اقتصاديون: «الجمهورية الجديدة» ترفع شعار عودة الريادة للصناعة الوطنية
«السيد»: الحكومة اعتمدت سلسلة من الإجراءات لتطوير المجمعات
الاهتمام بالتوطين المحلي وتشجيع الصناعات الصغيرة
اتفق خبراء اقتصاديون على أن الدولة المصرية استطاعت النهوض بالقطاعات الحيوية على مدار عشر سنوات، وعلى رأس هذه القطاعات قطاع الصناعة الذى شهد تطوراً ملحوظاً فى الآونة الأخيرة، وجاءت ثورة 30 يونيو لتضع الاقتصاد على طريق النمو من خلال برنامج الإصلاح الاقتصادى ورؤية «مصر 2030»، واعتمدت الدولة سلسلة من الإجراءات لتحسين بيئة الأعمال، وأصدرت قوانين الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والاستثمار، والإصلاح الضريبى، بجانب تفعيل الخريطة الاستثمارية، والتعديلات التى تمت على قوانين المؤسسات العامة، والجمارك، وسوق رأس المال، وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وتمتلك مصر مقومات الصناعة الطبيعية والصناعية، من خلال موقع جغرافى مميز، ومناخ معتدل يناسب أغلب الصناعات، هذا إلى جانب توافر المواد الخام ومصادر الطاقة اللازمة للصناعة، فضلاً عن الأيدى العاملة الماهرة المتوفرة بمصر، وشبكة مواصلات وطرق متطورة.
«كيلاني»: جهود الدولة أسهمت في جذب الاستثمارات الأجنبية.. وقراراتها الإصلاحية ساعدت في الصمود أمام «جائحة كورونا» والأزمة العالمية
وقال محمد الكيلانى، الخبير الاقتصادى، إن الاقتصاد الكلى تأثر بتطورات الاقتصاد العالمى، من حيث الصادرات والاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة والسياحة وتحويلات العاملين بالخارج، وكذلك تأثرت مؤشرات الاقتصاد بالتقلبات السياسية التى شهدتها الدولة خلال ثورة يناير 2011، مشيراً إلى أن مصر لم تكن بمعزل عن مجريات الأمور بالعالم، فقد انخفض معدل النمو الاقتصادى من متوسط 5% فى الخمسة أعوام السابقة على 2011، إلى متوسط 2% فى الأربع سنوات التالية لها، ثم جاءت «30 يونيو» لتضع الاقتصاد المصرى على طريق النمو والنهوض بالكثير من القطاعات، على رأسها قطاع الاستثمار. وأضاف «كيلانى»، لـ«الوطن»، أنه رغم تأثر الاقتصاد المصرى بهذه الأزمات، مثله مثل باقى اقتصادات المنطقة، إلا أن مصر شرعت فى اتخاذ خطوات جادة لمواجهة تلك الأزمات من خلال إجراءات واضحة للحد من الآثار المترتبة على تلك الأزمات.
وتابع أن الدولة المصرية استطاعت الصمود أمام «كورونا»، وكانت من الدول القلائل التى استطاعت تحقيق معدلات نمو إيجابية رغم الجائحة، بفضل الإصلاحات التى نفذتها منذ عام 2016، وامتلاك مصر مقومات الصناعة الطبيعية والصناعية. كما اهتمت الحكومة والبنك المركزى بملف زيادة الاحتياطيات من النقد الأجنبى، والذى يحتل أولوية قصوى على أجندة الدولة، من خلال تكثيف الجهود المشتركة لتنمية الموارد الدولارية، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، إلى جانب تحفيز القطاع السياحى، فضلاً عن المبادرة الخاصة بسيارات المصريين العاملين فى الخارج، وغيرها.
من جهته، قال الدكتور عبدالمنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، إن الدولة المصرية أظهرت اهتمامها بملف الصناعة عقب «30 يونيو» التى كانت البداية لتعظيم القطاعات الحيوية والنهوض بالاقتصاد، حيث اتجهت مصر لبناء وإقامة وتشغيل المجمعات والمدن الصناعية، وتم إقامة وتشغيل 17 مجمعاً صناعياً و3 مدن صناعية، مثل «مدينتى، ودمياط، والروبيكى».
