«من القول إلى الفعل».. أول دليل عربي للتعامل مع النزوح الناجم عن كوارث المناخ
العالم يشهد حركة نزوح واسعة نتيجة الكوارث الناجمة عن تغير المناخ
هجرة البيوت وترك الأوطان من أكثر الآثار الضارة والفورية للكوارث، بل ويضطر الناس إلى النزوح من أماكن معيشتهم قسراً قبل وقوع أي خطر، لذا فإن تيسير حركة الأشخاص، لتفادي تعرضهم لحالات مهددة للحياة، عن طريق الإجلاء أو الترحيل المخطط، هو أحد أكثر الطرق فعالية للحد مـن الوفيات والإصابات.
غير أن الاضطرار إلى الفرار من المنزل، لاسيما عندما تكون العودة غير ممكنة لفترة غير معلومة، عادةً ما يترتب عليه زيادة الاحتياجات الإنسانية، ويعرض الناس لمخاطر متزايدة مرتبطة بنزوحهم من مناطقهم، مما يجعلهم أكثر عرضة للكوارث مستقبلاً، خاصةً تلك الكوارث الناجمة عن التغيرات المناخية.
النزوح القسري يؤثر على التنمية المستدامة
ويُشكل النزوح، سواء قصير أو طويل الأمد، العديد من التحديات، فيما يتعلق بتوفير الخدمات الأساسية، والتماسك الاجتماعي، إذ أن ارتفاع مستويات النزوح يؤثر على التنمية المستدامة، ويقوض المكاسب الإنمائية على نطاق واسع، لاسيما إذا لم يتم تلبية احتياجات المتضررين بشكل كاف.
وفي سبيل دعم دول المنطقة العربية لمواجهة التحديات الناجمة عن النزوح القسري، أصدرت الشبكة العربية للبيئة والتنمية «رائد»، بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث، أول دليل باللغة العربية، يتضمن مجموعة من القواعد الإرشادية، بعنوان «من القول إلى الفعل»، بغرض التعريف بكيفية الحد من مخاطر النزوح الناجم عن الكوارث، وتعزيز القدرة على الصمود والتكيف.
الهدف الخامس من «إطار سنداي»
وأكد الدكتور عماد الدين عدلي، المنسق العام لشبكة «رائد»، أن إصدار دليل «من القول إلى الفعل» يأتي في إطار دعم الهدف الخامس من «إطار سنداي» للحد من مخاطر الكوارث، حيث يختص هذا الهدف بالنزوح الناجم عن الكوارث، حيث جاء إصدار هذا الدليل كجهد تعاوني مشترك، بقيادة المجلس النرويجي للاجئين، وبتمويل من الحكومة الألمانية.
وأضاف أن هذا الدليل يهدف إلى ضمان أن تشمل استراتيجيات الحد من مخاطر الكوارث مشكلات النزوح الناجم عن الكوارث، مشيراً إلى أن فريق العمل ضم ممثلين عن وزارة الخارجية الألمانية، ووكالة الأمم المتحدة للهجرة، ووكالة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إضافة إلى الشبكة العربية للبيئة والتنمية «رائد»، التي تولت إصدار النسخة العربية من الدليل.
دمج النزوح باستراتيجيات الحد من المخاطر
ويقدم الدليل إرشادات عملية لمساعدة السلطات الحكومية على دمج النزوح الناجم عن الكوارث، وأشكال التنقل الأخرى ذات الصلة، في استراتيجيات الحد من مخاطر الكوارث، كما يقدم معلومات أساسية ويسلط الضوء على مختلف الأدوار التي يمكن أن تؤديها إدارة الحد من مخاطر الكوارث، في الحد من النزوح الناتج عن الكوارث، والاستعداد والاستجابة له.
وألمح «عدلي» إلى أن دليل «من القول إلى الفعل»، يهدف إلى دعم عمل مجموعة من الجهات، منها الجهات الفاعلة الإقليمية والوطنية وشبه الوطنية والمحلية لإدارة مخاطر الكوارث، ولاسيما وكالات إدارة الكوارث والدفاع المدني، إضافة إلى الحكومات الوطنية والإقليمية، لضمان توافق سياسات تجنب وإدارة النزوح داخل وعبر الحدود في جميع القطاعات.
دليل إرشادي من 4 أجزاء للتأهب والاستجابة
يحتوي الدليل الإرشادي «من القول إلى الفعل» على أربعة أجزاء، حيث يتناول الجزء الأول الغرض من المشروع، ويشرح لماذا يُعتبر النزوح الناتج عن الكوارث تحدياً عالمياً بشأن الحد من مخاطر الكوارث، كما يقدم لمحة عامة عن كيفية معالجة «إطار سنداي» لهذا النوع من النزوح.
ويبدأ الجزء الثاني بمبادئ توجيهية لوضع الأنشطة في إطار أولويات العمل الأربعة لإطار العمل ذات الصلة بالحد من الكوارث، والتأهب والاستجابة لها على جميع المستويات، كما يتم توضيح الممارسات الفعالة مع أمثلة ودراسات الحالة.
أما الجزء الثالث فهو عبارة عن أداة تقييم تلخص أهم الأنشطة للتصدي للنزوح نتيجة الكوارث، في إطار استراتيجيات الحد من مخاطر الكوارث المحلية وشبه الوطنية والوطنية والإقليمية والعالمية، ويهدف إلى مساعدة المستخدمين على تحديد ما إذا كانت هذه الاستراتيجيات تتماشى مع «إطار سنداي»، والمساعدة في الإبلاغ عن مؤشرات آلية الرصد.
الجزء الرابع من الدليل عبارة عن ملحق يقدم إشارات محددة للنزوح نتيجة الكوارث، والحراك البشري في «إطار سنداي»، وقائمة بالموارد الرئيسية، وسرد للمصطلحات، وإشارات مرجعية لبعض الأدلة العلمية، وعرض عام لكيفية ارتباط النزوح بالكوارث بمختلف أنواعها، بالسياسات والعمليات العالمية.