في الذكرى الـ56 للتنحي.. كيف صاغ «هيكل» أشهر خطاب لـ«عبدالناصر»؟
الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر
كلمات عصيبة، ذرف معها ملايين المصريين دموعهم، حسرة وحزنا على مصير مجهول آنذاك، الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر وقف أمام الجميع، بعد هزيمة حرب 1967، وقرر التنحي والعودة لصفوف الجماهير، ذلك المشاهد الصعب الذي شهدته مصر في مثل ذلك اليوم 9 من يونيو عام 1967، يمر عليه 56 عاما، لولا رغبة المصريين التي خالفت ذلك.
خطاب التنحي لعبد الناصر
كلمات خطاب التنحي المؤثرة، خرجت من قلم واعٍ، لتلمس قلوب الملايين، وتعيش حتى أيامنا الحالية، لما لا وقد سردها الكاتب الصحفي الراحل محمد حسنين هيكل، والذي شهد على اليوم، منذ السابعة صباحا حتى السادسة مساء؛ إذ توجه في الصباح الباكر إلى الرئيس الأسبق عبد الناصر، ومعه مسودة خطاب التنحي الذي كلفه به.
«نصل الآن إلى نقطة هامة في هذه المكاشفة بسؤال أنفسنا: هل معنى ذلك أننا لا نتحمل مسؤولية في تبعات هذه النكسة؟ وأقول لكم بصدق، وبرغم أية عوامل قد أكون بنيت عليها موقفي في الأزمة، فإنني على استعداد لتحمل المسؤولية كلها، ولقد اتخذت قرارا أريدكم جميعا أن تساعدوني عليه، لقد قررت أن أتنحى تماما ونهائيا عن أي منصب رسمي وأي دور سياسي، وأن أعود إلى صفوف الجماهير، أؤدي واجبي معها كأي مواطن آخر».
الكاتب محمد حسنين هيكل: كنت شاهدا على التاريخ
كانت هذه السطور من خطاب الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر بمثابة صدمة هائلة للمصريين، بثتها الإذاعة المصرية مساء 9 يونيو 1967، عقب أيام من هزيمة أمام جيش الاحتلال، تلك التفاصيل التي رواها «هيكل» بنفسه خلال لقاء تليفزيوني سابق.
يحكي «هيكل» كيف قضى أصعب ليالي عمره وهو يصوغ كلمات صعبة، سيسمعها الملايين عقب ساعات، ووصفها قائلًا: «تلك تجربة في الكتابة من أقسى ما عانيت في حياتي، وقد ظللت معها ليلة كاملة دون نوم، تحت وطأة هم الكلمات، وقبلها هموم الأحداث الجارية إثر الحرب».
وأضاف «هيكل» أنه عندما عاد بنص الخطاب، طلب منه «عبد الناصر» أن يقرأ عليه الخطاب حتى يتعود عليه، وقدر وقته بنحو ثلث الساعة، وقال لـ«هيكل» إن الناس لا بد أن تعرف الحقيقة وما حدث: «الحقيقة لا بد أن تكون واضحة للناس».
ويوضح هيكل في لقاءه، أن «عبد الناصر» عرض عليه أن يذهب معه لقصر القبة لكي يكون إلى جواره وقت إلقاء هذا البيان التاريخي، لكنه اعتذر وطلب من الرئيس أن يعفيه، فذلك أكثر مما يمكنه احتماله، على حد قوله، واصفًا آخر دقيقة من لقائهما في هذا الوقت العصيب بالمؤثرة عندما تصافحا واستدار هيكل ليهرع مغادرا المكتب.
واختتم أنه كان شاهدا وحيدا عاش مع جمال عبد الناصر: «رأيت بنفسي وتابعت، وكانت لدي فرصة وشرف المساعدة في 3 وثائق تاريخية وهي خطاب التنحي 9 يونيو، ورسالة إلى مجلس الأمة في ظهر 10 يونيو، وبيان 30 مارس 68».