المسئول الحكومي المحترف.. مبادرة الدولة لتطوير "جمهورية الموظفين" وتحسين مستوى الخدمات
البرنامج يستهدف تدريب 11 ألف موظف بالجهاز الإداري للدولة
المبادرة تم إطلاقها بهدف تطوير الجهاز الإدارى للدولة
مئات الموظفين والعاملين من محافظات مختلفة، وجهات عمل حكومية متنوعة، بدأوا رحلة التدريب فى برنامج «المسئول الحكومى المحترف»، ضمن المبادرة التى أطلقتها الأكاديمية الوطنية للتدريب، بالتعاون مع وزارة التخطيط والإصلاح الإدارى، ثم وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بهدف تطوير الجهاز الإدارى للدولة ورفع مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين.
وانطلق البرنامج لأول مرة فى مارس 2019، ويستهدف تدريب 11 ألف مسئول وموظف بالجهاز الإدارى للدولة، واجتاز البرنامج 800 موظف فى كل من محافظة القاهرة والجيزة، و400 موظف بمحافظة الإسكندرية، و1500 موظف بمحافظة بورسعيد، فيما يتلقى التدريب حالياً 306 متدربين من أصل 1200 متدرب فى محافظات كفر الشيخ والشرقية والبحيرة.
البرنامج المستمر لأكثر من عام حتى الآن، يقول فى رؤيته إنه يسعى لتحقيق مفهوم المسئول الحكومى المحترف الذى يتمتع بالمهارة والإتقان، ويساهم فى إصلاح الجهاز الإدارى للدولة، مما يزيد من رضاء المواطنين تجاه تحسين الخدمات المقدمة إليهم من خلال العمل على تدريب وتأهيل وتنمية مهارات الكوادر الحكومية من مقدمى الخدمات الجماهيرية داخل جميع المحافظات والمديريات التابعة لها تزامناً مع التحول الرقمى والتطوير المؤسسى داخل جميع محافظات الجمهورية.
ويشمل البرنامج 4 أهداف، هى: النهوض بالموظف مُقدم الخدمات الجماهيرية لمستوى لائق من الكفاءة والفاعلية، والمساهمة فى التغير الإيجابى للموظفين داخل بيئة العمل، وتنمية المهارات الشخصية والقيادية وكذلك العمل الجماعى للموظفين داخل بيئة العمل، وتنمية مفاهيم الإدارة الحديثة وخدمة العملاء وكذلك مكافحة الفساد داخل بيئة العمل.
ويتضمن برنامج المسئول الحكومى المحترف مجموعة من المحاور التدريبية المتنوعة، منها القيادة، والاتصال والتواصل، وإدارة الأزمات، وإدارة المشروعات المالية لغير المتخصصين، والإتيكيت والبروتوكولات، وبعض المفاهيم التكنولوجية، والتنمية المحلية، والتوعية القومية، والهوية، والأمن، والإدارة العامة، وإدارة التغيير، وبناء فرق العمل، والعلاقات العامة والتعامل مع الجمهور، وتأثير وسائل الإعلام، والإبداع فى بيئة العمل الحديثة، والإصلاح الإدارى للدولة، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
"مروة": التجربة مفيدة ولم أتوقع مستوى التدريب
تقول مروة منصور عبدالفتاح، التى تعمل بالعلاقات العامة فى ديوان عام محافظة البحيرة، إحدى المشاركات فى البرنامج، إن التجربة مفيدة على المستوى الشخصى، وإنها لم تكن تتوقع هذا المستوى العالى فى تدريب مقدَّم للعاملين بالحكومة وتشرف عليه جهة حكومية: «مفيش طريقة روتينية ولا فكر روتينى كما هو موجود فى دورات وبرامج أخرى تعتمد على تسليم الشهادة للحاضرين فقط».
ترى «مروة» أن أهم التحديات التى تواجه الجهاز الإدارى للدولة العنصر البشرى، مؤكدة أن بعضاً من العاملين والموظفين اعتادوا على الروتين ولا يرغبون فى التطوير ويعتبرون أنفسهم خارج دائرة التقييم أو الثواب والعقاب، وتابعت: «الإمكانيات المحدودة والقدرات المتواضعة من التحديات بالتأكيد، وبالتالى نحن جميعاً فى حاجة للتطوير البشرى والتدريب المستمر، خاصة أن مبدأ الثواب والعقاب غائب إلى حد ما فى الجهاز الإدارى، وبعض الموظفين حاسين إنهم ضامنين وظيفتهم وماحدش يقدر يعاقبهم طالما بيمضوا حضور وانصراف»، وتشير فى الوقت نفسه إلى أن هناك تحدياً آخر يتعلق بالمواطن نفسه: «أيضاً هناك مشكلة وعى على مستوى الجمهور الذى يتم التعامل معه، لكن دورنا إحنا كمسئولين وعاملين بالجهاز الإدارى رفع وعى هذا الجمهور وتقديم أفضل خدمة له لتحقيق الرضا».
ترى مروة أن برنامج المسئول الحكومى المحترف يعالج هذه السلبيات ويرفع من مستوى المشاركين المتدربين ودوائر العمل التى يعملون فيها، موضحة: «تعلمنا كيف نطور فريق العمل ونطور من الفرد نفسه مما يصب على الصالح العام، العمل الجماعى مهم، لكنه قائم فى الأساس على مجموع مهارات الأفراد، والتنوع فى الخبرات والجهات بين المتدربين ساهم فى تبادل الخبرات والتجارب بيننا».
