لا لتدمير أطفالنا.. ضرب وتعذيب وكي.. "نور" و"ياسين" في قبضة زوج الأم
الطفل نور وآثار الضرب على وجهه
طفلان فى عمر الزهور دفعا وحدهما ثمن طلاق والديهما، الأول عمره 7 سنوات والثانى 4 لاسنوات، وجدا نفسيهما مشتتين بين ثلاث بيوت، بيت الأب الذى يقيم وحيداً فى عقار بمدينة الإسكندرية، وبيت جدتهم لأبيهم التى تحن عليهما بين الحين والآخر، وبيت زوج الأم الذى ذاقوا فيه كل ألوان العذاب.
فى البيت الأخير تعرض الطفل نور بدر نجيب، وشقيقه «ياسين»، لوقائع تعذيب فى حضرة الأم التى صمتت حتى لا يبتعد عنها زوجها، تركت ولديها فريسة سهلة تحت أقدام زوجها يفعل بهما ما يشاء، يطفئ السجائر فى ظهر أحدهما ويضرب الثانى بسيف يده فى عنقه، كدمات ولكمات كثيرة كشفتها الجدة نجوى إبراهيم، التى حرضت ابنها والد الطفلين على تقديم بلاغ فى قسم الشرطة التابع له محل الواقعة للإبلاغ عن زوج الأم القاسى.
تروى «نجوى» ما شاهدته بنفسها وما سمعته من حفيديها اللذين تكلما أخيراً رغم خوفهما من تهديدات زوج أمهما: «مرات ابنى انفصلت عن ابنى وخدت العيال ومشيت، كانت بتغيب فترة وتيجى تقول عايزة مصاريف للعيال، لحد ما عرفنا إنها اتعرّفت على واحد واتجوزته عُرفى وعايشة معاه بالعيال».
عندما كانت الجدة ترى حفيديها كانت تلاحظ أنهما باستمرار مصابان إما فى الوجه أو فى القدم أو اليد، كانت ترى آثار حروق وكدمات على جسميهما، وعندما تسأل الأم تقول لها «شقاوة عيال، طول النهار بيتنططوا ويجروا ويلعبوا.. مش هاديين خالص»، كانت الجدة حسب تأكيدها تصمت على أمل أن يكون كلام الأم صدقاً: «فى يوم جات لى وطلبت منى أوفر لها سكن، تعيش فيه هى والعيال، أجّرت لها شقة تربى فيها أحفادى، راحت جايبة فيها اللى هى متجوزاه عرفى، ولقينا حد من الجيران بيكلم ابنى بيقول له الحق عيالك هيموتوا فى إيد جوز أمهم، ابنى طلع جرى زى المجنون، محدش رضى يفتح له الباب، فنط من شباك الجيران».
وتابعت الجدة: «ابنى لقى أحفادى فى حالة يرثى لها، ياسين اللى عنده 4 سنين مش قادر يمشى على رجله، وظهره كله طفى سجاير، ده غير إن عنده حروق فى أماكن حساسة، والتانى رقبته وارمة ودماغه مليان كدمات من كتر الضرب عليه، كان بيخليهم يرفعوا رقبتهم ويضربهم بسيف إيده على زورهم، ومن فترة ضرب نور على دماغه وراح المستشفى وأمه كلمتنى قالت لى إنه وقع على دماغه وأنا صدقتها ورحت المستشفى ودفعت التكاليف لحد ما خف وخرج».
تبكى الجدة على مصير حفيديها وتندهش من الأم التى تركتهما ولم يحن قلبها على صرخاتهما وهما فى يد زوجها: «العيال اتعذبوا كتير وكانوا خايفين يتكلموا، جوز أمهم كان بيقول لهم اللى هيفتح بقه ويقول لجدته أو أبوه حاجة هكهربه، وده اللى عرفته منهم بعد كده»، لم يكن أمام الأب بدر نجيب شيئاً سوى تحرير محضر فى القسم التابع له، طالباً توقيع الكشف الطبى على طفليه لبيان ما تعرضا له من تعذيب.
طبيب: الأم تحتاج إلى تأهيل نفسى
من جانبه علق الدكتور محمد هانى، استشارى الصحة النفسية وتعديل سلوك الأطفال، أنه لا بد من تجنيب الأطفال مصدر الأذى الذى خضعوا له «زوج الأم»، وإعادة التأهيل النفسى للأم، وذلك لأن كون الأم موافقة على تلك المعاملة هى الأخرى، لا بد أن تخضع لتعديل السلوك، كى تدرك أن أولادها هم الأهم. وأكد «هانى» أن الأطفال لا بد أن تنتقل حضانتهم مع شخص آخر يكون أكثر أماناً عليهم، ومن ثم تبدأ مرحلة التأهيل والعلاج النفسى لهم، باستخدام جميع الأساليب التربوية السلوكية السليمة، مع توفير الاحتواء النفسى لهم، لمحاولة استرجاع ثقة الأطفال فى أنفسهم من جديد، بالإضافة إلى توفير مصدر الأمان والحماية والدعم النفسى، وتغيير نظرة الأطفال للحياة بإيجابية، وتقديم مواقف تدعمهم نفسياً كى يتمكنوا من نسيان كم الألم والأذى الذى تعرّضوا له، فالأطفال عادة ما يميلون إلى الحنية، فالخطوة الأهم تبدأ من خلال الاحتواء والدعم، وممارسة سنهم الطبيعية لاستعادة الثقة التى فقدوها من خلال المواقف الإيجابية التى تدعمهم وتساندهم.
كانت "الوطن" أطلقت، حملة باسم "لا لتدمير أطفالنا" تستهدف مكافحة العنف ضد الأطفال، والكشف عن تأثيراته المدمرة على الصحة النفسية، وكيف يمكن أن يساهم هذا السلوك المشين في خلق جيل مشوه يعاني من الاضطرابات النفسية والأمراض العصبية، من خلال قصص وحكايات إنسانية، أبطالها أطفال واجهوا درجات مختلفة من العنف بجميع صوره، يحكون تجاربهم ويروون مواقف شهدوا عليها وعاشوها، أفقدتهم براءتهم وطفولتهم.
ولإتاحة الفرصة للكشف عن أي جرائم ترتكب ضد الأطفال، تعلن "الوطن" عن استقبال شكاوى أو مشاكل خاصة بالقضية عبر البريد الإلكتروني newspaper@elwatannews.com، أو عبر صفحاتنا على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"؛ لنساهم معًا في القضاء على هذه الظاهرة والمشاركة في بناء جيل لا يعاني من مشاكل نفسية.