«سعفان» من الجزائر: أزمة كورونا أعادت التلاحم والالتزام المجتمعي
وزير القوي العاملة
شارك وزير القوى العاملة محمد سعفان، في ورشة عمل تحت عنوان «آثار جائحة كورونا الاقتصادية والاجتماعية ودور المجالس الاقتصادية والاجتماعية»، على هامش اجتماع مجلس إدارة رابطة المجالس الاقتصادية والاجتماعية العربية والهيئات المماثلة لها، الذي عُقد بمقر مركز المؤتمرات بالجزائر بحضور الدول العربية المشاركة في الرابطة، فضلاً عن فايز المطيري الأمين العام لمنظمة العمل العربية.
تأثير جائحة كورونا على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية
وعرض وزير القوي العاملة على المشاركين في الندوة تأثير جائحة كورونا على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في مصر، مؤكدًا أنه منذ ظهور فيروس كورونا وانتشاره في جميع الدول، بدا أن تداعياته الاقتصادية والاجتماعية ستكون كبيرة ومؤثرة على المستويين العالمي والوطني، حيث إن ما فرضه تفشي الوباء من اتخاذ حزمة إجراءات وتدابير احترازية نتج عنها تأثير على المنظومة الاقتصادية والاجتماعية طالت مصر كما طالت جميع دول العالم.
وقال للحضور: «لعلكم تتفقون معي أن أي محاولات للتغلب على تداعيات تلك الأزمة، لا بد أن يكون الإنسان محورها الرئيسي، فلقد كانت جائحة كورونا ولا تزال أزمة إنسانية بوجه عام لا أزمة صحية أو اقتصادية أو اجتماعية فحسب».
وأشار إلي أن هذه الأزمة تقتضي منا الصراحة والتسليم بأن تلك الأزمة قد كشفت بشكل جلي عن مواطن الضعف ببعض جوانب المنظومة الدولية، ويتعين علينا التوقف عندها وبحثها، بُغية إيجاد حلول فعالة للتغلب عليها على المستوى الدولي والوطني على السواء.
حزمة من القرارات والتدابير لمواجهة الأزمة
واستطرد قائلاً: «على الصعيد الدولي، فإن التعافي من الأزمة سيتحقق سريعًا إذا توافرت الإرادة الدولية الصادقة، والتزمت جميع الأطراف بمبدأ تقاسم الأعباء والمسئوليات، في إطار من الشراكة الدولية الحقيقية، ذات الآليات الواضحة والمسئوليات المحددة».
وعلى الصعيد الوطني: «اتخذت الحكومة المصرية حزمة من القرارات والتدابير لمواجهة الأزمة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي».
وعرض الوزير ما اتخذته الدولة المصرية لتجاوز الكثير من تبعات أزمة كورونا على مدار العامين الماضيين من خلال سياسات مالية واقتصادية واجتماعية، أثبتت نجاحها وفاعليتها، مشيرًا إلى أننا نبذل في الوقت الراهن جهودًا شهدتها مختلف الأطراف الدولية مكنتنا من تحقيق معدلات نمو إيجابية، رغم كافة الصعاب التي واجهناها، وساهمت في إيجاد حالة من الاستقرار والثقة الدولية، في قدرة الاقتصاد المصري على الصمود وامتصاص الأزمات وتجاوزها.
مصر نفذت مبادرات طموحة لرفع مستوى معيشة المواطن
وقال وزير القوي العاملة: «مصر استطاعت أيضًا رغم الأزمة أن تنفذ مبادرات طموحة لرفع مستوى معيشة المواطن في الريف والمناطق الأكثر احتياجًا، من خلال مبادرة حياة كريمة، ومد شبكة الضمان الاجتماعي لمئات الآلاف من الأسر، مما ساهم في تخفيف عبء الجائحة، فضلًا عما تبذله مصر من جهود لتعزيز الشمول المالي، ودمج الاقتصاد غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي».
وشدد سعفان على أن الاقتصاد المصري نجح في السير بخطى ثابتة ومنهجية ومرنة، نحو تحقيق مستهدفات برنامج الإصلاح الاقتصادي والهيكلي، وفي مقدمتها تطبيق الإصلاحات الرامية إلى النهوض بمعدل النمو، واحتواء نسب عجز الموازنة، ومعدلات التضخم، في ظل انتعاش الأنشطة التجارية وتعافي قطاع السياحة، إلى جانب ارتفاع تحويلات المصريين في الخارج، وغيرها من مصادر النقد الأجنبي، مما أسهم في تعزيز بنية الاقتصاد المصري وتماسكه وصموده في مواجهة التحديات، وإنقاذه من تأثيرات جائحة كورونا التي أضرت بالعديد من الاقتصادات العالمية، وهو الأمر الذي انعكس بدوره على تحسن المؤشرات الاقتصادية، وحظي بإشادة كبيرة من المؤسسات الدولية، للوصول إلى التوازن بين الإنفاق المستهدف لحماية المصروفات في القطاع الصحي والاجتماعي وبين تحقيق الاستدامة المالية مع إعادة بناء الاحتياطيات الدولية.
الحكومة خصصت 100 مليار جنيه للتخفيف من الآثار الاقتصادية الناجمة عن كورونا
ولفت وزير القوى العاملة إلى أن الحكومة المصرية خصصت 100 مليار جنيه بنسبة 2% من الناتج المحلي الإجمالي للتخفيف من الآثار الاقتصادية الناجمة عن كوفيد-19، كما تمت زيادة المعاشات بنسبة 14%، وتم التوسع في برامج التحويلات النقدية الاجتماعية المستهدفة.
