أستاذ اقتصاد: أسواق نصف الجملة أفضل حل لمواجهة جشع التجار.. وستكون الاختيار الأول للمستهلك «حوار»
الدكتور عمرو صالح أستاذ الاقتصاد السياسي
قال د. عمرو صالح، أستاذ الاقتصاد السياسى ومستشار البنك الدولى السابق، إن أسواق الجملة ونصف الجملة، التى يتابع الرئيس السيسى استكمال العمل عليها تُعد من أفضل القرارات المرتبطة بوصول السلع إلى المواطنين وتخفيف أزمة غلاء السلع واحتكارها ومواجهة جشع التجار.
وأوضح «صالح»، فى حواره مع «الوطن»، أن أسواق نصف الجملة تعمل الدول المتقدمة على تطبيقها للاستفادة من وفرة السلع وشرائها بأسعار منخفضة.. وإلى نص الحوار:
صالح: ستزيد المنافسة مع الأسواق التقليدية وتوفر السلع بأسعار مناسبة لصالح المواطن
حدّثنا عن أسواق «نصف الجملة»، وكيف يعتمد المواطنون عليها فى شراء السلع؟
- وجود هذا النوع من الأسواق فكرة رائعة، وهى لا تعنى فى مضمونها ما يرتبط باقتصاد الفقر أو اقتصاد الأزمة، فإذا نظرنا إلى بعض الدول المتقدّمة أو سافرنا إلى دول أوروبية سنجد أسواق الجملة وأسواق نصف الجملة موجودة، وهناك إقبال كبير من المواطنين على شراء السلع والبضائع، التى تصل إلى هذه الأسواق عن طريق ما يُعرف بـ«دى بو»، وفى الولايات المتحدة الأمريكية هناك مستودعات تبيع السلع بالجملة، وتذهب العائلات الأمريكية إليها من أجل شراء ما يكفى من الطعام والمستلزمات المنزلية لمدة شهر.
هل يفتقد المصريون ثقافة الشراء بالجملة؟ وهل ترى عزوفاً من المواطنين عن مثل هذه الأسواق؟
- تنتشر أسواق الجملة ونصف الجملة فى عدد من بلدان العالم ويتردّد عليها الناس رغم بعدها عن الأماكن القاطنين فيها، وذلك بعكس المصريين الذين يفضلون الشراء من المحلات والأسواق القريبة، ولذلك فالفكرة ممتازة أن تفكر الحكومة فى إنشاء تلك الأسواق الجديدة، التى ستوجد فى المناطق كثيفة السكان، وبالتأكيد سيُخفف هذا من العبء الاقتصادى عن المواطنين.
ما الفرق بين الأسواق التقليدية والجديدة.. وكيف يصب التنافس بينهما فى مصلحة المواطن؟
- الفرق كبير، خاصة أن أسواق الجملة ونصف الجملة سيكون متاحاً بها جميع متطلبات المواطنين، غير أن الأسعار ستكون منخفضة عن الأسواق التقليدية، وتعمل على توفير الوقت الذى لا يقدّر بثمن، فالمواطنون عندما يتوجهون إلى مكان يستطيعون من خلاله توفير جميع احتياجاتهم، وبأسعار أقل، فيوفرون الوقت والمجهود والطاقة والبنزين وأماكن الانتظار والتكدّس ومخالفات المرور، مما يخلق نمطاً جديداً مختلفاً عن الأسواق التى اعتادوا الذهاب إليها، خاصة المترددين على المحلات الصغيرة ومحلات البقالة لقضاء احتياجاتهم، ولكن عندما توفر الدولة هذه الأسواق، بالتأكيد سيتغير نمط الاستهلاك إلى الأفضل. وستكون هناك منافسة شديدة مع الأسواق التقليدية والعشوائية، لأن الدولة ستوفر السلع الغذائية بأسعار مناسبة فى متناول المواطن، وهى نقطة مهمة مفصلية وشرعية وحق من حقوق الدولة وحقوق المواطن عليها؛ مما سيُجبر التجار الجشعين على خفض أسعار المنتجات لديهم.
ما الذى يمكن أن توفّره الحكومة لنجاح هذا المشروع؟
- الدولة يمكنها التنظيم الجيد المتمثل فى آلياتها وقدرتها على تأمين نجاح هذه الأسواق كغيرها من المشروعات القومية التى نفّذتها على أكمل وجه، بالإضافة إلى نجاح الحكومة فى توفير البنية التحتية اللازمة لتنفيذ الأسواق الجديدة، فعلى سبيل المثال تقع سوق أحمد فخرى فى حى مدينة مصر على مساحة 2.64 فدان، وتقع سوق المقطم على مساحة 6.8 فدان، وتتكون السوق من 18 مبنى، وتضم 40 محلاً و4 منشآت نمطية عبارة عن دور أرضى وأول وثانٍ، ومبنى مخابز ومظلتين للباعة الجائلين بإجمالى 230 محلاً، وتقع سوق عمار بن ياسر على مساحة 9 أفدنة وتضم منطقة السوق التجارى والنادى الاجتماعى، لتكون متنفّساً لسكان المقطم بإجمالى 151 محلاً.
تفيد المستهلك بتقديم أسعار مناسبة والتاجر بتحقيق هامش ربح كبير وجذب رؤوس أموال
إلى أى مدى ستكون بديلة للأسواق العشوائية وتُنهى جشع التجار واحتكار بعض السلع؟
- بالطبع هذه الأسواق أفضل من الأسواق العشوائية، وربما تصبح هى الاختيار الأول للمستهلك المصرى، لأن السر يكمن فى تجارة الجملة، فعندما يشترى التاجر بكميات أكبر يحصل على المزيد من الخصومات، وبالتالى يمكن أن يستفيد المستهلك، ومن جانب آخر تحتاج التجارة بالجملة إلى رؤوس أموال أكبر وجانب كبير من التنظيم.
أسواق المحافظات
اللجوء للأراضى والمساحات غير المستغلة فى مثل هذه المشروعات جانب مهم للغاية ونوع من قدرة الدولة على استثمار أراضيها المتاحة والشاغرة والقريبة من السكان، وهو جهد لا يستطيع أى تاجر أو مؤسسة تنفيذه، إذ استطاعت الدولة تخصيص 283 قطعة أرض فى المحافظات لإقامة تلك الأسواق، بجانب توفير أماكن التخزين ورأس المال، بما يعتبر إحدى النقاط الذكية التى يجب أن نوجّه التحية والتقدير عليها للجهات السياسية التى سعت بكل ما لديها لتغيير نمط الاستهلاك من فردى إلى جماعى من خلال شراء السلع بسعر الجملة.