«ليليان وإيفلين وديدي».. قصة 3 سيدات تركن أوطانهن من أجل الحياة في مصر
ديدي الألمانية وسط مجموعة من طلابها
مصر دائما تحت أنظار العالم، بحضارتها القديمة منذ آلاف السنين، واستمرت شامخة على مر العصور، شمسها الدافئة وآثارها الخالدة وسحر صحاريها وخضرة ريفها وجمال نيلها ألهم العديد من سكان العالم للتعرف عليها والعيش في جوها، وللكثيرين منهم أصبحت مصر هي وطنهم الاختياري وبالتحديد السيدات اللاتي لقين أُلفتهن وونسهن على أرضها، منهن من استمر بها حتى وداعه الأخير، وأبرز هؤلاء السيدات هم «ليليان، وإيفلين، وديدي».
صاحبة أول دار أيتام في مصر
منذ أكثر من 100 عام، وبالتحديد في إحدى محافظات صعيد مصر «أسيوط» وطأت قدم السيدة «ليليان» من ولاية فلوريدا، للخدمة في إحدى الكنائس، وعن طريق الصدفة قابلت سيدة عجوز وعلى ملامحها الحزن والأسى، وذلك بعد أن توفيت ابنتها وتركت لها رضيعة لترعاها، كانت الطفلة يبدو عليها علامات المرض والهزل، لذلك فكرت العجوز في التخلص منها وإلقائها في النيل، دقائق معدودة وُجدت الطفلة بين يدي «ليليان» بعد أن أنقذتها من الموت، إذ أخذتها لترعاها وأطلقت عليها اسم «فريدة».
كانت هذه الطفلة هي مصدر إلهام «ليليان» في إنشاء أول دار أيتام في مصر، وذلك بعد مرور عام واحد فقط على وجودها في محافظة أسيوط، وفي عام 1918 كان دار الأيتام يرعى أكثر من 50 طفلا و8 أرامل، قضت «ليليان» ما يقرب من 50 عاما في خدمة الأطفال الأيتام حتى توفيت عام 1961، وأطلق عليها لقب «ماما ليليان» ودفنت في أسيوط.
«إيفلين» أول من نشر ثقافة الفخار في الفيوم
بينما في عام 1960، جاءت السيدة السويسرية إيفلين بوريه، رفقة زوجها في زيارة لمصر، وحال وجودهم أغرما بجوها الصافي، وقررا الاستقرار بها دائما، واختارهما القدر ليقيما بإحدى قرى محافظة الفيوم «تونس»، وبدأت «إيفلين» بنشر ثقافة صناعة الفخار، ومن ثم بنيا بيتا وورشة لتصنيع الفخار، كما أنها بدأت في تقديم ورشات عمل الفخار للأطفال الذين يعيشون في الريف وكذلك ورش عمل أخرى في صعيد مصر، هذه التجارب المختلفة دفعتها إلى إنشاء مدرسة فخار في قرية «تونس» وعلى مر السنين ساهمت هذه المدرسة بشكل كبير في تنمية المجتمع هناك.
كانت مدرسة «إيفلين» لصناعة الفخار هي الشرارة التي اشتعلت في البلدة، ومن بعدها قام بعض الطلاب بتأسيس ورش للفخار خاصة بهم، توفر مصدر دخل لهم وتجذب أنظار العديد من الزوار، وبسبب وجود السيدة السويسرية داخل القرية أدت إلى شهرتها، وعمل العديد من المبادرات، ابداع ومجهود السيدة «إيفلين»، ازدهر يوما بعد يوم في قرية تونس، وأصبحت القرية مشهورة الآن بفخارها، استمرت السيدة في عملها حتى وداعها الأخير الذي تسبب بحالة من الحزن لأهالي القرية.
رحلة الألمانية «ديدي»
ومن الفيوم إلى العياط، إذ تعيش الألمانية ديانا ساندور التي لقبها الأهالي بـ«ديدي»، روت في حديثها لـ«الوطن»، أنها قبل 6 أعوام، جاءت إلى مصر في زيارة سياحية للأهرامات، لم تكن تتخيل أن زياراتها ستدوم حتى الآن، «أول مرة أنزل مصر كانت هي المرة دي، عجبتني جدا وقررت لازم أعمل حاجة هنا، واتقابلت مع حد وعرفت أن البحاروة محتاجه خدمات كتير، روحت هناك والناس استقبلتني وحسيت بألفة وسطهم» حسب حديث صاحبة الـ78 عاما، موضحة أنها شيدت بناء لتعليم الأطفال اللغة الإنجليزية أطلق عليه مدرسة «نهر النيل»، مضيفة أنها حاليا تدخل كل منزل في القرية وكأنه بيتها، كما أنها لم تفكر أن تترك مصر على الإطلاق.