توافد أطفال الأسمرات على الورش الفنية.. ورفع عدد المستفيدين من 600 إلى ألف
الأطفال توافدوا على الورش الفنية
إقبال كثيف شهده محيط مدرسة «تحيا مصر» بحى الأسمرات من الأطفال الراغبين فى حضور ورش تنظمها وزارة الشباب والرياضة لتثقيف الطلاب والأطفال، وإكسابهم مهارات جديدة من خلال ورش رسم وكاريكاتير ورسوم متحركة ورسم بالخيوط والمسامير، وهو ما لاقى قبولاً كبيراً من أولياء الأمور الذين حضروا رفقة أبنائهم لتسهيل دخولهم والانتظار بالخارج حتى انتهاء موعد الورش لاصطحابهم إلى المنزل مرة أخرى، فى مشهد لا يتكرر إلا أيام الامتحانات المهمة وأول يوم دراسى، وذلك رغبة من الأهالى فى حصول أبنائهم على أكبر قدر من الاستفادة من تلك الفعالية التى تعد الأولى نوعها منذ انتقالهم للسكن فى الأسمرات.
أكثر من 1500 طالب وأولياء أمورهم على باب مدرسة تحيا مصر
«الوطن»، كانت هناك ورصدت الحالة بكافة تفاصيلها، أمام باب المدرسة وقف عشرات الطلاب الذين لم يتمكنوا من الدخول نظراً لعدم وجود مكان لاستيعاب كافة أطفال الأسمرات داخل الورش الفنية، حيث تم وضع حد أقصى للحضور يتمثل فى 600 طالب فقط ولكن زاد العدد بشكل مفاجئ لم يكن متوقعاً ليصل إلى أكثر من 1500 طفل وطفلة جميعهم أرادوا الدخول وهنا قرر المنظمون السماح بدخول 1000 طفل لتتحمل الورش فوق طاقتها الاستيعابية ورغم ذلك لم يتمكن عشرات الطلاب من الدخول إلى المدرسة وظلوا واقفين أمامها لا يملون من طلب الدخول.
الطفلة «بسملة»: «كنت بتكسف أقول لأصحابى إنى عايشة فى الدويقة.. ودلوقتى فخورة بعنوانى الجديد»
على الجانب الآخر، كانت هناك حالة من السعادة الكبيرة شعر بها الأطفال الذين تم السماح لهم بالدخول، حيث وقفوا عند بوابة المدرسة تمهيداً لدخول الورش، تلك السعادة كانت نابعة من رغبتهم الشديدة فى التعلم، وهذا ما أوضحته الطفلة بسملة شعبان التى تبلغ من العمر 12 عاماً، حيث أكدت أن الانتقال للعيش بالأسمرات جعلها تشعر بالفخر بعدما عاشت سنوات عمرها الأولى فى منطقة الدويقة قبل أن تنتقل إلى الأسمرات منذ 4 سنوات: «مبسوطة هنا علشان بقى عندى أصحاب كتير وما بقتش أخاف أنزل الشارع لوحدى زى ما كان بيحصل لما كنا عايشين فى الدويقة، حاسة بحرية ونشاط وحيوية وبقى عندى أحلام كتيرة نفسى أحققها خلال الفترة الجاية».
سعادة الطفلة «بسملة» نابعة من كونها شعرت بالأمان بعد سنوات من الشقاء، وهو ما انعكس عليها بشكل كبير وجعلها تريد المشاركة فى كافة ورش الفنون التى تنظمها الوزارة: «نفسى أتعلم النحت وشايفة إن الأسمرات مكان حلو أوى بفتخر إنى عايشة هنا لأن زمان كنت بتكسف أقول إنى عايشة فى الدويقة».
