رئيس مصلحة الشهر العقاري الأسبق: نقل التبعية من "العدل" إلى "التخطيط" لن يحل المشكلة
سامى إمام، رئيس مصلحة الشهر العقارى الأسبق
طالب سامى إمام، رئيس مصلحة الشهر العقارى الأسبق، بدمج كل من هيئة المساحة، والضرائب العقارية، والشهر العقارى، فى هيئة واحدة مستقلة، وربطها إلكترونياً، كخطوة أولى نحو تطوير الشهر العقارى، مؤكداً أن مشاكل الشهر العقارى تتلخص فى 3 نقاط أساسية هى عدم وجود مقرات مطورة، والعجز الشديد فى عدد الموظفين والعاملين بالمصلحة، وتعدد التشريعات التى تنظم إجراءات وعمل الشهر العقارى، والتى تتسبب فى البيروقراطية وسوء الخدمات المقدمة للمواطنين.
تدريب العاملين جزء من الإصلاح
وقال «إمام» لـ«الوطن» إن نقل التبعية من «العدل» إلى «التخطيط» لن يحل المشكلة، موضحاً أن تعقيد الإجراءات السبب الرئيسى فى عدم تسجيل العقارات، وأشار إلى أن توثيق العقود يضخ موارد مالية للدولة وينعش سوق العقارات ويزيد الاستثمار العقارى، وتوقفه يرفع عدد المنازعات ويساعد فى انتشار عصابات سرقة الأراضى والشقق.. وإلى نص الحوار..
سامى إمام لـ"الوطن": تعقيد الإجراءات السبب الرئيسى فى عدم تسجيل العقارات
كيف ترى مشكلة الشهر العقارى بعد انتقاد رئيس مجلس النواب للخدمة المقدمة به؟
- مشاكل الشهر العقارى تدور فى 3 محاور أساسية؛ أولها، سوء المقرات الموجودة، لأنها لا تليق بالموظفين أو المتعاملين مع هذا القطاع المهم، وبالتالى يحدث الزحام والتكدس للمواطنين أمام المكاتب ما يفتح أبواباً خلفية للفساد من قبَل بعض الموظفين ضعاف النفوس، كما أن بعض هذه المقرات مستأجرة وهو ما يخلق نزاعات بين مصلحة الشهر العقارى وملاكها، المحور الثانى يتعلق بعدد الموظفين العاملين فى الشهر العقارى لأنه قليل مقارنة بحجم المعاملات التى تتم فيه من قبَل المواطنين، فحينما كنت رئيساً للمصلحة فى الفترة من 2011 وحتى 2014 كان عدد العاملين بالشهر العقارى 9 آلاف موظف وتناقص هذا العدد حتى أصبح الآن 6 آلاف موظف، وبالتالى نقص عدد الموظفين دون تعيين جدد أمر يدمى القلوب، فلو افترضنا أن مكتب توثيق به 7 موظفين يتعاملون مع 100 مواطن فى يوم واحد، سنجد أنه مع زيادة عدد السكان وتناقص عدد الموظفين ستكون هناك مشكلة كبيرة وهو ما نراه اليوم، لذا لا بد من فتح الباب لتعيينات جديدة عوضاً عن الخبرات التى تحال للمعاش، أما المحور الثالث فهو المتعلق بالتشريعات والقوانين التى تعود لعصر الملك فاروق، فقد صدر أول قانون بتنظيم عمل الشهر العقارى عام 1946، وأتصور أن الحل الأمثل هو استقلال مصلحة الشهر العقارى وفصل صندوق أبنية المحاكم وأبنية الشهر العقارى ليكون لكل من المحاكم والشهر العقارى صندوق خاص به يتم من خلاله تخصيص مبالغ لتطوير الشهر العقارى على مستوى البنية التحتية بفتح مقرات جديدة وتأهيل المقرات التى تتعرض للحرق أو تنتهى مدة الإيجار، كما يتم الصرف من هذا الصندوق على التعيينات الجديدة.
