قلم حبر
تلك الزجاجة البنية اللون.. أتذكر جيداً تلك الريشة الموضوعة بجانبها على ذلك المكتب الممتلئ بالكتب، إنه أنا، هل تتذكروننى؟ أشعر بأنفاس أصحاب ذلك المكان عندما تلامس أصابع أيديهم جسدى الممشوق ذا اللون النقى من أرقى ريش النعام، فأرقص على الورق الأبيض لكى أرسم بدمى كلماتهم التى تحمل جميع تلك المعانى المختلطة بمشاعرهم، فبداخلهم مشاعر لا يفهما أحد سوى أنا وصديقتى التى بدونها لا أصلح، فهى تلك الورقة البيضاء التى تتشكل بدمائى حين ترسم حروفهم. كان فى منتصف التسعينات كاتب صغير يعشق ما يشعر به ويتفنن فى كتابته، كنت أحيا مئات اللحظات عندما تلامس يداه جسدى، كان دائماً مختلفاً يتميز بشىء غريب، فأسلوبه الراقى وإحساسه الرقيق وصوته الهادئ كأنه خُلق لى.. أتذكر عندما كان يمسك بى، كنت أتعمق بداخله وكأنى طائر فى سماء مليئة بالنجوم.. ذات ليلة كنت معه فى سهرة لم تتكرر، كان الجو مرتبكاً فى المنزل، سمعت صوتاً يطرق على الباب وبعدها دخل رجل أسمر ذو قامة طويلة ممتلئ الجسد تحدث إليه بصوت منخفض قائلاً: إن والده يريده، فوضعنى جانباً وذهب إليه. كان والده يمثل له طريق الإحباط فى حياته، فلم يعترف أبداً أنه متفوق عن البقية، كان دائماً يحبطه بدون أى سبب، سُرعان ما انتهى حديثهم ووجدته يدخل الغرفة وعيناه تدمعان، أغلق الباب بقوة كاد ينكسر، ترك المكان وأخذنى بصحبة رفيقتى إلى مكان تهدأ فيه الأعصاب ويشعر فيه بالراحة، فوقف على شاطئ البحر العميق، كان منتصف الليل.. هدوء يقتله الصمت، ظلام دامس يقتله ضوء القمر الخافت، ذلك هو المكان. ترتجف يداه، أشعر بها تزداد أكثر فأكثر، كان الجو بارداً فلا أعلم ماذا دار بينهما جعله بهذا التوتر والقلق، فلا أعلم أن جرأته تجعله يفعل هذا! لم أكن أتوقع أن يصل بى إلى هذا الحد، وضعنى أنا وكتيبه الصغير الذى كان يسهر لياليه لكى ينهيه فى طرد أصفر اللون، واستجمع كل قواه المتبقية منه وألقى بنا فى ذلك البحر المظلم فى تلك الليلة، أذكر شعورى حينها، كان أسوأ شعور لم أتوقعه، إلى الآن أتساءل: ماذا حدث له يجعله يفقد صوابه ويتخلى عنى وعن حلمه الذى لطالما أراد تحقيقه؟!
أخبار متعلقة:
مبدعون.. ملحق أسبوعى لإبداعات الوطن
صرخة الدلع المقدس
النظارة السوداء
ديمقراطية الفقراء
فرض عين
رسالة إلى جماعة الإخوان
«ميلوفرينيا»: شباب النور حاولوا إقناعنا بالتراجع عن «أولاد حارتنا».. والقائم بدور الجبلاوى «اختفى» يوم العرض
التطهير قبل التطوير
مش من زمان أوى
عنكبوت
خمس دقائق
يا قَلْبُ مَهْلا