أواخر الستينات، تقريباً، كنت أحضر من قريتى لأقضى أياماً قليلة بمدينة القاهرة.. كنت أقيم فى لوكاندة قليلة الأهمية، تطل على ميدان «باب اللوق»، «الأزهار» سابقاً.. وكنت عند مجىء الليل أجلس على مقهى «سوق الحمدية» لصاحبه سورى طيب.
ظل بيسوا فى ذاكرة الشعر، واحداً من أغرب شعراء القرن العشرين. ظلت غرابة هذا الشاعر لا تنبع من غموض شعره فحسب بل كانت علامة على شخصيته التى كثيراً ما بعثت الدهشة، وأثارت الأسئلة، وكانت فى مجال الشعر، على مستوى العالم، تشبه قصائده التى كانت فى وقتها، عصية على التصنيف.
تاريخ مصر الممتد يحتفظ فى ذاكرته بأفضال للقبط على المحروسة لا تُحصى، ولا تُحد، ويوغل الزمن ويمضى، ويبقى لهذا الجنس من البشر محبة واعتزاز.
لصديقى الروائى «فؤاد قنديل» محبة الأدب، والإخلاص له، وعبر خمسين عاما تقريبا أبدع الرواية والقصة والمقال، حتى أصبح فؤاد شبه ما يكتبه.. لقنديل لغته، وعالمه الغنى، فى القرية والمدينة
ينتهى العم «مطاوع عبدالصبور أبوالعزايم» إلى الاعتقاد، ثم إلى التصديق أن شعب مصر هذا القديم، فى بعض أحواله يثير العجب!! ويهمس متعجباً: رحم الله «محمد ابن أحمد ابن إياس الحنفى».
تطوف ببالى، أحياناً، نابعة من النسيان والمحو، صورة طاغية، إسرائيل «أرئيل شارون» أسأل نفسى بدهشة المفاجأة:
أتلفّت بوجل، مقاوماً مخاوف وإجابات لأسئلة كثيرة، تختلط فيها البدايات والنهايات، وأتساءل ما هذا الذى يحدث فى مصر؟!.. ما الذى يجرى ونراه رأى العين؟!
رحم الله أستاذى «حسن الكفراوى»، مدرس التاريخ بمدرسة «محب» الثانوية.. كنت أراه من مقعدى فى آخر الفصل، يخايلنى طربوشه الأحمر وبدلته الشركسكين البيضاء معتصماً فى كبرياء العلماء. كان يتكلم بصوت خفيض، بالكاد يصلنا عميقاً، وحقيقياً
أتأمل مدهوشا تلك القنوات الفضائية، ومحطات الإذاعات المرسلة التى تنمو كالفطر فى سماء وطننا العربى السعيد، فتروعنى الكثرة، وتدهشنى زحمة الكلام
فى العادة، وبين الحين والحين، أسافر البلد، والبلد كما تعرفون هى قرية من قرى الدلتا، تلك القرى المنسية على شمال السما، التى لا يذكرها أحد من أهل مصر وحكامها، وتعيش مكتفية كل ليلة بما تشاهده أمام التليفزيون، وتسمعه من هراء يدردب نفسه إلى وعيها!!