جمعتهم الحياة وكورونا وفرقهم الموت.. قصة 2 من أسرة واحدة قتلهم الفيروس
مسؤول العزل لـ"الوطن": الأم وابنها دخلا وحالتهما سيئة ولم نقصر معهما
الأبن
لم تكن تعلم الأسرة أنها على موعد مع فيروس كورونا المستجد، لتجمعهم الإصابة به معاً داخل مستشفى عزل واحدة بمحافظة دمياط، وانتهى الأمر بوفاة الأم والابن، فيما نجا الأب بأعجوبة وتحسنت حالته وخرج من المستشفى.
"الوطن" تحدثت مع أفراد الأسرة حول تفاصيل إصابة أفرادها حتى لقت الأم الستينية وابنها الأربعيني، حيث اتهم ابنها وزوجها المستشفى بإهمال حالة المتوفييّن، على حد قولهما.
ويروي محمد دعية، ابن السيدة المتوفاة لـ"الوطن"، تفاصيل ما حدث، قائلًا، إن الدته "الحاجة زينب"، 68 عامًا، كانت تشكو من القلب وألم في العظام، وقبل أيام شكت من ارتفاع درجة الحرارة مع سعال، وهي الأعراض ذاتها التي شكا منها شقيقه "مصطفى" صاحب الـ48 عامًا، ونُقلت الوالدة لمستشفى كفر سعد المركزي "العزل"، وكانت نسبة الأكسجين لديها 98%، أي في المعدل الطبيعي، فيما كانت نسبة الأكسجين لدى شقيقه 96%، وأجريت لهما الأشعة والتحاليل التي كشفت إصابتهما بفيروس كورونا، فتم حجزهما معا داخل مستشفى العزل ذاته، رغم رفضهم في البداية حجز الوالدة -على حد قوله- إلا أن الفحوصات أثبتت إصابتها بكورونا فحُجزا معا.
ويضيف "محمد": بدأت حالتهما تسوء تدريجيًا وتنخفض نسبة الأكسجين على مدار الأيام التالية، حيث وُضعا على جهاز الاستنشاق، إلى أن انخفضت نسبة الأكسجين إلى 65% لدى الوالدة و85% لدى الشقيق، ثم انخفضت النسبة إلى 50%، حيث تم وضعهما على جهاز "السباب".
وتابع "علمنا أن الطعام كان يتم وضعه أمام غرفتهما، ولا يتم إدخاله إليهما في وقت كانت حالتهما الصحية متدهورة ولا يمكنهما القيام من على الأسرّة وتناول الطعام بنفسيهما، كما كنا نرسل الطعام لهما يوميًا فكان يعود إلينا بعد تعفنه دون أن تتمكن والدتي وشقيقي من تناوله، إلى أن لفظ الاثنان أنفاسهما الأخيرة، حيث ورد بتقرير الوفاة لهما أن السبب هبوط حاد في الدورة الدموية".
وطالب "محمد" بالتحقيق في الواقعة ومحاسبة أي مخطئ، مشيرًا إلى دفن ذويه مع اتخاذ الإجراءات الاحترازية اللازمة للوقاية من فيروس كورونا، حيث لم تجرَ لهما جنازة.
وتابع "محمد"، بأن شقيقه الأكبر "مصطفى" كان يعمل موظفًا في هيئة الثروة السمكية، وزوجته وأولاده وإخوته مخالطون له، وظهرت الأعراض على عدد منهم، مثل السعال والارتفاع الطفيف في درجة الحرارة، ومن ثم دخلوا في عزل منزلي.
وتضيف "إيمان" ابنة المتوفاة، أن شقيقها الأكبر الذي كان بمثابة والدها ترك زوجة وثلاثة أبناء، مشيرة إلى أن والدتها وشقيقها ساءت حالتهما بعد دخولهما المستشفى، وكانا في حالة يرثى لها.
