المطرب طاهر مصطفى.. ولد نجما وانتهت حياته بحلم مستحيل: نفسي أشوف ابني
الفنان طاهر مصطفى
رغم معاناته من فقدان البصر في الصغر، إلا أنه بدأ مشواره مع الحياة نجما، بعدما تفجرت موهبته في الغناء ليصبح "الطفل المعجزة" لفترة التسعينيات، محققا شهرة واسعة بأداء أغنيات عمالقة الطرب الأصيل، لكن حال المطرب طاهر مصطفى، ظل يتبدل بصورة درامية، إلى أن توارى وانقطعت أخباره تدريجيا.
قبل 10 سنوات استقر طاهر مصطفى، 44 عاما، في مدينة الغردقة، بعدما تزوج ورزقه الله بطفله الوحيد "أحمد"، لكن الزمن الذي جاد على المطرب المعجزة في صغره، أبى أن يكمل فضله عليه، وفرق بينه وبين نجله الذي عشقه وأصبح أمله الوحيد في الدنيا، حيث عاش مع أمه بعيدا عنه بعد انفصالهما وكبر وترعرع حتى بلغ عمره 10 أعوام، بينما لم يجد المطرب إلا حضن والدته وسكن سويا في إحدى شقق المدينة الساحلية.
"ابني واحشني وعايز أشوفه"، آخر كلمات المطرب المعجزة في الدنيا، إذ غادر عالمنا بعد ساعات من تحقيق حلم الغناء مجددا بإحدى الحفلات الليلية بمدينة الغردقة، عقب فترة انقطاع عن الأغاني والحفلات.
سعادة كبيرة، كانت تغمر المطرب طاهر مصطفى، أثناء استعداده للحفل الأخير في حياته، وكأن الزمن عاد به 44 عاما إلى الخلف، ليعود من الكوافير مسرعا إلى أمه يأخذ رأيها كما اعتاد في الماضي: "إيه رأيك في شكلي كده؟"، والتي دعمته بشدة خاصة أنها كانت على يقين بأن الغناء وحده سيخرجه من حزنه على فراق ابنه الوحيد.
أدى طاهر مصطفى، غنوة الوداع، وغادر الحفل وعاد إلى منزله في الواحدة صباحا، بحث عن سريره والسعادة تملأ قلبه، ونام في سبات عميق للأبد، وتكتشف والدته وفاته أثناء محاولتها إيقاظه في الصباح، ويتم دفنه بمقابر الغردقة، بحضور عدد من أصدقائه والفرقة الموسيقية ونقيب الموسيقين بالغردقة.
يقول محمد رشاد أحد المطربين المشهورين بالغردقة، إنه حضر عدة حفلات مع المطرب الراحل في قصر ثقافة الغردقة قبل خمس سنوات، موضحا أنه عمل بالفنادق والملاهي الليلية لفترة، وكانت سيرته عطرة ومحبا للفن، إذ كان يرفض أداء أغان هابطة ويتمسك بالطرب الأصيل.
يضيف رشاد، أن الراحل أجرى عملية جراحية في عينيه خارج مصر، ليتمكن من الرؤية بإحدى عينيه بنسبة بسيطة، ويركب للأخرى عينا صناعية، بعد أن كان كفيفا في الصغر.
العازف فتحى الدكماوي، أحد أفراد الفرقة المصاحبة للمطرب الراحل طاهر مصطفى، يقول إنه لازمه في العمل منذ سنوات، واصفا لحظاته الأخيرة بأنه "كان متسامحا جدا، وكان نفسه يرى ابنه".
ويؤكد أن المطرب الراحل، كان دائما ما يقول لفرقته "ابني واحشني ونفسي أشوفه"، موضحا أن طليقته منعته من رؤية ابنه الوحيد الذي كان سيكمل عامه العاشر يوم 22 أكتوبر الجاري، مشيرا إلى أنه ورث عن أبيه ضعف النظر.
الحفلة الأخيرة في حياة طاهر مصطفى، التي سبقت وفاته بساعات كان يغني فيها بانسجام شديد، بحسب الدكماوي، الذي أكد أنه كان متوقفا عن الغناء منذ فترة، ولا يرضى بالغناء في الملاهي الليلية التي لا تناسب أغانيه وأدائه، مشددا على أنه كان مطربا من العيار الثقيل ونضج كثيرا في السنوات الأخيرة، وأصبح له طابع خاص به بعد أن كان "الطفل المعجزة" ويؤدي أغاني المطربين المشهورين.
ويشير الدكماوي، إلى أن والدة طاهر مصطفى، كانت ترافقه طوال حياته ولم تفترق عنه لحظة منذ الصغر، وجاءت إلى الغردقة لتستقر معه وكانت ترعاه دائما، مضيفا أن لديه أخ يدعي هاني يعيش بالقاهرة.
ولقب طاهر مصطفى بالطفل المعجزة في بداية نشأته، اشتهر في أوائل التسعينات بأداء العديد من الأغاني لكبار المطربين، وقدم أول ألبوماته بعنوان "الأمل" وغني لكوكب الشرق أم كلثوم و"من غير ليه" لمحمد عبد الوهاب، وحقق من خلالها شهرة كبيرة جدا.
وقدم المطرب الراحل في مرحلة الطفولة، 4 ألبومات لكبار المطربين منها أغان لأم كلثوم ومحمد عبدالوهاب، لكنه توقف عن الغناء في مرحلة النمو وتغير الصوت في فترة المراهقة، فأكمل طريقه في الغناء في الملاهي الليلية والفنادق بمدينة الغردقة.
وأحيا المطرب طاهر مصطفى آخر الحفلات أول أمس، وتوفى بعدها بساعات في منزله، الذي كان يقيم فيه منذ فترة، برفقة والدته، حيث كان لا يشكو من أي أعراض مرضية.
وأعلن خبر الوفاة في البداية، عددا من شباب مدينة الغردقة عبر صفحات "الفيسبوك، مطالبين بالذهاب إلى المدافن للصلاة عليه، وتم دفنه بمقابر الغردقة، بحضور عدد من أصدقائه والفرقة الموسيقية وعدد من الموسيقيين.