وأطلقت الحكومة مبادرة لدعم العمالة غير المنتظمة في القطاعات الأكثر تضرراً وتشمل 1.6 مليون مستفيد بمبلغ مالي يقارب ستة مليارات جنيه، والعمالة المنتظمة بالمنشآت من خلال صندوق إعانات الطوارئ الخاص بالعمال بلغت ثلاثة مليارات جنيه، كما قدمت العديد من الإعفاءات والمزايا لأصحاب الأعمال لمساعدتهم في تخطي هذه الأزمة.
وكذلك زيادة مخصصات التأمين الصحي والأدوية وعلاج غير القادرين على نفقة الدولة لتصل إلى 10.7 مليار جنيه، وتوفير اللقاحات لجميع المواطنين، كما نفذت الحكومة العديد من البرامج والمبادرات التضامنية لتخفيف الآثار الناتجة عن الجائحة على الأكثر تضررًا والأكثر احتياجًا، حيث قدمت خدماتها بالتعاون مع الجمعيات والمؤسسات الأهلية إلى ما يقرب من 29 مليون أسرة بإجمالي تكلفة تجاوزت 5.7 مليار جنيه تقريبًا.
واستطرد وزير القوى العاملة محمد سعفان أمام المشاركين في الورشة قائلاً: «عملت الحكومة على اتخاذ حزمة من الإجراءات الاجتماعية بقيمة وصلت إلى نحو 130 مليار جنيه بدأت في تنفيذها، من بينها زيادة المعاشات 13%، وضم 450 ألف أسرة جديدة لبرنامج تكافل وكرامة، وزيادة العلاوة الدورية والخاصة والحافز الإضافي الشهري لموظفي الحكومة، ورفع حد الإعفاء الضريبي بنسبة 25% إلى 30 ألف جنيه سنويًا».
وعلى مستوى الحوار الاجتماعي المؤسسي نظم قانون العمل تشكيل مجلس أعلى لتقديم المشورة اللازمة للدولة في كافة موضوعات العمل وقضايا العمال يضم في تشكيله ممثلي أطراف العمل الثلاث «الحكومة وأصحاب العمل والعمال».
ولفت الوزير إلى إعادة تشكيل المجلس الأعلى للحوار الاجتماعي في عام 2018 بقرار من رئيس مجلس الوزراء يضم في عضويته ممثلي الوزارات والجهات المعنية وممثلي أصحاب العمل والعمال، وتم تشكيل مجالس فرعية لهذا المجلس بكافة محافظات جمهورية مصر العربية لدراسة الموضوعات ذات الصلة على مستوى الأقاليم.
وأشار الوزير إلى أنه في بداية أزمة جائحة كورونا عقد المجلس عدة اجتماعات ناقش فيها تجارب العديد من منشآت القطاع الخاص لاتخاذ تدابير المواءمة بين استمرار الإنتاج وحماية صحة وسلامة العاملين، وتم التوافق على تخفيف ساعات العمل والحصول على إجازات استثنائية مدفوعة الأجر، واعتماد أنظمة العمل المرن والعمل عن بُعد.
كما أصدر المجلس الأعلى للحوار الاجتماعي بالتشاور بين جميع الأطراف مدونة السلوك الوظيفي أثناء الجائحة والحد الأدنى اللازم من أدوات وأساليب الوقاية من انتشار الجائحة بين العمال، وتخصيص أماكن تجمعات آمنة لتناول الطعام أو قضاء وقت الراحة.
كما اقترح المجلس الأعلى للحوار الاجتماعي أهمية الحفاظ على علاقة العمل وعدم فصل العمال أثناء الجائحة من خلال تقديم الدعم النقدي لأصحاب الأعمال، وتخفيض بعض عناصر الأجر المرتبطة بالإنتاج، وإصدار القانون رقم 24 لسنة 2020 الذي يحظر فصل العمال أثناء الجائحة، ويحرم صاحب العمل الذي يقوم بذلك من كافة المزايا والإعفاءات النقدية والضريبية التي قررتها الدولة لأصحاب الأعمال إذا ثبت قيامه بفصل أحد العمال فصلاً تعسفيًا.
وشدد وزير القوي العاملة على أن الإصلاحات الهيكلية التي قامت بها الدولة المصرية بالاقتصاد المصري، استطاعت أن تقينا من أزمة كورونا الكبيرة، فقد كانت أزمة كاشفة لقدرة الاقتصاد الوطني على مواجهة الأزمات، وعلى أن معطيات الاقتصاد الوطني قوية، وأن الإدارة المصرية كانت لديها القدرة التنبؤية والاستباقية لتقدير حجم الأزمة والتعامل معها بحرفية عالية ومن واقع منهجية كبيرة.
وكشف وزير القوي العاملة عن أن أزمة كورونا علمتنا قيمة التلاحم الأسري، والوعي والالتزام المجتمعي، وأهمية إدارة المخاطر، ورفع الجاهزية المؤسسية والاستعداد للمجهول، ولا بد أن نحول هذه المحنة إلى منحة، وأن نتعاون مع بعضنا البعض، وخلال المرحلة القادمة لابد أن تكون هناك شفافية كاملة بين كافة الجهات والدول.