية فى الوصول لهذا الحل، وتنفيذ الالتزامات ذات الصلة، ونجدد كذلك التأكيد على ضرورة وفاء الدول المعنية بالأزمة والمجتمع الدولى بالتزاماتها تجاه الشعب السورى.
وأضاف: «من هذا المنبر، فإننا نعيد التأكيد على ضرورة إعلاء مفهوم الوطن الجامع الآمن، ووفاء كل من الحكومة السورية، والقوى الوطنية والمكونات السورية، والمجتمع الدولى، والدول المعنية بالأزمة، بالتزاماتها، كل تجاه الآخر، لكى تعود سوريا إلى السوريين موحدة، ومستقرة، ومستقلة، كما نحب أن نراها، فلا يستقيم أن يكون من بين أبناء أمتنا العربية من هو لاجئ أو نازح أو متضرر من ويلات الإرهاب والاختطاف والحروب والكوارث».
وفى ختام كلمته، أعرب «شكرى» عن تطلعه إلى المزيد من النقاش وتبادل وجهات النظر بين الدول أعضاء الجامعة حول جهودها فى الشأن السورى، ومسارات تفعيل آليات العمل العربى المشترك من أجل رفع معاناة الشعب السورى العزيز، وقال: «علينا جميعاً مسئولية تاريخية لنقف إلى جواره، ومساعدته على طى صفحة حزينة وطويلة من تاريخه وتاريخ الشعوب العربية».