مساكن الزلزال.. الحياة على شمال المقطم
بنايات بسيطة لا يتجاوز ارتفاعها خمسة طوابق، تغيب عنها الزخارف ذات الألوان الزاهية، ترتص فى بلوكات متجاورة، لا تعرفها الحدائق بخضرتها الناضرة، جدرانها الخلفية متآكلة بفعل عوامل مواسير الصرف المتهالكة، يعبر إليها قاطنوها عبر مداخل ضيقة منخفضة، تتوسط أكشاكاً عشوائية تزيد من ضيق الشوارع، محدودة المساحة بطبيعة الحال، أكوام القمامة المنتشرة فى أروقة منطقة المساكن تزكم أنوف المارة برائحتها النفاذة.
البنايات معروفة فى حى المقطم باسم «مساكن الزلزال»، تمتد على مساحة تقترب من 50 فداناً بنهاية شارع 9 أشهر شوارع المقطم، ونهايتها ترسم حدود الحى، بالقرب من زهراء مدينة نصر، يقولون إنها أنشئت فى أول التسعينات لتعويض المواطنين الذين تهدمت مساكنهم بسبب زلزال 92، تمكن هؤلاء الضحايا من استلام مساكنهم البديلة مع نهاية عام 93، كما يروى سعد حسنى ذو الـ 68 عاماً، والذى يقول إنه كان يقطن بمصر القديمة حتى تهدم بيته بسبب الزلزال، وتم نقله إلى المقطم لاحقاً باعتباره متضرراً ضمن أول مجموعة انتقلت للإقامة فى هذه الشقق، بعد الانتهاء من تشييدها.
يصف حسنى المكان وقت أن جاء للسكن به قبل ما يقرب من 20 عاماً، بقوله إنه كان يتسم بالهدوء والنظافة على عكس ما يحدث الآن، يومئ برأسه إلى العمارات الراقدة أمامه قائلاً: «معظم الشقق كانت فاضية، والسكان مش كتير، مش زى دلوقتى، ما فيش شقة ما فيهاش حد ساكن».
بابتسامة ساخرة، يحكى «حسنى» قصته مع مسئولى حى المقطم: «كانوا عايزين يحجزوا على الشقة، أو ياخدوا 10 آلاف جنيه، ويقولوا دى فلوس متأخرة عليكم، لكن الثورة رحمتنا منهم»، يضيف فى حيرة: «بعد 20 سنة من استلام الشقة، عايزين يخدوها مننا تانى، ونرجع نقعد فى الشارع».
وكعادة يومية، على مدار 8 سنوات منذ خروجه على المعاش من الهيئة العربية للتصنيع، يقبع عم سعد أمام كشك صغير يبيع فيه منظفات وأدوات منزلية بسيطة أسفل العمارة التى يقيم فيها، كشكه يقع بالشارع التجارى الذى تصطف على جانبيه باعة لا يجدون حرجاً فى عرض بضائعهم أمام أكشاك ومحلات لا يخلو منهم الشارع على مدار ساعات النهار والليل إلا قليلاً، يتأسف الرجل الستينى على الحالة التى وصل إليها الناس فى المكان الذى لم يتغير من وجهة نظره «الناس هى اللى اتغيرت إلى الأسوأ»، أصبحت المشاجرات لا تنتهى بينهم، خاصة الأجيال الجديدة، ولكن ما زال هنا أناس كتير طيبين كما يقول سعد، غير أن هذا لم يستطع أن يمحو السمعة السيئة التى تشتهر بها مساكن الزلزال، وهى سمعة يرى سعد أن السبب فيها هو انتشار بعض المسجلين خطر والبلطجية فى المكان، وهم الذين يصفهم سعد بأنهم «السبب فى كل الأزمات التى تحدث فى المنطقة»، غير أنه يعود ليؤكد أنهم لا يجرأون على التعدى أو الاقتراب من أحد من سكان المنطقة طالما هو لم يتعرض لهم، لذلك يحرص على ألا تربطه أى علاقة بهم، وكذلك معظم سكان المنطقة الذين يقول إنهم يعيشون فى حالهم، ولا يشغل بالهم غير لقمة العيش.
«الشقة هنا سعرها رخيص جداً مقارنة بباقى المناطق التابعة لحى المقطم»، يرجع سعد السبب فى انخفاض أسعار الشقق إلى صغر مساحة الشقة التى تتراوح ما بين 42 م بالنسبة للشقة الصغيرة، 70 م بالنسبة للكبيرة، مضيفاً أن المساكن تعتبر الأكثر شعبية والأكبر كثافة سكانية فى حى المقطم، حيث يوجد بها أكثر من 9 آلاف وحدة سكنية، بخلاف البيوت التى قام الأهالى ببنائها مؤخراً خلف المساكن.
اخبار متعلقة
«النافورة».. ميدان يسكنه المشاهير
صالون شهرى لـ«علاء الأسوانى وأحمد فؤاد نجم وثروت الخرباوى»
قلنا الخير على قدوم الواردين .. لقينا الأذى من مكتب الإرشاد
كورنيش المقطم.. هنا ملتقى العشاق وجسر التنهدات
من مصر الجديدة إلى المقطم.. الثورة تطارد خصومها
دير القس سمعان الخراز بمنشية ناصر . . عالم سحرى حدوده الارض والسماء
الهضبة الكبيرة.. معجزات وكرامات
فى ميكروباص من «السيدة عائشة» أو أتوبيس من «مدينة نصر».. إزاى تروح «المقطم»
الإعتداء على «قنديل» وتعذيب مدمنين وسرقة وتثبيت الجرائم تعددت الجرائم والمنطقة واحدة
المقطم.. الحتة المقطوعة