صعوبة الحياة فى الدويقة جعلت الطفلة تدخل فى حالة نفسية سيئة رفضت على أثرها الذهاب إلى المدرسة لكونها كانت تعتقد دوماً بأنها أقل من زملائها بالمدرسة وهو ما كان يشكل أزمة نفسية لها: «سلالم العمارة كانت بتفضل سنين من غير غسيل مكنّاش بنعرف نمشى فى الشوارع فى فصل الشتاء ودى كانت مشكلة كبيرة مكنش فيه أمان، الولاد كانوا وحشين هناك، لكن دلوقتى كل ده اتحسن وبقيت مبسوطة وبروح المدرسة كل يوم ومستحيل أغيب عنها يوم، بحلم أكون مهندسة علشان أبنى أماكن تانى زى الأسمرات».
الورش التى تنظمها وزارة الشباب والرياضة أدخلت السرور فى قلوب أولياء الأمور الذين أكدوا أن الدولة منحتهم قبلة الحياة بعد نقلهم من العشوائية إلى التنظيم، بحسب محمد عيد، 35 سنة، أحد سكان منطقة «بطن البقرة» الذى انتقل رفقة أطفاله وزوجته إلى الأسمرات منذ فترة وجيزة: «فرحان علشان شايف مستقبل عيالى منور قدامى، مبقتش أخاف عليهم من الشارع، بسيبهم يلعبوا فى المساحات الخضراء الحلوة اللى خصصتها الدولة لينا ده بخلاف الملاعب اللى مكناش نحلم نعدى من جنبها، الأحلام خلاص تحققت بعد طول التمنى، بقينا نفكر فى المستقبل بنظرة أمل» ويتابع: «الورش اللى بتنظمها الوزارة شجعتنى أجيب عيالى كلهم وأقعد معاهم بره أستنى لحد ما يخلصوا لأن الموضوع مش مجرد يوم وهيعدى، دلوقتى بلاقى أولادى راجعة تطبق كل اللى اتعلموه فى الورشة فى الشقة ودى حاجة مخليانى مبسوط أوى علشان بقى عندهم قدرة على الابتكار، نفسى الموضوع يستمر علشان إحنا تعبنا سنين من التهميش».
مصطفى: كنا عايشين لكن في الواقع بنموت كل يوم
حياة قاسية عاشها مصطفى عبدالواحد، 45 سنة، أحد سكان الأسمرات، الذى كان يقطن بمنطقة بطن البقرة بمصر القديمة، تلك المنطقة التى دائماً ما كانت سبباً فى العديد من الأزمات لسكانها لكونها من المناطق الخطيرة بخلاف السمعة السيئة لها: «كنا عايشين لكن فى الواقع بنموت كل يوم وإحنا شايفين المستقبل مظلم قدام عنينا محدش كان عنده أمل فى أى حاجة لدرجة إننا كنا فاهمين إن الدولة نسيتنا أصلاً لحد ما جه الرئيس ولاقينا اهتمام كبير بالعشوائيات، وناس بتفكر تحل كل مشكلاتنا، وبعد كل الألم اللى عشنا فيه سنين، فجأة الحزن قلب فرح واتنقلنا لمكان أقل ما يقال عنه إنه بديع».
فور الانتقال إلى الأسمرات، شعر الرجل بأن المستقبل ينتظره ويمكن لأطفاله الذين كثيراً ما كانوا يعانون من سوء التنظيم وانعدام الخدمات بالمنطقة وانتشار معدلات الجريمة أن يحققوا أحلامهم: «كنا عايشين فى أماكن مش آدمية، عشش مفيهاش خدمات شوارع فى الشتاء ما تعرفش تمشى فيها، دلوقتى الدنيا اتغيرت للأحسن، بنصحى على روايح حلوة، وبنلاقى أمن وأمان فى المكان بنسيب عيالنا بالساعات فى الشوارع عادى من غير قلق أو خوف ولو حد تأخر منهم مستحيل أقلق زى زمان».
ورش وزارة الشباب والرياضة جعلت سكان الأسمرات يشعرون بأن الدولة تهتم بهم وتعمل على تطويرهم وتنمية أطفالهم، ولذلك قرر الأربعينى السماح لأطفاله بالاشتراك فى الورش التى تنظمها الوزارة: «نفسنا يستمر الاهتمام بينا، أحلامنا زادت بشكل كبير ونفسنا عيالنا تستمتع باللى اتحرمنا منه زمان».