إبراهيم حجازى يكتب: معركة الزيادة السكانية.. جنودها تمام يا أفندم!
إبراهيم حجازى
قضايا الوطن المختلفة.. هى قضايانا جميعاً.. أنا وأنت وهو وهى!.
نعم.. كل واحد منا يمكن.. بل يجب.. أن يكون له دور فاعل وإيجابى فى أى قضية للوطن تبحث عن حلول!.
نعم.. الإعلام لا بد أن يكون حاضراً فى كل وقت وأى مكان.. لأن مسئوليته الإبقاء على أى قضية.. حاضرة طوال الوقت فى أذهاننا وأمام عيوننا وألا تغيب لحظة عن بالنا!.
نعم.. الذى يجب أن يكون.. هو للأسف لا يكون.. وأول من «باع القضية» أنا وأنت وهو وهى!. كيف؟
لأننا «مغروسين لشوشتنا».. فى الفيس بوك وعلى تويتر.. وياريته بفايدة!. ناس عروقها «قربت تطق» من الحماسة وهى تدافع عن الست اللى عندها طيارة.. وناس «دمها محروق على الست الغلبانة اللى فى المطر غرقانة»!. إنه العالم الافتراضى الذى شغلونا واشتغلونا به.. فى حكايات وهمية.. هى أقصر طريق لصناعة وترسيخ الخلافات بيننا نحن المصريين!. المناقشات الحامية التى تأخذ منا وقتاً وأعصاباً وأشياء أخرى.. راحت إلى حال سبيلها.. تاركة لنا الخلاف الذى شق صفوفنا.. وخلاف ذلك لم نخرج بإيجابية واحدة نستفيد منها!.
نعم.. ما يجب أن يكون لا يكون.. لأن الإعلام فى قضايانا.. حضوره وقتى ليس فيه استدامة.. رغم أن هناك قضايا وطنية.. لا بد للإعلام أن يجعلها قضايا رأى عام.. إلى أن يتأثر ويتجاوب وينفذ الرأى العام!.
عندنا قضية وطنية الدولة تحارب فيها من 55 سنة! قضية الزيادة السكانية التى تنبهت لها الدولة.. وبدأت تنبه المصريين لها سنة 1965.. من هذا الزمن البعيد.. سمع المصريون عن المشكلة «اللى» من كلمتين.. الزيادة السكانية! المشكلة اللى من كلمتين تطفو على السطح فترة.. وتغطس للأعماق فترات.. تكرارها وغيابها وحضورها وانصرافها.. تعوّد المصريون عليه.. دون أن يهتموا به لا لشىء إلا لأن الحدوتة على بعضها نطرحها بصورة شكلية خالية من أى مضمون.. وكلام على ورق أو صوت فى الهواء.. ولا هذا أو ذاك.. يكفى لصناعة الوعى العام!.
زمان كانت الزيادة السكانية أكبر خطر.. الآن يزاملها خطر أكبر اسمه الإرهاب.. ومن ثلاث سنوات الرئيس السيسى نبهنا إلى أن أكبر خطرين على أمن مصر القومى.. الإرهاب والزيادة السكانية!. اللافت للنظر أن أكبر خطرين على الوطن.. ليسا على بال «النخبة إياها» من 2011 وحتى الآن!.
عندما كلف الشعب المصرى الرئيس السيسى بقيادة الوطن.. ولا واحد «من النخبة».. أشار إلى المهمة المستحيلة المكلف بها.. من المشكلات المزمنة المتراكمة فى كل المجالات.. إلى الأخطار الداهمة على أمن مصر والتنمية فى مصر!. عندما تأتى سيرة الإرهاب.. بمنتهى البجاحة يبررون وجوده.. بغياب حقوق الإنسان.. والحمد لله أن أمريكا أفرجت عن بعض مراسلات وزيرة خارجيتها هيلارى كلينتون أيام الرئيس أوباما.. الحمد لله أن العالم كله عرف أن كل العمليات الإرهابية القائمة من سنين فى الشرق الأوسط كله لا مصر وحدها.. كلها منظمة ومتفق عليها ومخطط لها.. وأن حقوق الإنسان بريئة من دمها!.
«النخبة إياها» عمرها ما اتكلمت عن الزيادة السكانية باعتبارها وحشاً توحش يقضى على أى تنمية قبل ما تنمو!. لا يجيبوا سيرتها باعتبارها الجدار الحديدى الذى يمنع التنمية!. ولا يقولوا كلمة حق إنها مشكلة قديمة مزمنة.. لا يجب أن يحمل الرئيس أوزارها.. وعلينا أن نتعاون جميعاً لأجل حلها!. ما علينا!.
يوم الاثنين الماضى تناول «الأهرام» قضية الزيادة السكانية فى تحقيق صحفى متميز للأستاذ وليد رمضان.. رصد فيه آخر إحصائيات وبيانات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء.. وسجل آراء مجموعة من الخبراء. الأرقام التى جاءت فى التحقيق عن الزيادة السكانية وحجم الإنفاق الحكومى لمواجهتها.. أرقام تخض بجد.. ليس فقط لأنها بهذا الحجم.. إنما لكونها تتضاعف ومستمرة فى التضاعف.. ما لم نؤمن تماماً بأن كل الإجراءات والحملات والأفكار والخطط التى واجهنا بها الزيادة السكانية فى السنين الطويلة التى مضت.. هى والعدم سواء وكأنها لم تحدث.. وأخشى أنها كانت سبباً فى ارتفاع الزيادة السكانية!.
