لا لتدمير أطفالنا.... "جنى" ابنة "طبيبة نفسية" في نظر معلمتها "قليلة الأدب": "اتضربت واتذنبت"
جنى
داخل إحدى مدارس بنى سويف كانت الصغيرة تجلس فى مقعدها بالصف الأول الابتدائى تنتظر دخول معلمتها، شجار بسيط بينها وبين زميلتها التى أصرت على فتح حقيبتها رغم رفضها، أدى إلى قيام معلمة الفصل بتعنيفها بالضرب على الوجه والظهر والوقوف طيلة الحصة ووجهها أمام الحائط، مما أدى إلى شعور الصغيرة ذات الـ7 سنوات بالتعب والنزف من الأنف لكونها مريضة بتلف فى الأعصاب، وهو مرض مزمن يجعلها لا تستطيع الوقوف لفترة طويلة.
«بنتى فضلت تصرخ من الوجع والمعلمة نفذت عقابها».. قالتها إيمان محمد، والدة جنى، الطفلة التى عوقبت أمام أقرانها وشعرت بإهانة وحرج رغم أنها فى عامها الأول بالدراسة، وطالبت الأم باسترجاع حقها وشكوى المُعلمة التى لم تلتفت لكونها طفلة لا تقدر على تحمل كل هذه القسوة، تحكى الأم التى صُدمت من هيئة طفلتها، أنها طلبت من ابنتها أن تقص عليها ما حدث بالتفصيل وقررت الذهاب للمدرسة فى اليوم التالى لمقابلة المعلمة وسؤالها ما الذى فعلته صغيرتها لتعود منهارة منكسرة مما تعرضت له لكن سؤالها قوبل بالإنكار وأنها لم تلمسها: «قالت لى بنتك قليلة الأدب وفضلت تزعق وتشتم، مشيت وقررت أعمل شكوى فى المديرية لإثبات الواقعة وأوفى بوعدى لبنتى إنى هجيب حقها»، لكنها وجدت فى طريقها حين ذهبت إلى المديرية أن المحقق القانونى أو مدير الشئون القانونية المسئول عن تلقى شكاوى أولياء الأمور خال طليقها فخشيت أن يخبره ويتسبب لها فى مشاكل وينقلب ضدها، بل يحرض المعلمة ضدها بسبب الخلافات التى استمرت بين العائلتين وانتهت بطلاقها: «خدت بنتى ورجعت وماقدرتش أوفى بوعدى ليها. كنت عشمانة أجيب حقها خاصة إن المدير مش منصف».
لعبت دورين معاً كأم وطبيبة نفسية تخصص صحة الأطفال، تهدئ من روع صغيرتها وتخفف عنها أعباء الألم النفسى الذى أصابها وتحاول معالجة ذكريات الماضى التى تسبب فيها والدها من ضرب وإهانة وعنف استعادته الطفلة مرة أخرى بواقعة الفصل التى لم يمر عليها سوى أيام قليلة: «خليتها تغيب من المدرسة كام يوم عشان تنسى». لم تسلم ابنة الطبيبة النفسية من المعاناة التى تسمعها والدتها فى عيادتها من أولياء أمور وأمهات يومياً بتعرض أطفالهم لعنف: «بحاول أعالج بنتى عشان اللى حصل مايسيبش أثر نفسى»، من خلال وضع برنامج تأهيلى للطفلة لإقناعها بالعودة للمدرسة مرة أخرى وأن الواقعة لن تتكرر.
تحكى أن علاقتها بالأب منقطعة منذ كان عمر الطفلة 5 سنوات بناء على رغبته: «لما كنت أتصل بيه وأخليها تكلمه كان أول ما يسمع صوتها يشتم ويقفل السكة»، حتى امتنعت طفلتها عن التحدث إليه تجنباً لطريقته المؤذية وطبعه القاسى.
خبير تربوى: 67% من المدرسين ليسوا خريجى تربية
أكد الدكتور حسن شحاتة، الخبير التربوى، أن المشكلة أن نسبة 67% من المعلمين ليسوا من خريجى كلية التربية، وبالتالى جميع مشكلات العنف وعدم اللياقة فى التعامل مع أولياء الأمور تصدر ممن هم ليسوا من خريجى هذه الكلية التى يدرس المعلم خلالها علوماً نفسية وتربوية وصحة نفسية تجعله يحسن التعامل مع الأطفال أصحاب القدرات الخاصة ومن لديهم مشاكل نفسية أو بدنية، مضيفاً: «المعلم هنا مؤهل سيكولوجياً وتربوياً للقيام بتلك المهمة وهى التدريس للأجيال المختلفة».
ويحمل «شحاتة» مسئولية المشاكل المتكررة التى يتعرض لها الصغار فى المدارس لمدرسين يفتقدون الخبرة الكافية مما يتسبب فى إيذاء التلاميذ نفسياً وسيترتب عليه كارثة فى التعليم مع تفاقم المشكلات.
كانت "الوطن" أطلقت، حملة باسم "لا لتدمير أطفالنا" تستهدف مكافحة العنف ضد الأطفال، والكشف عن تأثيراته المدمرة على الصحة النفسية، وكيف يمكن أن يساهم هذا السلوك المشين في خلق جيل مشوه يعاني من الاضطرابات النفسية والأمراض العصبية، من خلال قصص وحكايات إنسانية، أبطالها أطفال واجهوا درجات مختلفة من العنف بجميع صوره، يحكون تجاربهم ويروون مواقف شهدوا عليها وعاشوها، أفقدتهم براءتهم وطفولتهم.
ولإتاحة الفرصة للكشف عن أي جرائم ترتكب ضد الأطفال، تعلن "الوطن" عن استقبال شكاوى أو مشاكل خاصة بالقضية عبر البريد الإلكتروني newspaper@elwatannews.com، أو عبر صفحاتنا على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"؛ لنساهم معًا في القضاء على هذه الظاهرة والمشاركة في بناء جيل لا يعاني من مشاكل نفسية.