وتابعت "علمنا أنه تم إبلاغ شقيقي بخبر وفاة والدته، فدخل في حالة انهيار تام وظل يصرخ ويخبط رأسه في الحائط داخل العناية المركزة، وارتفع ضغطه ليدخل في غيبوبة لـ4 ساعات، ويتوفاه الله هو الآخر، ليلحق بوالدته"، مطالبة بالتحقيق مع من سرب خبر وفاة والدتها لشقيقها المريض.
وذكرت "إيمان"، أن شقيقها مات حزنًا وقهرًا على أمه، مما تسبب في دخوله في غيبوبة من الساعة 3 إلى 7 صباحًا، حيث ارتفع ضغطه بعد خبر وفاة والدته، أما والدته فتوفيت بسبب نقص الأكسجين الذي وصل لـ40%، ولم توضع على جهاز "السباب".
وأضافت أن والدتها كانت تقول لها قبل وفاتها "أنا باموت يا بنتي جعانة، وذلك خلال إطعامي لها شوربة خضار، قالت لى كان نفسي فيها أوي"، وكأن أحدًا لم يكن يطعمها داخل العناية، وبعد فترة لم تعد تعرفنا من شدة تعبها.
في المقابل، يقول الدكتور محمد البصراطي مسؤول العزل بمستشفى كفر سعد المركزي لـ"الوطن"، إن "الحاجة زينب" دخلت العناية المركزة، وظلت محتجزة بها 9 أيام، وتم التعامل معها خلالها وتقديم أدوية البروتوكول المتبع داخل مستشفيات العزل المصرية، كما كان يتم المرور عليها يوميًا من قِبل الأطباء وطاقم التمريض، مع الأخذ في الحسبان أن كل حالة كورونا تتم مراعاة عدة اعتبارات، منها مناعة المريض ومدى وصول الفيروس للرئة وتمكنه منها، ومعاناته من أمراض مزمنة أم لا وعمر المريض، كما يتم عمل جلسات بالتبادل واستخدام جلسات الأكسجين أو "السباب"، وكل حالة حسب حالتها.
وأضاف البصراطي قائلا: كلام الأسرة حول إبلاغ الابن بوفاة والدته غير صحيح ولا يمكن أن يحدث، أنا شخصيا كنت باتابع حالة الأم والأب والأبن ولم أكن على علم بصلة القرابة إلا بعد الوفاة، نحن نعالج كل حالة تدخل إلينا دون معرفة صلة قرابة بعضهم البعض.
وأضاف "البصراطي"، قائلًا "لا أحد يعلم بالأساس من قريب مين إلا بعد الوفاة، وفي ما يخص حالة الابن فكانت نسبة الأكسجين قد وصلت لديه إلى 80%، وتم إدخاله غرفة العناية المركزة ليوم واحد بمجرد توافر مكان، أما الأم فظلت محتجزة بالرعاية على مدار 9 أيام منذ دخولها، نظرًا لسوء حالتها منذ وصولها، حيث كانت تعاني من أمراض مزمنة.
وأردف "البصراطي"، قائلًا، إذا كان التمريض يتابع كل حالة على حدة، فلن يتم توزيع الطعام، بأي منطق يقال هذا الكلام، ولا يمكن أن يتم التغاضي عن توزيع الوجبات عن أحد الحالات المحتجزة مطلقًا".
واختتم "البصراطي"، قائلًا، إن كافة حالات كورونا تموت بهبوط حاد في الدورة الدموية والتنفسية بعد تدهور حالتهم، ويكون التقرير الخاص بالوفاة مكتوباً فيه "دخول الحالات باشتباه كورونا ووفاتها بهبوط حاد في الدورة الدموية والتنفسية تؤدي إلى الوفاة، ويجب اتباع الإجراءات اللازمة في عملية الدفن والغسل والكفن، ومعاملتها معاملة الأمراض المعدية والوبائية".