«نزول النقطة» عبقرية المصري القديم في الزراعة.. تعرف عليها
فيضان النيل
تعتبر ظاهرة نزول النقطة واحدة من أبرز المصطلحات التي وضعها الفلاح المصري في التقويم وربطها بالزراعة خلال الموسم الزراعي الصيفي، ولا يوجد هذا المصطلح إلا في التقاويم المصرية، وهي مأثورة عن الفراعنة وتعد هي الوقت الطبيعي لفيضان النيل، وبمجرد نزلها يبدأ الفوران والزيادة في كل شيء حتى الزرع والأشجار والسوائل في الأواني وكل شيء فيه ماء أو سائل.
الدكتور محمد فهيم، رئيس مركز معلومات تغير المناخ والطاقة المتجددة والنظم الخبيرة يقول إن كثيرا من المشتغلين بالزراعة يطلقون جملة «نزول النقطة» أو «وزن النقطة» على بداية سريان الماء في الثمار، وخاصة المانجو والعنب والموالح وبعض ثمار الفاكهة الاخرى وهو مدلول زراعي، يعني تحول الأنسجة الميرستيمية الداخلية فى الثمار إلى عصير خلوي غزير وبداية الدخول فى مرحلة التحجيم أو بدايات النضج.
وأضاف فهيم أن القدماء المصريين كانوا يرصدون وقت نزول النقطة وكانوا يرصدون دخول الشمس لبرج السرطان حتى خروجها من برج العذراء، ويوافقها 21 يونيو من كل عام، وسوف تنزل نقطة السرطان يوم 16 يونيو 2021 الساعة 4 و4 دقائق عصرا وتنتهي يوم 17 يونيو الساعة 8 و54 دقيقة مساء، ومتوقع ألا تتزحزح كثيراً هذا العام.
ماذا يعني ذلك زراعياً؟
وأوضح أن سرعة سريان العصارة النباتية داخل النباتات والأشجار تكون في أشد معدلاتها، بالتالي تكون النباتات في أشد معدلات امتصاصها للماء والعناصر من التربة، ويجب أخذ ذلك في الاعتبار في حسابات معدلات الري والمقننات المائية والسمادية وتعويض النبات بكميات المياه اللازمة لكل مرحلة من مراحل النمو، وزيادة معدلات الامتصاص حيث يحدث إجهاد فسيولوجي للشعيرات الجذرية، ما يجعلها عرضة للإصابة بفطريات التربة من أعفان جذور وذبول.
وأشار إلى أن بعض الأشجار تبدأ في إعداد وتكوين دورات النمو الصيفية لتكوين كيان الشجرة من الأفرع والنموات أو الدوابر والطرحات الثمرية للموسم القادم، وهو أمر مهم جدا لوضع برنامج تغذية خاص بحيث لا يحدث تداخل بين ما هو موجه للنمو الخضري مع الموجه للنمو الثمرى والتحجيم.
ولفت فهيم إلى أن الثمار الفاكهة الصيفية تبدأ فى زيادة الحجم بطريقة سريعة، حيث إنه في الطبيعي يحدث تناسق بين زيادة لحم الثمرة «اللب» وبين القشرة «جلد الثمرة»، وبالتالي مهم جدا البدء في برنامج التحجيم الآمن للفاكهة الصيفية (المانجو – الرمان – التين – الزيتون – البلح – الكمثرى – التفاح – البرتقال - الليمون).
وأوضح ضرورة قصر فترات النمو الخضري للمحاصيل الحولية محاصيل وخضر واتجاهها نحو النمو الزهرى والثمري وبالتالى العمل على تغذية وتسميد المحاصيل بالأسمدة المتوازنة والبعد عن الأزوت العالي خلال هذه الفترات حتى لا يحدث أما هياج للنمو الخضري على حساب الثمري (أزوت عالي) أو تزهير مبكر على حساب النمو الخضري الأساسي (عدم توازن التسميد).
وأشار فهيم إلى أن نزول النقطة وزيادة معدلات الندى والرطوبة الجوية في الصورة الغازية وزيادة الرطوبة الحرة صباحاً على «عرش» النباتات، وبالتالي زيادة الظروف المناسبة لقيام دورات من الأمراض المحبة للرطوبة الحرة (بياض زغبي – انثراكنوز).
وأكد أنه سوف تزيد أيضا الطاقة الحرارية للأشعة الشمسية قصيرة الموجة وبالتالي زيادة البخر من النباتات وتعرضها للإجهادات الحرارية المعروفة، ومنها زيادة ضراوة الإصابات الحشرية بالتحديد الثاقبة الماصة (الذبابة البيضاء – الجاسيد).
ولفت إلى أنه يوجد مصطلح آخر دارج بين مزارعي الفاكهة اسمه وزن النقطة، وهو مختلف عن نزول النقطة وإن كان مرتبطا به مناخيا، ووزن النقطة معناه نزول الروح لتتحول الثمرة من تفل إلى ماء (عصير) أي عندما تعصر ينزل الماء.