قصة لقاء وحيد جمع عبدالناصر ورئيس وزراء بريطانيا أنتوني إيدن عام 1955
أستاذ طب نفسي: حصل جرح نرجسي عند إيدن في تلك المرحلة
العدوان الثلاثي على مصر
عرضت فضائية «DMC»، فيلما وثائقيا عن «العدوان الثلاثي على مصر»، والذي أوضح أنه بعدما نجحت مساعي الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، في منع انضمام أي دولة عربية إلى حلف بغداد منذ إنشائه في شهر فبراير عام 1955، وكان نجم «ناصر» متصاعدا، وبدأت قدرته على تحريك قطع الشطرنج على رقعه الأقليم تنضج، قابله رئيس الوزراء البريطاني أنتوني إيدن عام 1955.
تيرنر: إيدن كان يعتقد أن عبدالناصر شخص يمكنه عقد صفقات معه
قال الدكتور باري تيرنر، مؤرخ ومؤلف كتاب «السويس 1956»، إنه عندما التقي رئيس الوزراء البريطاني بـ «عبدالناصر»، لأول مرة بعدما سمع عنه كانت تساوره شكوك حول تطلعات الوطنية، ولكنه ربما كان يعتقد أنه شخص يمكنه أن يعقد صفقات معه.
المهدي: إيدن حاول التودد لعبدالناصر أنه حياه باللغة العربية
وقال الدكتور محمد المهدي، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، إن المقابلة التي جمعت الرئيس المصري ورئيس الوزراء البريطاني عام 1955 هيأت لحدث 195، «إيدن حاول التودد لعبدالناصر أنه حياه باللغة العربية، وعبدالناصر لم يبادله تلك المشاعر».
وفند: «عبدالناصر عانى من فترات الاحتلال، وخرجت مظاهرات ضد الاحتلال الإنجليزي ومر بخبرات صعبة، وكان متأصلا بداخله أن بريطانيا العظمى دولة محتلة، واحتلت مصر واستنزفت ثرواتها، ولا مكان لأن يكون هناك نوع من التوافق والتصالح أو المساومة بين الطرفين، وظهر أنه يقف ضد إيدن بشكل ندي».
وتابع: «حصل جرح نرجسي عند إيدن في تلك المرحلة، أنا أمثل بريطانيا وأنت تمثل دولة أفريقية صغيرة كانت مستعمرة عند بريطانيا العظمى».
من جانبه، قال الدكتور سكوت لوكاس، أستاذ السياسة الدولية بجامعة بيرمنجهام، إن رئيس الوزراء البريطاني، في ذلك الوقت، ربما كان يتبع الطريقة التي اتبعتها مرجريت تاتشر مع جورباتشوف في الثمانينات، بينما كان «ناصر»، يتحدث بلهجة عامية، أما إيدن فكان قد تعلم اللغة العربية الفصحى في جامعة أوكسفورد.
وأضاف «لوكاس»، أن «إيدن» لم يكن يفهم ما يقوله «عبدالناصر»، لأن الأخير لم يكن يتحدث باللغة العربية الفصحى، ومرت فترة زمنية تتراوح ما بين 24 لـ48 ساعة، حتى جاء رد الفعل الشخصي من زوجة رئيس الوزراء البريطاني، لتقول له إن «عبدالناصر لم يعاملك كند له، ولم ينظر إليك من أسفل كما كان يجب»، موضحا أن زوجة إيدن تلك كانت ابنة اخت وينستون تشرشل، وكانت إنسانة قوية وواثقة من نفسها، ورأت أن «عبدالناصر» لم يحترم زوجها ولم يرتدي الملابس المناسبة لذلك اللقاء.
وأوضح أستاذ السياسة الدولية بجامعة بيرمنجهام، أن الرئيس المصري الراحل كان يرتدي زيه العسكري العادي، وليس زي الاحتفالات، بينما كان أنتوني إيدن يرتدي بدلة سهرة وبدا متأنقا تماما، وفي أعقاب ذلك وقع إلهاء بسيط تحول لأزمة شخصية من جانب كلاريسا إيدن، أخت أنتوني إيدن، عندما قالت لأخيها «هل ستتركه يفلت بفعلته بعد أن تركته يعاملك بشكل سئ»، وهو ما جعل «إيدن» يكمن ذلك في داخله.
وأضاف أن ذلك كان جزءًا من تكوين هذ الجيل من دبلوماسيي وسياسيي الطبقة الراقية، حيث كانوا يظنون أنفسهم أكثر رقيا، لكن «ناصر» شعر بالإساءة، وكان يظن وكأنه تحت الوصاية، وهو كان كذلك فعلا بشكل أو بأخر، وإيدن لم يكن مدركا أنه يفعل ذلك.
من جانبه الدكتور داني ستيد، مؤلف كتاب «الاستراتيجية والاستخبارات البريطانية في أزمة السويس»، إن الرئيس المصري الراحل، فوجئ بأن «إيدن» كان يتحدث العربية بطلاقة خلال ذلك الاجتماع، وكانت وجهات نظره في الأعوام السابقة دبلوماسية، وأكيدة ومتفهمة للموقف المصري، ثم انقلب ضد «ناصر» بشكل مفاجئ جدا.