"سوء المقرات وتناقص عدد الموظفين وتقادم القوانين" أسباب سوء الخدمة المقدمة للمواطنين
أعلنت وزارة العدل مؤخراً موافقة مجلس الوزراء على نقل بعض العاملين بقطاعات الدولة المختلفة للعمل بالشهر العقارى.. فهل ينهى ذلك مشكلة نقص العمالة؟
- لا أعتقد أنها ستحل المشكلة، لأن الموظفين المنقولين تعودوا على دولاب عمل معين منذ تعيينهم، وسيكون من الصعب سرعة التأقلم ومعرفة دولاب العمل فى الشهر العقارى، لا أعرف ما الذى يمنعنا من تخصيص جزء من الرسوم التى يقوم بتحصيلها صندوق أبنية الشهر العقارى لإيجاد درجات مالية وفتح باب التعيين، والحل فى منح مصلحة الشهر العقارى استقلالاً كاملاً، وقد طالبت حينما كنت رئيساً للمصلحة بأن نكون هيئة قضائية مستقلة، ولكن بما أن الدستور لم يمنحنا صفة الهيئة القضائية واكتفى فقط بأننا هيئة مستقلة فيجب تفعيل النص الدستورى بأن نكون هيئة مستقلة.
الموظف معذور لأنه يتعامل مع قوانين وقرارات وكتب دورية كثيرة وفى حال الخطأ تضيع ملكية أرض أو عقار ومنحها لأشخاص آخرين أو نهب أملاك الدولة
هل تقصد بالاستقلال نقل التبعية من وزارة العدل إلى وزارة التخطيط كما قال رئيس مجلس النواب؟
- ما أقصده بالاستقلال هو أن تكون هيئة المساحة والضرائب العقارية ومصلحة الشهر العقارى تحت مظلة هيئة واحدة، ويتم ربط العمل بينها جميعاً إلكترونياً للتسهيل على المواطن ولا يضطر للذهاب لأكثر من مكان وسداد رسوم فى أكثر من جهة للحصول على الخدمة التى يريدها، أما مسألة الهيئة تتبع من، فهو أمر لا يؤثر على الاستقلال، صحيح أن عمل الشهر العقارى قانونى بحت وبالتالى يتبع وزارة العدل وفقاً للقانون رقم 5 لسنة 1964، لكن إذا نظرنا إلى تجارب دول عربية مثل تونس والمغرب، سنجد أن الأمور هناك أسهل بكثير من مصر، لدرجة أن تونس لديها وزارة تسمى «الأملاك والشئون العقارية»، وفى المغرب تسمى بـ«التحفيظ العقارى»، وبالتالى لا يهم تبعية المصلحة لمن، سواء كان مجلس الوزراء أو وزارة العدل، المهم أن يحصل المواطن على خدمته دون تعقيد.
وزارة العدل تعمل حالياً على خطة للتطوير والميكنة لمكاتب الشهر العقارى والتوثيق.. إلى أى مدى يسهم ذلك فى تحسين الخدمة؟
- الميكنة تعنى ببساطة أن يتم تسجيل جميع الدفاتر والسجلات والعقود والمحررات الورقية على أجهزة الكمبيوتر، بحيث يسهل استخراج المعلومة عند طلبها على وجه السرعة، لكن المشكلة أن نسبة الأعمال الورقية الموجودة بالشهر العقارى تعود لعام 1946 وستكون هناك صعوبة فى تسجيلها وميكنتها، لكن على الدولة أن تبدأ وتتدخل لإصلاح المقرات وتعديل التشريعات والقوانين المتعلقة بالشهر العقارى، خاصة أن كثيراً من الموظفين يترددون فى إصدار أى قرار يتعلق بتسجيل أو توثيق أو نقل ملكية عقار أو غيره من مواطن لمواطن آخر، ويتم اتهامه بأنه موظف بيروقراطى يعطل دولاب العمل.
هل هذا هو سبب ترديد العبارة الشهيرة «عدى علينا بكرة يا سيد»؟
- الموظف معذور، لأن أمامه قوانين وقرارات وكتباً دورية كثيرة تنظم عمل الشهر العقارى، ويتم التفتيش عليه دورياً وفى حالة وقوع خطأ قد تضيع ملكية أرض أو عقار ويتم منحها بالخطأ لأشخاص آخرين، وقد يصل الأمر لأن تضيع أملاك الدولة، وقد رأينا عصابات نهب الأراضى التى تقوم بتزوير الأحكام والعقود للحصول على أراضٍ وعقارات ليست ملكاً لها.