هل يصح صيام أهل الغيبة والنميمة؟.. «الإفتاء» توضح
الغيبة والنميمة - تعبيرية
الصيام في شهر رمضان عبادة عظيمة، لها فضائل جمة، منها أنها مغفرة الذنوب فمن صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، كما أن الصيام مدرسة للصبر على الجوع والعطش، وتهذيب النفس عن الشهوات، ويربي التقوى في النفس ويقربها من الله تعالى، وينمي مشاعر الرحمة والتعاطف مع الفقراء والمحتاجين، وله فوائد صحية جمة منها تنقية الجسم وتنظيم ضغط الدم، ومع كل هذه الفوائد لا بد أن يرتبط الصيام بحسن الخلق والبعد عن المعاصي مثل الغيبة والنميمة والإثم والعدوان.
الغيبة والنميمة
وعلى الرغم من مكانة هذه الأيام المباركة، إلا أن البعض يقع في ذنب الغيبة والنميمة، والغيبة كما ورد في التفاسير وكتب اللغة هي ذكر المرء بِمَا فيه مما يَكْرَهُ في دينه أو دنياه أو أهله أو غير ذلك مما يتعلق به؛ سواء كان ذلك باللفظ أو بالإشارة أو الرَّمْز، أما ذِكْرُه بما ليس فيه فيكون بهتانًا، وبمعنى أخر هي ذِكْرُ الإنسان بما فيه مما يكره ولو في ماله أو ولده أو زوجه أو نَحوِهَا مُحَرَّمَةٌ؛ سواء أذكره بلفظ أم كتابة أم إشارة بعين أو رأس أو يد أو نحوها.
الغيبة والنميمة في القرآن الكريم
الأصل أن الغيبة مُحَرَّمة بالقرآن والسُّنَّة والإجماع، أما القرآن: فقوله تعالى: ﴿وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ﴾ وقال الإمام الطبري في "جامع البيان": [حرَّم الله على المؤمن أن يغتاب المؤمن بشيء، كما حرَّم المَيْتة]، وقال أيضًا عند تفسيره للآية الكريمة: [أيحبّ أحدكم أيها القوم أن يأكل لحم أخيه بعد مماته ميتًا، فإن لم تحبوا ذلك وكرهتموه؛ لأن الله حرَّم ذلك عليكم، فكذلك لا تحبوا أن تغتابوه في حياته، فاكرهوا غيبته حيًّا كما كرهتم لحمه ميتًا؛ فإن الله حرَّم غيبته حيًّا، كما حرَّم أكل لحمه ميتًا]، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَمَّا عرج بي ربي مررت بقومٍ لهم أظفارٌ من نحاسٍ، يخمشون وجوههم وصدورهم. فقلت: مَن هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم النَّاس، ويقعون في أعراضهم» أخرجه أبو داود في السنن، والإمام أحمد في المسند.
ويزداد إثم هاتين الجريمتين إذا وقعتا أثناء الصيام؛ لأن الصوم تطهير للنفس والقلب والجوارح، والذي منع نفسه من الطعام والشراب - وهما مباحان في غير الصيام - ينبغي له أن يمنع نفسه مما لا يحل في وقت من الأوقات، وهو الغيبة والنميمة.
حكم الصيام لأهل الغيبة والنميمة
أوضحت دار الإفتاء عرب موقعها أنه من المعلوم شرعا أن الذي يؤذي الناس بأي نوع من أنواع الأذى يقتصون منه يوم القيامة بالأخذ من حسناته، فإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه، ثم يُطرح في النار، هكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالصائم الذي يؤذي الآخرين بلسانه، غدا سيأخذون من حسناته التي كسبها بالصيام وغيره، ماذا يبقى له من أجر الصيام؟! ولهذا قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (من لم يدع قول الزور والعمل به؛ فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) رواه البخاري، أي إن الله تعالى: يريد تهذيبنا بالصيام ولا يريد تعذيبنا، وبالتالي فالصيام له أجره والغيبة والنميمة لهما وزرهما الذي ينقص من أجر الصائم.