مصرفيون: قرارات البنك المركزي مرحلة جديدة من الإصلاح الاقتصادي.. وتنعش الاحتياطي النقدي
البنك المركزي المصري
لعب البنك المركزى دوراً محورياً فى زيادة الاحتياطى الأجنبى للبلاد من خلال عدة سياسات وإجراءات تهدف إلى تعزيز الثقة بالنظام المصرفى وضمان استقرار الاقتصاد الكلى منذ يناير 2024 وحتى يوليو من نفس العام، وبحسب خبراء ومصرفيين فقد شهدت مصر تطوراً ملحوظاً فى احتياطياتها من النقد الأجنبى، وذلك بفضل مجموعة من التدابير والسياسات التى نفذها البنك المركزى.
«عبدالوهاب»: توفر مناخاً جاذباً للاستثمارات
وقال د. محمد عبدالوهاب، المحلل الاقتصادى والمستشار المالى: «يمثل احتياطى النقد الأجنبى أحد أهم عوامل التأمين ضد الصدمات الخارجية، ما يعزز من الثقة فى الاقتصاد المصرى، وهو واحد من أهم المؤشرات التى تأخذها وكالات التصنيف الائتمانى فى اعتبارها عند تقييم مخاطر الدول».
وأكد أن قرارات «المركزى» تعد مرحلة جديدة من الإصلاح الاقتصادى فى مصر وتسببت فى توحيد سعر الصرف فى السوق المصرية والقضاء على السوق السوداء.
«على»: نتج عنها وفرة فى السيولة الأجنبية
وأشار أحمد على، الخبير الاقتصادى، إلى أن قرارات (المركزى) عملت على امتصاص التضخم 4 أشهر على التوالى، ونتجت عنها وفرة فى السيولة الأجنبية، كما أنها شجعت المواطنين على التخلى عن الدولار الذى يمتلكونه وبيعه فى البنوك، ما أدى إلى القضاء على السوق السوداء، كما تم ضخ أموال فى البنوك من قبَل الحكومة لتخليص البضائع من الموانئ، ما أدى إلى استقرار أسعار السلع التى كانت قد وصلت لأرقام غير مبررة.
وقال الخبير الاقتصادى د. عبدالمنعم السيد إن قرار لجنة السياسة النقدية جاء لتنفيذ برنامج الإصلاح، مشيراً إلى أنه تم توفير التمويل اللازم من أجل دعم سيولة النقد الأجنبى والتنسيق بين السياسات المالية والنقدية للحد من أثر التداعيات الخارجية على الاقتصاد الوطنى، الأمر الذى يضع الاقتصاد على مسار مستدام للحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلى، وضمان استدامة الدين والعمل على بناء الاحتياطيات الدولية.
وذكر الخبير المصرفى وليد عادل أن البنك المركزى نجح فى جذب الاستثمارات الأجنبية من خلال تقديم تسهيلات مصرفية وجذب رؤوس الأموال إلى السوق المصرية فى الفترة من يناير إلى يوليو 2024، وتم تسجيل تدفقات نقدية أجنبية بقيمة 12 مليار دولار أمريكى، ما أسهم فى دعم الاحتياطيات النقدية، علاوة على ذلك عملت الحكومة على التنسيق مع البنك المركزى لتنفيذ مشروعات تنموية كبرى فى قطاع البنية التحتية والطاقة، ما جذب المزيد من الاستثمارات.
وأضاف: «أجرى البنك المركزى إصلاحات مهمة فى نظام سعر الصرف، متبنياً سياسات أكثر مرونة تسمح بجذب العملات الأجنبية وتحسين وضع الجنيه المصرى مقابل العملات الأخرى فى هذا السياق، وتم تحسين النظام التحويلى للتسهيل على المستثمرين، ما أدى إلى زيادة حجم التحويلات المالية إلى البلاد، على سبيل المثال شهدت تحويلات المصريين العاملين بالخارج زيادة بنسبة 15%، لتصل إلى 8 مليارات دولار أمريكى خلال النصف الأول من 2024».
