"ذا بانكر": البنوك المصرية أظهرت استعدادا قويا للتعامل مع الصدمات
البنك المركزي المصري
ذكرت مجلة "ذا بانكر" البريطانية الشهرية أن القطاع المصرفي المصري أثبت قدرته على بث الاستقرار في السوق، بالرغم من التحديات الصعبة التي شهدها الاقتصاد المصري خلال العقد الماضي.
وأوضحت المجلة المتخصصة في شؤون البنوك والتي تصدرها صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية أن القطاع المصرفي حقق أرقام نمو إيجابية وأبدى استعدادا قويا للتعامل مع الصدمات، وسط توقعات بإحراز تقدم اقتصادي قوي على مدى السنوات القليلة المقبلة، حيث بدأت بالفعل في استهداف مجالات مختلفة مثل إقراض الشركات الصغيرة والمتوسطة.
ونقلت المجلة عن منصف مرسي، رئيس قسم التحليل المالي في بنك الاستثمار "سي آي كابيتال" بالقاهرة، لقوله إن القطاع المصرفي قوي بلا شك، ورؤوس الأموال كافية للصمود أمام أي صدمات وتدعم النمو المحتمل.
وأضاف مرسي، أن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي أطلقته مصر في 2016 أسهم في تحقيق الدولة معدلات نمو كبيرة في السنوات الماضية، بجانب التوقعات بتحقيقها المزيد من النمو في المستقبل.
وأشارت المجلة، إلى أن صندوق النقد الدولي في أحدث توقعاته الصادرة قبل تفشي وباء كورونا المُستجد "كوفيد 19"، رأى أن الاقتصاد المصري سينمو بنسبة 5.9% في 2020، ليُصبح بذلك أحد أعلى معدلات النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وأشار إلى أن القطاع المصرفي يعد أحد المستفيدين المحتملين من هذا النمو، لافتة إلى توقعات أخرى لوكالة "موديز" العالمية لخدمات المستثمرين في تقريرها الصادر في أواخر يناير الماضي والذي أبقى النظام المصرفي المصري مستقرًا خلال الـ12 إلى 18 شهر المقبلين بدعم النمو الاقتصادي القوي الذي يزيد من الطلب على الائتمان بنسب تتراوح بين 12 إلى 15%.
المجلة البريطانية: البنوك المصرية تتمتع بتمويل مستقر قائم على الودائع
وذكرت المجلة أن البنوك المصرية تتمتع بتمويل مستقر قائم على الودائع، حيث بلغ إجمالي الودائع في النظام المصرفي 4.23 تريليون جنيه مصري (274 مليار دولار) في ديسمبر 2019، بارتفاع من 3.82 تريليون جنيه في ديسمبر 2018، وفقا للبنك المركزي المصري، وتشكل الأسر 81.3% من إجمالي الودائع، وتمثل الودائع بالعملة المحلية 81.82% من الإجمالي.
ولفتت المجلة، إلى أن القروض المصرفية في مصر نمت بنسبة 13.6% على أساس سنوي في العام المالي 2018-2019، بينما نمت الودائع بنسبة 12.3% خلال نفس الفترة، وشهدت الثلاث السنوات المنتهية في يونيو 2019 ارتفاعا بنسبة 41% في القروض غير الحكومية، وفقا للبنك المركزي.
وقالت رئيس القطاع المالي لقسم بحوث الأسهم بالمجموعة المالية "هيرميس"، إلينا سانشيز كابيزودو، لـ"ذا بانكرز" إن جودة الائتمان في البنوك المصرية ظلت مرنة خلال عام 2019، كما أن الملاءة المالية للقطاع تحسنت، بما يؤكد أن النظام المصرفي يتمتع برأس مال جيد ويمكنه مقابلة الارتفاع في الطلب على الإقراض في 2020.
وقال المدير التنفيذي والمدير الإداري للبنك الأهلي الكويتي في مصر، خالد السلاوي، إن السمة الأساسية لعام 2020 هي استمرار البنك المركزي المتوقع في تطبيع السياسة النقدية وزيادة القوة الشرائية لمستهلكي التجزئة.
ورجح السلاوي، أن خفض أسعار الفائدة بمقدار 450 نقطة أساس خلال 2019 سيُسهم في تحقيق انتعاشة في النمو الائتماني التي ستحظى كذلك بدعم أكبر من مبادرات البنك المركزي الصادرة في الآونة الأخيرة، كما سيحفز أيضًا الاستثمار ويزيد الإنفاق الرأسمالي، وهو ما سيعزز النمو.
