مفاجآت يحيى حقي بمعرض الكتاب 2022 يكشفها كاتب «وصية صاحب القنديل»
يحيى حقي
من أزقة الفقراء ودروب المهمشين بحواري القاهرة، خلف «المقام الزينبي» تحديدًا، مرورًا بساحة الأزهر والمشهد الحسيني، ظل متيمنًا عاشقًا لمصر وترابها، منتقلًا إلى منفلوط في قلب الصعيد، راحلًا إلى جدة، محلقًا نحو الأناضول وفرنسا، ينتهي به المطاف وزيرًا مفوضًا في ليبيا، في رحلة طويلة مع التأمل، قبل أن يعود الأديب الراحل يحيى حقي إلى المحروسة، مستكملًا حياة حافلة من الإبداع، حتى وفاته في مثل هذا اليوم التاسع من ديسمبر عام 1992، لتبقى حصيلة 28 كتابًا، شاهدة على استمراريته، مؤكّدة أنَّه أبدًا لن يموت، لأنّه دائمًا يردد «خليها على الله».
تميز يحيى حقي بالتنوع في كل موضوعاته، إذ كتب الرواية مثل قنديل أم هاشم والبوسطجي، والقصة القصيرة، وتناول المسرح في كتاباته، وتحدث عن الفن التشكيلي، فضلًا عن الموسيقى والمقالات الدينية، إضافة إلى انشغاله الدائم بالإنسان المصري البسيط بكل ما يحمله من جوانب اجتماعية بديعة، وذلك خلال 28 كتابا فقط مسيرته الطويلة مع الكتابة والإبداع، هكذا يرى الدكتور صلاح معاطي تلميذ صاحب «سارق الكحل» أستاذه الراحل.
من حي السيدة كانت البداية
ولد يحيى حقي في 17 يناير 1905، بالقاهرة، لأسرة ذات جذور تركية، في بيت صغير من بيوت وزارة الأوقاف بـ«درب الميضة» وراء «المقام الزينبي» في حي السيدة زينب، تلقى تعليمه الأوليَّ في كُتَّاب «السيدة زينب»، والتحق بمدرسة «والدة عباس باشا الأول»، وكانت مجانية للفقراء والعامة، في عام 1912، بعد انتقال أسرته للعيش في حي الخليفة، انتقل من مدرسة إلى أخرى حتى حصل على الليسانس من مدرسة الحقوق السلطانية العليا في جامعة فؤاد الأول، سنة 1921.
أدب المقدمات عند يحيى حقي
الدكتور صلاح معاطي صاحب كتاب «وصية صاحب القنديل»، كشف مفاجأة لكل محبي وعشاق الأديب الراحل، بإعلانه قرب صدور كتاب «أدب المقدمات عند يحيى حقي»، مؤكّدًا خلال تصريحات خاصة لـ«الوطن»، طرحه بالتزامن مع معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ53، المقرر إقامته في يناير المقبل، مشيرًا إلى أنَّ الكتاب سيتضمن مجموعة من الدراسات الأدبية الخاصة بكيفية كتابة المقدمة، سواء التي كتبها الراحل، أو التي كتبها عنه بعض النقاد.
معاطي: عندما أكتب رواية أضع يحيى حقي أمامي وكأنّي أستشيره
يقول «معاطي»: أفتقد يحيى حقي بشدة فهو معلمي الأول، وغيري الكثير من الأدباء الذين أصبحوا ملء السمع والأبصار، كان عظيما، كريما، معطاءً، لم يبخل بمعلومة ولا نصيحة، بل كان يساندنا ويقف خلفنا ويدلنا ويرشدنا ويأخذ بأيدينا حتى نسلك الطريق الصحيح، رحمه الله كان الاهتمام بالشباب طلبه الملح ووصيته الأولى حتى وفاته، مضيفًا «أنا تعلمت منه كثيرًا، ولا زلت عندما أهم لكتابة رواية مثلًا، أضعه دائما أمامي وكأني أستشيره ماذا أكتب وأتلقى إجاباته وملاحظاته، وكان لا يتهاون أبدًا في اللغة العربية».
«خليها على الله»
«إن كانت الابتسامة تنقلب أحيانًا إلى سخرية.. فلا بأس فمن نفسي وقبل أي إنسان آخر -سخرت- أسير في مذكراتي كما سرت في حياتي، أفرد الشراع، وأقول لزورقي والبحر المخوف منه خليها على الله».. هكذا اختتم صاحب «قنديل أم هاشم»، مقدمة مذكراته التي حملت الاسم ذاته، وكأنّها دستوره في الحياة من مولده فى 7 يناير 1905 بحي السيدة زينب حتى وفاته.
أبرز مؤلفات يحيى حقي
تنوعت الأعمال التي قدمها يحيى حقي، بين النقد الأدبي، الفن، المسرح والسينما، ومن أبرز المقالات الأدبية التي قدمها: «أنشودة البساطة»، و«هموم ثقافية»، و«في السينما»، و«تعالي معي إلى الكونسير»، و«مدرسة المسرح» و«في محراب الفن»، ونُشرت معظمها في عدد من الصحف والمجلات بين ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.
ولـ«حقي» العديد من المؤلفات الأدبية التي تنوعت بين الرواية والقصة، لعل أبرزها «قنديل أم هاشم»، و«البوسطجي»، و«أم العواجز»، و«السرير النحاس»، و«الفراش الشاغر»، و«قصة في سجن»، و«صح النوم» و«عنتر وجولييت»، فضلا عن «خليها على الله» الذي أشار في مقدمته إلى أنَّه بمثابة سيرة ذاتية له.
جوائز وتكريمات لـ يحيى حقي
وحصل الأديب الراحل يحيى حقي، على العديد من الجوائز والتكريمات، عن أعماله الأدبية، وأهم هذه الجوائز: جائزة الدولة التقديرية في الأدب عام 1969، ووسام الفارس من الطبقة الأولى من فرنسا عام 1983، والدكتوراه الفخرية من جامعة المنيا في مصر عام 1983، التي أهداها مكتبته قبل وفاته، وجائزة الملك فيصل العالمية عن الأدب العربي عام 1990، كما جرى اختياره ليكون شخصية معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ52 لعام 2021.