وتابع: عزز «المركزى» من علاقاته مع المؤسسات المالية الدولية والبنوك المركزية الأخرى للحصول على قروض ميسرة ومنح لإعادة تمويل الديون، حيث تمت الموافقة على حزمة تمويل بقيمة 5 مليارات دولار أمريكى من صندوق النقد الدولى لدعم الاقتصاد الوطنى، ما أسهم فى زيادة الاحتياطيات الأجنبية، كما أبرمت مصر اتفاقيات مالية مع دول صديقة لتعزيز الاستثمارات الثنائية.
«الدماطى»: الجهاز المصرفى العمود الفقرى للاقتصاد
وأشارت الخبيرة المصرفية سهر الدماطى إلى أن الاحتياطى الأجنبى مهم جداً لأنه يغطى تقريباً 7 أشهر واردات من السلع الأساسية لمصر، وبالتالى فإن توافر هذه السلع مهم للدولة لأنه يؤدى إلى الاستقرار، والسبب وراء السعى لارتفاع الاحتياطى الأجنبى هو الارتفاع فى الأسعار العالمية للقمح والذرة وخلافه، لذا حافظ البنك المركزى المصرى باستمرار على زيادة الاحتياطى النقدى فى ضوء التطورات العالمية.
وأضافت أنه من هذا المنطلق لا بد من الاستمرار لزيادة الاحتياطى لتغطية جميع التقلبات الجيوسياسية، وضمان وجود على الأقل 7 أشهر ونصف الشهر واردات من أهم السلع الأساسية، ولذلك سعى (المركزى) لضبط السياسة النقدية واستقرار الأسعار، سواء فى فترات التضخم أو الركود، من خلال استخدام جميع الآليات الموجودة لديه لكبح التضخم والنهوض بالدولة.
وتابعت أن ارتفاع التضخم ووصوله إلى مستويات غير مسبوقة فوق الـ40٪ كان من أهم المشكلات، ولكن على مدار 4 أشهر على التوالى استمر معدل انخفاض التضخم ووصل إلى نحو 26% وهو مؤشر إيجابى.
ونوهت بأن لجنة السياسة النقدية تمتلك آليات ضخمة جداً فى التعامل مع التضخم، على سبيل المثال عملت على استخدام آلية الفائدة والاحتياطى النقدى وسحب أموال من السوق وطرح شهادات، واستخدمت كل الوسائل المهمة لاستقرار الأسعار.
وأوضحت الخبيرة المصرفية أن دور (المركزى) الأساسى ليس جذب الاستثمارات، ولكن هناك عوامل أساسية تؤدى إلى ذلك تحدث من خلاله؛ أهمها استقرار سعر الصرف، ووجود سعر صرف مرن يعبر عن سعر العملة، وعدم وجود سوقين، وبالفعل استطاع البنك القضاء على السوق الموازية، ما يشجع المستثمرين الأجانب.
وأشارت إلى أن المستثمر عندما يأتى للاستثمار يرغب فى أن تكون لديه القدرة على تحويل أرباحه، وقانون عام 2020 كان واضحاً جداً وأشار إلى أن (المركزى) لا يمنع إطلاقاً تحويلات المستثمرين الأجانب، بالإضافة إلى استمرار البنك فى برنامج الإصلاح، وهو أمر مهم جداً كسياسة نقدية تتضمن نقاطاً فى غاية الأهمية وهى معالجة جميع التقلبات التى تحدث سواء فى زيادة التضخم أو الركود، وعمل البنك على معالجتها واستخدام آلياته حتى لا يكون هناك عبء على المستثمرين.
ولفتت إلى أن الجهاز المصرفى هو العمود الفقرى للاقتصاد، وهو القادر على استثمار جميع ودائع وشهادات المواطنين وضمانها، وهو الوحيد الذى يضمنها بعكس البنوك الأجنبية، بالإضافة إلى التزام (المركزى) بأسس (مجموعة بازل) المنظمة لمخاطر البنوك لضمان سلامة البنوك والاستمرار الجيد للودائع والتمويل الصحيح المناسب للقطاعات الإنتاجية المختلفة.