علينا أن نجعل الزيادة السكانية قضية رأى عام.. إلى أن يأمر الله أمراً كان مقضياً!. إزاى؟
يعنى كل واحد فى مصر تكون هذه قضيته!. وهل يمكن ذلك؟. نعم ممكن وقبل أن أوضح.. يهمنى استرجاع هذه الأرقام مع حضراتكم.. ليست فقط كلمات على سطور تُقرأ.. إنما هى نموذج لرسالة لا بد أن تصل لكل المصريين ويعرفها كل المصريين!.
فى فبراير الماضى كنا 100 مليون نسمة.. على ما وصلنا شهر أكتوبر وصلنا 101 مليون.. بالذمة ده كلام!. إحنا كل 20 ثانية بنزيد مواطن جديد!. الاستراتيجية الوطنية للسكان والتنمية عام 2030 كان المخطط لها أن نكون 110 ملايين.. إلا أن حكاية كل 20 ثانية مولود تشير إلى أننا وفقاً لهذه المعدلات القياسية سنكون 119 مليوناً.. يعنى 9 ملايين زيادة!. معنى هذا أننا سنة 2055 سنكون 192 مليون نسمة.. وسنكون السابع على العالم فى الزيادة السكانية!.
الزيادة المهولة فى السكان.. الدولة تواجهها بقدر ما تملك من ميزانيات!. الإنفاق على التعليم تضاعفت ميزانيته 8 مرات لمواجهة الزيادة الرهيبة فى تعدادنا.. ويا ريت «مِقَضّى».. لو أن الزيادة السكانية الهائلة غير موجودة.. لنا أن نتصور مستوى التعليم إذا ما ذهبت الميزانية التى تضاعفت 8 مرات.. للارتقاء بالعملية التعليمية!. بالمناسبة ميزانية التعليم.. قبل الجامعى والجامعى.. فى 2004 كانت 20 مليار جنيه وفى سنة 2020 الميزانية 158 مليار جنيه!.
كيف نجعل الزيادة السكانية قضية كل مصرى؟. بسيطة.. نخلق لكل واحد منا دوراً يقوم به!.
الأهم أن يتم ذلك فى الوقت الذى سنجعل فيه الزيادة السكانية قضية رأى عام!.
قد يقول قائل: كيف يكون لكل مصرى دور فى هذه القضية.. ومنا المسئولون عن هذه الكارثة.. أقصد الذين ينجبون بلا عدد!. أقول: أول خطوة فى مشوار الوعى.. الذين ينجبون بلا حساب.. بصورة أو أخرى لا بد أن يسمعوا.. يسمعونا!. مع بعض لغاية ما يتعودوا على حسن الإنصات!. الجزء الأساسى.. ونحن نجعلها قضية رأى عام.. أن نجعلهم يعطون أنفسهم ويعطوننا الفرصة لسماع ما نقول!. مطلب عادل.. لا ضرر ولا ضرار فيه!. يسمع فقط.. وحقه علينا أن نسمعه وحقنا عليه أن نوضح له.. أن الرزق اللى ربنا بيرزقه بيه.. لو انصرف على اثنين غير لما ينصرف على سبعة!.
كل واحد منا لا بد أن يكون له دور.. فى إطار حملة لم تمر على مصر مثلها!. أهم فئة مؤثرة فى هذه الحملة الشباب.. وعليه!
لأجل أن تكون الزيادة السكانية قضية رأى عام بجد.. يعنى كل المصريين عايشين فيها.. لا بد من قرار يهز وينبه المجتمع إلى خطورة ما نحن مقبلون عليه!.
قرار بوقف الدراسة لمدة أسبوع فى التعليم قبل الجامعى والجامعى!. ليه؟.
لأجل الـ28 مليون طالبة وطالب يصبحون جنود معركة الوعى ومقاتليها.. لأنهم الأقدر والأكفأ على الحوار والنقاش مع أهالينا على كل أرض مصرية!. لأنهم قوة فاعلة مؤثرة.. لأنهم بنات وأولاد هذا الشعب.. فى الريف وفى المدن!.
لأن الوعى الذى نحلم به.. يأتى بالحوار وجهاً لوجه بين ناس شبه بعض.. والمؤكد أن الأبناء سينجحون فى إقناع أهالينا بحتمية تنظيم النسل!. الـ28 مليون طالبة وطالب.. سيدخلون كل بيت فى كل قرية وعزبة وكفر ونجع ومدينة!. المسألة ليست مستحيلة ولا حتى صعبة.. لأن كل طالبة أو طالب.. سيحاور ويناقش ويشرح.. لاثنين أو ثلاثة من أهالينا على أقصى تقدير.. إذا ما اعتبرنا أن المستهدف 60 مليون مواطن!.
طبعاً قبل أن تتوقف الدراسة لأجل الحملة.. يمكن خلال أسبوع أن يشرح المدرسون فى المدارس وأعضاء هيئات التدريس فى الجامعات.. أبعاد القضية المسكوت عنها.. من الناحية الدينية والاقتصادية والصحية!.
إلى جوار قوة الشباب الضاربة.. يمكن أن يكون للنجوم والمشاهير دور فى التوعية من خلال الإعلام بمختلف صوره!.
أيضاً الدولة مطلوب منها حزمة إجراءات لمواجهة تسرب التعليم والزواج المبكر.. والأهم من كل هذا.. القوانين الإيجابية القائمة على الترغيب لا الترهيب!. حزمة مميزات للأسرة الملتزمة بطفلين!.
خلاصة القول: الزيادة السكانية.. مشكلة لا تحتمل السكوت لأكثر من ذلك!. مشكلة.. ضمانة حلها قائمة على الوعى.. وعى كل المصريين!. الوعى الذى نريده ونتمناه.. أقصر الطرق إليه باللقاءات المباشرة.. وأقدر من يحقق ذلك.. الـ28 مليون طالب وطالبة.. جنود مصر فى معركة الزيادة السكانية!.