"آلاء": البرنامج المصرى لا يقل عن التدريب فى اليابان بل يتفوق من حيث التنظيم والإدارة
تقارن الدكتورة آلاء بسيونى، مديرة إدارة صحة البيئة بمديرية الشئون الصحية بكفر الشيخ، إحدى المتدربات، بين تدريب حصلت عليه فى اليابان عام 2016، وتدريب المسئول الحكومى المحترف فى الأكاديمية الوطنية للتدريب، فتقول: «البرنامج المصرى لا يقل عن التدريب فى اليابان، بل يتفوق من حيث التنظيم والإدارة، أعتبره فرصة عمرى الحقيقية أكبر من اليابان، لأن كل يوم فيه أكتسب خبرات ومهارات أكبر بكثير مما كنت أتوقع». وأضافت آلاء أن أهم معيار لنجاح أى مؤسسة هو حسن اختيار القيادات المسئولة والمحترفة لقيادة المؤسسة بصورة جيدة، لأن مؤسسة دون قيادة جيدة لن تحقق أى تقدم على الأرض: «ده اللى بيحققه البرنامج، بيحاول يخلق قيادات قادرة على دفع مؤسساتها للأمام، وتكون على قدر من الفاعلية، خاصة مع تنوع المحتوى بشكل كبير، حيث نحصل على محاضرات فى إدارة التقييم والتخطيط الاستراتيجى وتكوين فرق العمل وكل ذلك يؤدى لتحسين المهارات والقدرات».
تعتبر آلاء أيضاً أن البرنامج الذى يهدف لتطوير الجهاز الإدارى للدولة يعزز فكرة الانتماء لدى المتدربين: «أنا هتكلم عن نفسى، بقيت فخورة جداً إن حاجة زى دى فى مصر، المواطن لما يشوف تجربة ناجحة بيتعزز انتماؤه لبلده، لأننا بنحس إننا بالفعل مش أقل من غيرنا، وقادرين بالفعل على إحداث تغيير حقيقى وفعال وإيجابى»، تؤكد آلاء أن هذا التغيير بدأ يحدث بصورة كبيرة على أرض الواقع: «فيه تحسن حقيقى فى مستوى الخدمة المقدمة للمواطن بدأ يحدث بالفعل، ده الهدف الأكبر لدينا، التواصل مع المواطن وتقديم خدمة أفضل يحقق درجة رضا أكبر».
تشيد مديرة إدارة صحة البيئة بمديرية الشئون الصحية بكفر الشيخ، التى تقدمت للبرنامج عن طريق الإنترنت، وتتلقى المحاضرات إلكترونياً فى الوقت الحالى، بالتدريب الرقمى داخل الأكاديمية فى ظل الإجراءات الاحترازية لمواجهة كورونا: «هناك احترافية وتنظيم وتواصل بالشبكة وتذليل لأى معوقات، هذه التجربة ناجحة جداً، وهذا بمثابة تحدٍّ لمواجهة أى وضع والتكيف مع أى وضع، ليس فى التدريب فقط، لكن داخل مؤسساتنا أيضاً».
"كريم": حصلنا على تدريبات لتقييم الأداء
كريم عبدالسلام محمد، مهندس تشغيل بوزارة الإسكان بمحافظة الشرقية، أحد المشاركين فى «المسئول الحكومى المحترف» قال إن البرنامج يُكسب المتدرب خبرات على المستوى المهنى والعملى والشخصى أيضاً: «البرنامج مفيد ويكسبنى مهارات فى التعامل مع المدير أو الموظف أو الجمهور وكذلك التعامل مع دوائر الأهل والأصدقاء، لأن الدوائر كلها متصلة وليست منفصلة»، مؤكداً أن التدريب سيساهم فى تغير كبير داخل الجهاز الإدارى من خلال المجموعات المتنوعة المشاركة، والتى تنتمى لمؤسسات وجهات مختلفة، وبالتالى ستنقل خبراتها إلى دوائر عملها لتتسع دائرة الاستفادة.
كريم الذى انتهى من محاضرة إلكترونية حول «تقييم الأداء» ضمن محاضرات البرنامج، يشير إلى أن عملية التقييم واحدة من العمليات المهمة جداً فى إطار العمل، والتى عانى الجهاز الإدارى من غيابها بشكل كبير لفترات طويلة، مضيفاً: «حصلنا فى هذا المحور على كيفية تقييم أداء نفسى أولاً، وتقييم أداء الآخرين من العاملين وفق معايير واضحة، ونجاح عملية التقييم تساعد فى نجاح العمل وتحسين مستوى الخدمة وتحقيق الرضا الجماهيرى».
الأمر نفسه أكده وائل جمعة، مسئول الاستقبال بالمركز التكنولوجى لخدمة المواطنين برئاسة حى حلوان، والذى اجتاز التدريب فى البرنامج ضمن المرحلة الأولى، قائلاً: «التدريب مختلف عن أى تدريب آخر، أثر على المستوى الشخصى والعملى، واستفدنا فى كل مراحل الدورة، والبرنامج التدريبى علمنى كيف أستغل كل مهاراتى، وكيف أتعامل مع الجمهور، وحسن الاستماع للمواطن، وحسن حل الأزمات وإدارة المشروعات».