عيد النيروز.. كيف استفاد المصريون من السنة القبطية في الطقس والزراعة؟
السنة الفرعونية
تبدأ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، غدًا السبت، الاحتفال بـ«عيد النيروز» أو رأس السنة القبطية، للعام القبطي 1738، والذي يبدأ بشهر «توت»، ويودع بشهر صغير يُطلق عليه «نسيء»، وهو تقويم يحظى بميراث كبير في الثقافة الشعبية المصرية سواء بارتباطه بالطقس، أو الزراعة، أو الأمثال الشعبية.
عيد النيروز يسميه الأقباط بـ«عيد الشهداء»، نظرًا لأن السنة الأولى للتقويم الحالي ارتبطت بعصر الإمبراطور دقلديانوس، والذي تصفه الكنيسة بأنه «عصر الشهداء»، حيث إن الكنيسة القبطية لم تُنشئ هذا التقويم من العدم، ولكنه امتداد للتقويم المصري القديم، وفي عام 4525 فرعونيًا، قررت الكنيسة تصفير التقويم والبدء من جديد ليكون العام رقم 1، وهذا في محاولة لتأريخ هذه الفترة التي عانى فيها المسيحيون بشدة من الاضطهاد.
تعتمد عليه الكنيسة في أعيادها
يقول البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، في عظة له عن عيد النيروز، إن الكنيسة تتبع السنة القبطية في كل أعيادها ومواسمها، والشهور في السنة القبطية هي شهور حسابية، بمعنى أنها كل شهر 30 يومًا ولذلك يوجد بها 13 شهرًا عبارة عن 12 شهرًا مدة كل شهر 30 يومًا، والشهر الأخير يتراوح بين 5 أو 6 أيام.
ونظرًا لأن التقويم فرعوني الأصل، فإن جميع المصريين ارتبطوا به وليس الكنيسة وأعيادها فحسب، حيث اعتمد عليه المصريون في الزراعة، لأنه أُنشئ اعتمادًا على السنة الشمسية، وكان مرتبطًا بميعاد اكتمال موسم فيضان النيل، والذي يعتبر أول يوم في السنة الزراعية الجديدة بالنسبة للفلاحين.
ارتباط التقويم بالزراعة والأمثال الشعبية
اعتماد المصري القديم على التقويم في الزراعة ظهر واضحًا في الأمثال الشعبية التي تداولتها الأجيال المتعاقبة، ومنها المثل القائل: «مسرى تجري فيه كل ترعة عسرة»، وهو يشير إلى شدة الفيضان في هذا الوقت والتي تستطيع غمر الترع، وتتدفق المياه فيها لكي تفتح المجاري المائية المسدودة، وأيضًا المثل الشعبي القائل: «في شهر توت إروي ولا تفوت»، والذي يدعو الفلاحين إلى ضرورة ري أراضيهم في شهر توت بعد اكتمال موسم الفيضان، ومنها أيضًا المثل القائل: «إن فاتك (شهر) هاتور اصبر لما السنة تدور»، والذي يعني أنه إذا لم تزرع القمح في شهر هاتور عليك الانتظار إلى السنة المقبلة حتى تستطيع زراعته من جديد، كما قالوا أيضًا: «شهر أبيب فيه العنب يطيب»، أي أنه الشهر الذي ينضج فيه محصول العنب ويمكن حصاده.
ارتباط التقويم بالطقس
لم يربط المصري القديم هذا التقويم بالزراعة فقط، بل ربطه أيضًا بالطقس، وتقلباته، ومنها فصل الشتاء الذي عبروا عنه بأكثر من مثل شعبي، مثل: «في شهر بابة خش واقفل الدرابة»، أي أنه في هذا الشهر عليك إغلاق منافذ منزلك جيدًا نظرًا لشدة البرد في هذا التوقيت، وأيضًا: «طوبة يخلي الشابة كركوبة»، أي أن شدة البرد في هذا التوقيت تؤثر على الجميع لدرجة أنها تجعل الفتاة الشابة مثل السيدة العجوز، كما أطلقوا أيضًا اسم «أمشير» إله الزوابع على أحد شهور السنة الفرعونية الذي يكثر فيه الرياح.