تذكرت الراحل محمد فوزي وهو يغني برقة مرددًا "ماما زمانها جاية.. جاية بعد شوية"، تذكرت الأغنية وأنا أسمع كلمة ماما تتردد في المنزل عشرات المرات
قال لي زوجي يوما وهو يراقبني وانا اقف في المطبخ لا رأس لي من قدم "إنتي ملكة ... والمطبخ مملكتك" نظرت حولي بغيظ ولم تقع عيني في هذه المملكة المزعومة إلا على
لم أندهش في حياتي قدر دهشتي من ما يلحقه بي المحيطين من اتهامات، سلفتي وحماتي وعمة زوجي وخالته والبقية الباقية من عائلته بلا استثناء
حدثت مشادة كلامية بين زوجي وبين نفسه فقرر أن يخاصمني
تحضرني هذه الأغنية القديمة التي تربينا عليها ونحن صغار وأنا أجمع أشلائي وأحضّر أغراضي وملابس البحر لأولادي ولسان حالي يردد " باهواك يا هوى المصايف ... باهواك وأنا قلبي خايف ... أجيلك السنة دي تجرحنى حد عارف".
وكالعادة ترددت في أذني أنشودة الخلود كلما وطأت قدماي شواطئ الإسكندرية أو الساحل الشمالي "أحب البحر لكن.. مانزلش البحر أعوم" وهي أنشودة معبرة عن واقعي المرير
العيد فرحة أكيد ولكن فيما يخص المسؤول الأوحد عن العيد، فالأمر فيه شك كبير.. فما أن يبدأ رمضان وينتهي وأنا في سباق مستمر مع الزمن وفي كل يوم تكون لي معه مغامرات ومشاطرات ومؤامرات ومحاورات لا تنقطع ومهاترات.
يستمرّ رمضان سلميا ونستمر معه بدمويتنا وحبنا للحياة.. جاء في سلام فاستقبلناه بأسلحة وعدة وعتاد.. جاء ليخفف عنّا فأثقلنا على أنفسنا بمزيد من الهموم.. ومن أكبر هموم رمضان كانت الدعوات المستمرة.. "عزومة ماما
بدأ رمضان وأنا في دائرة مغلقة لا أخرج منها أبدًا، الطبخ اليومي ومتابعة برامج التلفاز ومحاولة تلبية طلبات الأولاد
علاقتي بزوجي تكون على ما يُرام طوال السنة حتى يأتي شهر رمضان، ومن المفترض أن يزيد رمضان من الروحانيات والصلوات والحب في الله والتفاؤل والأمل والذكر والابتهال والعمل، ولكن رمضان هذه الأيام أصبح، لشديد الأسف، شهر الخلافات الزوجية والازدواج في الشخصية والتنافر والتقاطع والتناحر، ولا أخشى على زوجي أبدًا في رمضان إلا من متابعته المحمومة للمسلسلات وبرامج الفنانات وسباق الحسناوات وتفاخر الجميلات وخد وهات.
يبدأ شهر رمضان ليبدأ معه زوجي في اعداد معدته لا للصيام ولكن لاستقبال اكبر كمّ ممكن من الطعام وذلك بحجّة أنه يا ولداه حرم نفسه طوال ساعات النهار من المأكل والمشرب لذا فعليه أن ينتقم من معدته ويتحفها بكل مالذّ وطاب من أطعمة ومأكولات متنوعة ومختلفة على حدّ تعبيره ... وفي الواقع أن زوجي لا ينتقم من نفسه فقط إنما ينتقم مني أنا أولا .الأصناف
بدأ رمضان بنفحاته وبركاته حتى قبل أن يبدأ بأيام طويلة ... ووجدت نفسي منخرطة في سباق محموم لشراء كل مستلزماته وأنا ألهث كعادتي في جمع وطرح وضرب وقسمة ... فأنا من سكر وسمنة وزيت لأرز ومعكرونة ودقيق لبلح وفزدق وبندق ولوز .. وقمرالدين ومشمشية وأراسية وتين ... لبط وحمام ودجاج ولحوم ... وأجبان وألبان وأفنان من الحلوى والمكسرات والكنافة والجلاش والقطايف ولزوم البقلاوة والبسبوسة والهريسة وبلح الشام وأصابع زينب .
تقدّم لخطبتي رجل أحببته رغم أنف الجميع.. كان أبا لطفلين، تركتهماأمهما بكامل إرادتها وجاءني بهما يطلب يدي، ولأنني كنت فتاة صغيرة لم يسبق لي زواج أو ارتباط، فقد وقف الجميع في وجهي لمنعي من إتمام تلك الزيجة.
كنت أجلس كعادتي لأجمع الملابس المغسولة وأضعها في أماكنها المخصصة، أو في كيس واحد حتى يمرّ "صبي المكوجي" فيأخذها لبعض الوقت ويريحنا منها، وبالكاد كانت الغسالة تفرغ من الملابس ليعاد ملأها من
كانت حياتي ككثير من الأمهات، سلسلة من التعب والمعاناة والجهد المتواصل، نظرت حولي ذات مرة فرأيت المنزل مقلوبًا رأسًا على عقب، هذا قَلَب كوب الشاي، وهذه وقد تركت خلفها سلسلة من الأوراق، وكل هؤلاء وقد عاثوا في المنزل فسادًا، في انتظار ربّة الصون والعفاف التي هي أنا لتقوم وحدها بكل شيء وتجمع ما نثروه من أشلاء، وبسرعة البرق لملمت كل ما وقعت عليه عيناي وطالته يداي ووطأته قدماي والتقطته حواسي.
استيقظت وأنا أتطلّع لسقف غرفتي وأتساءل بدهشة عن الوقت ... وشعرت أنني نمت نوما عميقا فلم أحسّ بأي شيء فنهضت وأنا أشم روائحا جميلة فاقتربت من المائدة وشهقت بفرحة .
لا يمكنني ما حييت أن أنسى سنوات الجامعة الأولى وما تخللتها من ذكريات، وكان أكثر ما يلحّ على ذاكرتي، شاب وسيم بنظارة شمسية أنيقة وملابس عصرية راقية
بعد تخرجي وزواجي وانحسار الحياة في زوج وأولاد وأسرة صغيرة وجدت متنفسي الوحيد هو أمي وإخوتي، نعم كنت مرتبطة بهم إلى حد كبير وازداد ارتباطي بهم بعد زواجي وتضاعف مسؤولياتي
استيقظت فجأة وكأنني أنهض من عالم المجهول، ونظرت حولي بفزع بالغ، وقد أُضيئت غرفتي بضوء لم أعهده عند استيقاظي من قبل، ونظرت لنافذة غرفتي فإذا بأشعة الشمس تتخللها
أذكر جيدًا كيف دخلت الجامعة بمجموع كبير؛ لأرسم أحلامًا وردية نحو مستقبل مشرق ينتظرني بعد تخرجي منها، ولكنني فوجئت بنفسي أجلس في منزلنا، ويدي على خدي، لا أجد عملًا أو أملًا في تحصيل ما تكبدته من مشاق طيلة 4 سنوات ماضية