وأضاف «السيد» أن الدولة المصرية تهتم بالقطاع الخاص كشريك رئيسى فى دعم النمو الاقتصادى وتحقيق التنمية، ومن هذا المنطلق أطلقت مصر «وثيقة سياسة ملكية الدولة» لاستكمال الإصلاحات التى تتبناها فى إطار تعزيز دور القطاع الخاص فى النشاط الاقتصادى وخلق بيئة اقتصادية داعمة وجاذبة للاستثمارات، كما تضع الوثيقة الأسس والقواعد الرئيسية لوجود الدولة فى النشاط الاقتصادى، كمرحلة أولى من مراحل تحديد سياسة ملكية الدولة للأصول المملوكة لها.
وأشار إلى أن الدولة أعلنت فى مايو 2022 عن «وثيقة سياسة ملكية الدولة» لتشجيع القطاع الخاص على الانخراط فى النشاط الاقتصادى، وخاصة بالمشروعات القومية ومشروعات البنية التحتية، وتحقيق مستهدف وصول نصيب القطاع الخاص إلى نحو 65% من إجمالى الاستثمارات المنفذة فى غضون أربع سنوات.
وتابع: «تدعم وثيقة سياسة ملكية الدولة توجهات الدولة لتحسين مناخ الأعمال، إلى جانب الإعلان عن خريطة الاستثمارات التى ستخرج منها الدولة خلال 3 سنوات، وكذلك القطاعات التى تقلل الدولة العمل بها بشكل تدريجى، وأخيراً توضح القطاعات التى لا يمكن أن تتخارج منها الدولة بشكل نهائى نظراً لأهميتها بالنسبة للأمن الغذائى والقومى».
وأوضح مدير مركز القاهرة أنه فى يونيو الماضى تم الإعلان عن إنشاء 4 مدن صناعية و17 مجمعاً فى 15 محافظة، واعتماد 100 إجراء لتحفيز القطاع الصناعى ودعمه بـ12 مليار جنيه، ما يؤكد على التوجه القوى لتعميق الصناعة المحلية فى بعض مجالات الإنتاج عوضاً عن الاستيراد، وأبرزها الصناعات الدوائية والغذائية والهندسية، مع السعى لفتح منافذ تسويق جديدة فى الأسواق الأفريقية خاصة.
وقال «السيد» إن الدولة حرصت على تعزيز منظومة إنشاء المجمعات الصناعية لتلبية احتياجات الصناعة المحلية من مستلزمات الإنتاج والسلع الصناعية الوسيطة، حيث تمثل هذه المجمعات منظومة متكاملة تستهدف توفير المناخ والبيئة والبنية التحتية اللازمة لدعم الصناعات المقامة بها، وتوفير فرص للتوسع بتلك الصناعات.
وقالت هبة زين، الباحثة بالمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، فى دراسة لها حول «دعم وتعزيز الصناعة المصرية»، إن تنمية القطاع الصناعى كان أحد الأهداف الحيوية التى تسعى إليها الدول لتحقيق التنمية الاقتصادية والاستقلالية فى العديد من القطاعات الحيوية، وخلال 10 سنوات مرت، منذ ثورة 30 يونيو، التى كانت منعطفاً مهماً فى تاريخ مصر السياسى والاقتصادى والتنموى، كان توطين الصناعة إحدى أولويات القيادة السياسية بوصفه مسعى أساسياً فى جذب الاستثمارات وتطوير البنية التحتية وتعزيز التكنولوجيا والابتكار.
وأضافت «زين»: «الدولة تبنت استراتيجية شاملة تتضمن: تشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتطوير الموارد البشرية، وتوفير الدعم المالى والفنى للمشاريع الصغيرة والمتوسطة. وتم تنفيذ عدد من المناطق الصناعية الحديثة والمتكاملة، والمشروعات الصناعية الكبرى، ما أسهم فى تعزيز عدد من الصناعات مثل: الصناعات الحربية، والصناعات التحويلية، والتصنيع الغذائى، والمنسوجات، والمعادن، والكيماويات. هذه الجهود أسهمت فى الاستقرار النسبى للسوق خلال أعوام أزمة جائحة كورونا والحرب الأوكرانية».