بريد الوطن .. شجرة الجميز العتيقة (قصة قصيرة)
ارشيفية
ما زال قلبها يهفو إلى شجرة الجميز العتيقة التى تجاور منزلهم، كثيراً ما تذهب إليها وتجلس قُبالتها بالساعات تنظر إلى جذعها متأملة حروف اسمها الذى لم يُطمس بعد، لقد نقشه حبيبها وزوجها منذ سنوات ولا يزال النقش على حاله، إلا أن صاحب النقش قد مات منذ أيام، خلَّف وراءه عشرات الذكريات معها.
كان عليها الذهاب إلى سجل القيد العائلى لتقديم شهادة وفاة زوجها واستخراج كافة الوثائق التى تتبع الوفاة، كان المكان مُكتظاً بالنساء.
جلست فى ساحات الانتظار تنتظر دورها، تنظر فى الوجوه فراعها أن ترى الحزن وقد خيم وعشش، ولشَدَّ ما حزنت عندما رأت امرأة تسقط على الأرض حينما علمت من موظف السجل أن زوجها كان متزوجاً عليها ولديه طفلٌ من زوجته الأخرى، هرولت إليها وأطلقت السيدة وابلاً من الكلمات التى خرجت بعفوية: - لم أقصر معه فى شىء، كنت له الحبيبة والأم والأخت والابنة والصاحب.. فلمَ يقتلنى بنصل بارد؟ لمَ لمْ يترك لى روعة الذكريات تُبقينى حية؟ لقد كرهته ميتاً كما أمقت الآن كل ذكرى جمعتنى به! لا تدرى ماذا فعلت بها كلمات تلك السيدة؟ لم تكن كلمات بقدر ما كانت طلقات مدافع تخترق صدرها، ماذا لو حدث معها مثلما حدث مع تلك السيدة؟ وماذا سيكون مصير شجرة الجميز العتيقة من روحها؟ وماذا سيكون حالها مع كل زاوية وركن وشارع؟ وفى تلك الأثناء سمعت اسمها يُنادى من قِبل موظف الاستقبال فلم تقوَ قدمها على حملها وبقيت شاخصة والأوهام تُحيط بها من كل جانب.
أشرف غازى- قاص مصر
يتشرف باب «نبض الشارع» باستقبال مشاركاتكم المتميزة للنشر، دون أي محاذير رقابية أو سياسية، آملين أن يجد فيه كل صاحب رأي أو موهبة متنفساً له تحمل صوته للملايين.. "الوطن" تتلقى مقالاتكم ومشاركاتكم على عنوان البريد التالي bareed.elwatan@elwatannews.com