بدوره، أشار منصف مرسي إلى أن الحكومة المصرية تواصل إعطاء الأولوية للإقراض للشركات الصغيرة والمتوسطة كوسيلة لدفع النمو الاقتصادي للبلاد على المدى الطويل، حيث أصدر البنك المركزي المصري في عام 2016، قرارا ألزم فيه جميع البنوك بتوجيه 20% من محافظ قروضهم إلى الشركات المتوسطة، إضافة إلى إنشاء وحدات مخصصة لتلك الشركات.
من جانبها، قالت سانشيز إن مبادرات البنك المركزي في ديسمبر 2019 بتقديم حوافر للبنوك التي تقدم قروضا للشركات المتوسطة سوف تساعد على زيادة الإقراض لهذه الفئة، رُغم التركيز الشديد على الإقراض لهذه الشركات.
وأكدت المجلة البريطانية أن القطاع المصرفي المصري والسوق في مصر يتمتع بأقوى إمكانات في المنطقة، وربما يُعد أحد أقوى الأسواق والقطاعات على مستوى العالم، حيث يمتلك 38 بنكًا مسجلًا مع توقعات نمو إيجابية لهذا القطاع تجعله فرصة جذابة لأولئك الذين يتطلعون للتوسع في أسواق جديدة.
وأشارت المجلة، إلى أنه النظر إلى قرار البنك المركزي المصري بعدم أصدار تراخيص جديدة في الوقت الحالي، فإن البنوك الراغبة في دخول السوق المصرية يجب أن تفعل تبدي اهتماما أكبر من خلال الاستحواذات الاستراتيجية.
ويُجري بنك أبو ظبي الأول، أكبر بنك إماراتي، حاليا مفاوضات للاستحواذ على بنك عوده الذي يُعاني بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة في لبنان.
وتوقعت مجلة "ذا بانكر" إجراء المزيد من صفقات الاندماج والاستحواذ في الفترة المقبلة بعد تطبيق التنظيمات المصرفية الجديدة التي تمت إحالتها إلى البرلمان والتي تتضمن زيادة في اشتراطات رأس المال المدفوع، والتي ينظر إليها عدد من العاملين في القطاع المصرفي بمثابة تطور مهم.
وتخطط الحكومة المصرية لبيع حصة أقلية في بنك القاهرة في النصف الأول من عام 2020 من خلال طرحها في اكتتاب عام بما قيمته حوالي 500 مليون دولار مقابل حصة بنسبة 30%.
بنك أبو ظبي الإسلامي: القانون المصرفي الجديد سيُكون بمثابة علامة فارقة
وقال المدير التنفيذي، المدير الإداري لبنك أبو ظبي الإسلامي، محمد علي، إن القانون المصرفي الجديد الذي تم إحالتها إلى البرلمان سيُكون بمثابة علامة فارقة، مضيفا أنه لا يمكن مناقشة جميع تفاصيله إلا بعد أن يتم تمريره.
وأشار السلاوي إلى أنه بالرغم من أن ثلث الشعب المصري فقط هو من يملك حسابًا مصرفيًا، إلا أن الإجراءات التي اتخذتها الدولة خلال السنوات الماضية أسهمت في إحراز تقدم ملحوظ، حيث كانت النسبة المئوية للمصريين الذين يمتلكون حسابًا مصرفيًا تبلغ قبل ثلاث سنوات فقط من 8% إلى 12%، لتُصبح الآن أكثر من نصف الشعب المصري الذي يمتلك الحق في التمويل حسب الفئة العمرية.
وأضاف السلاوي، أن الشمول المالي أُدرج على قائمة الأجندة الوطنية في مصر خلال السنوات القليلة الماضية باعتباره وسيلة لنمو القطاع المالي لما يتضمنه من جذب للشركات الصغيرة والمتوسطة والاقتصاد غير الرسمي، كما أن الشمول سيساعد على خلق الوظائف وتحقيق النمو المستدام وتحقيق مستوى أعلى من الاستقرار المالي.
وتضاعف العدد الإجمالي لبطاقات الخصم والائتمان في مصر منذ عام 2010، وفي عام 2018، أطلقت الحكومة بطاقة المدفوعات "ميزة" لتعزيز الشمول المالي وتقليل الاعتماد على النقد، وفي أواخر عام 2019 تم إصدار أكثر من 4 ملايين بطاقة، والتي يمكن استخدامها في الدفع الالكتروني، وكذلك استلام المعاشات والدفع للسلع التموينية المدعومة.
واختتمت المجلة تقريرها بالقول إن تبني الحلول التكنولوجية يُنظر إليها على أنها وسيلة لإعادة تشكيل المشهد المالي في مصر وتوسيع نطاق الخدمات المالية بشكل عام، ففي عام 2019، أطلق البنك المركزي استراتيجية للتكنولوجيا المالية بهدف جعل مصر مركز تكنولوجيا معترف به عالميًا في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، كما أسس المركزي صندوق دعم بقيمة مليار جنيه لتشجيع الشركات الناشئة.