دروس كورونا الصحية: تطوير الطب الوقائي ومنظومة الترصد الوبائي
إيناس: الرصد المبكر يحتاج لتطوير أكثر وفرق عمل منظمة وإمكانات مادية
الدكتورة إيناس عبد الرحيم أستاذ الطب الوقائي
تطوير قطاع الطب الوقائي وتطبيق منظومة الترصد الوبائي بدقة ومتابعة بؤر الانتشار، هو أحد الدروس التي خرج بها عدد من الأطباء وخبراء السياسات الصحية من أزمة جائحة فيروس كورونا.
ويقول الدكتور علاء غنام، خبير السياسات الصحية، إن برامج الترصد والتنبؤ والاستجابة تسعى لتحقيق وقاية ومكافحة فعالتين للأمراض عن طريق وضع قواعد ومعايير وإرشادات وأدوات للصحة العامة، وعلى الرغم من استقرار الوضع الوبائي في مصر حاليا، فإن هناك حاجة إلى توسيع نطاق الجهود الرامية إلى مراقبة انتشار الأمراض، وحماية الفئات سريعة التأثر، وتوفير إمكانية حصول الجميع على رعاية وعلاج جيدين، للإبقاء على هذا الزخم وإحداث تغيير دائم.
وأشار "غنام" إلى أن جائحة كوفيدــ19 كشفت بوضوح عن الحاجة لتطوير قطاع الطب الوقائي ومنظومة الترصد الوبائي وأن نظام قطاع الطب الوقائي والترصد الوبائي لدينا ليسا بالقوة والكفاءة التي كنا نتصورها، بالرغم من أنه تم بذل مجهود كبير لا ينكره أحد، ولكن هذا القطاع يحتاج لتحديث وتطوير كبير، بحيث يكون قائما على التكنولوجيا الحديثة.
ومن ناحيتها توضح الدكتورة إيناس عبد الرحيم، أن الطب الوقائي مهتم بالرعاية الصحية الأولية primary health care، وهي أساس عمله، حيث إنها تتضمن نقطتين مهمتين جدا، أولهما: التثقيف الصحي بخصوص أي مرض وكيفية الوقاية منه، وهذا واجهناه أكثر خلال أزمة فيروس كورونا حيث بثت وزارة الصحة بالفعل رسائل توعوية كتثقيف صحي عن كورونا وكيفية الوقاية منه، أما الجانب الثاني المهم من الرعاية الصحية الأولية، فيشمل التطعيمات وهي موجودة وبشكل محترم جدا للأمراض التي لها تطعيمات، وهناك أكثر من 10 أمراض لها تطعيمات مجانية تقدمها الوزارة للمواطنين.
وأضافت أن الرعاية الصحية الأولية التي يهتم بها الطب الوقائي، يدخل فيها النظام الصحي السليم في الحياة اليومية، والذي يشمل الغذاء السليم ومستوى أنشطة بدنية معينة مفروض عملها خلال اليوم، هذا فضلا عن الكشف المبكر عن الأمراض، مثلما حدث في مبادرة 100 مليون صحة التي شملت الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة ومنها السكر والضغط والسمنة، ومعهم فيروس سي، لأنه كلما عالجنا المرض مبكرا يكون ذلك أفضل، ولا يترك مضاعفات.
إلا أن أستاذ الطب الوقائي أشارت في الوقت نفسه إلى أن ما يحتاج لتطوير أكثر هو الترصد، الذي يعني الاكتشاف المبكر للمرضى والمخالطين وعمل قائمة بهم، وتحاليل لنعرف مبكرا من أصيب منهم بعدوى وعلاجه، لافتة إلى أن هناك ترصد وبائي يحدث بالفعل لأمراض كثيرة سواء كانت بكتيرية أو طفيلية أو فيروسية، ومنها الالتهاب الكبدي، غير أن كورونا فرضت أن يكون تطوير أكبر في هذا المجال، بأن يكون هناك فرق عمل منظمة، وعمل على مستوى الفريق لترصد أي وباء جغرافيا، وتغطية كل الأماكن الجغرافية.
وأوضحت أستاذ الطب الوقائي أن ذلك يحتاج لبعض الإمكانيات المادية، وليس البشرية فقط، ففيما يتعلق بالكورونا تحديدا فإن الترصد كان يتم عن طريق "المسحة" و"البي سي آر"، وأظن أن من أهم الدورس المستفادة بعد كورونا، الاهتمام بترصد الأوبئة المخلتفة، وتوفير كل الإمكانيات والأدوات اللازمة لذلك، علما بأن الرصد المبكر يؤدي لاتخاذ إجراءات مبكرة ضد المرض، وهو ما يوفر الكثير على المجتمع ككل، حيث يقلل عدد المرضي والمضاعفات التي تظهر لديهم.