بسمرة وجهه وشعره الأشعث وجسده الضخم، ورمال الصحراء تغطى بشرته الجنوبية، يجلس مبروك صالح أمام غرفته الخشبية، على شط قناة السويس الجديدة
أسفل تعريشة بناها صاحب الورشة، يستريح «اللولى» وقد فكّ أزرار قميصه، جلس عامل اللحام مع صديقه على أحد صناديق المعدات التى تفوح برائحة الصدأ
خمسة عشر عاماً قضاها محمد ياسر، بين كثبان التربة الرملية وأشجار المانجو، غير أنه «لكل مقام مقال»، كما يقول الفلاح النحيف الذى استقر فى السنة الأخيرة على تغيير نشاطه بافتتاح مخبز
مرتدياً فانلة قطنية داخلية، يسير نادل المطعم والمقهى مسرعاً بأطباق من الأرز وقطع الدجاج واللحم المقلية
نصف ابتسامة ترتسم على وجه الشاب الألمانى، وهو يلاحق إحدى السفن العابرة لقناة السويس بالكاميرا، تكتمل الابتسامة وهو يسترجع نظرته لعبور السفن
تدور تروس خلاطات الأسمنت بشكل متواصل، يرص البناءون قوالب الطوب الأحمر جنباً إلى جنب، ويساوى العمال خلطة الخرسانة المصبوبة
بضعة كيلومترات هى كل ما يفصل بين شط قناة السويس الجديدة، وذلك الموقع الخرب، المعلقة عليه لوحة صدئة ممهورة باسم «مدينة الأمل»، ومن خلفها يحل الظلام على مبان مهجورة
رغم ظهور نتائج الامتحانات التى أدّاها «رومانى»، فقد عزف الصغير عن الذهاب إلى المدرسة لتسلم الشهادة، حتى مع علمه أنه الأول بين أقرانه فى الصف الرابع الابتدائى
تجلس السيدة العجوز بملابسها الرثة، تفرغ أكياس القمامة، حتى يُجرح إصبعها من قطعة حادة، تتألم، وتنادى على ابنتها الصغيرة: «روحى يا بت جيبى حاجة للجرح من الدكتورة ريهام».
بكل زهو يقولها: «أنا ابن عامل نظافة»، يصمت طويلاً ويضيف: «وأفتخر»، لا يجد «أحمد» غضاضة فى إعلان ذلك على الملأ
لم يقتلوا أولادهم من إملاق، بل منحوهم فرصة التعلم، وهدم الصورة العالقة فى أذهان كثيرين بأنهم ليس أمامهم إلا أن يصيروا كآبائهم.
خلف قضبان السجون، أو فى قاعات المحاكم، أو فى قلب الاشتباكات، يقضى الصحفيون «يوم حرية مهنتهم» متهمين بالعمالة والخيانة أو مسحولين على «أسفلت الشوارع»
جلست السيدة تحدث نفسها: «انت جيت يا محمود»، تصمت برهة وتعاود الحديث مرة أخرى: «اتأخرت ليه يا بنى؟»، تلتفت حولها فيختفى من كانت تحدثه
«الصحفى مكانه الشارع» نصيحة قديمة من شيوخ المهنة كلفت الشباب الكثير، حيث أصبح الصحفى مهدداً دائماً فى الشارع ممن يطلق عليهم «المواطنون الشرفاء»
نوافذ مهشمة، أبواب أكلها الصدأ، ومقاعد متهالكة مغطى بعضها بصفحات الجرائد الممزقة، لتحمى الجالسين من الأتربة المتراكمة فوق سطحها