الدور المصري لدعم الفلسطينيين.. قضية مركزية والتزام تاريخي وأمن قومي
صورة الرئيس عبدالفتاح السيسي في قطاع غزة
على مر التاريخ، ظلت القضية الفلسطينية قضية مركزية بالنسبة لمصر، ولم يقتصر الدور المصرى بعد 2014 على التسوية السياسية فحسب، بل أصبح متعدد المحاور، وخلال العامين الماضيين بذلت مصر العديد من الجهود لوقف إطلاق النار فى غزة، وحقن الدماء، فضلاً عن الجهود الإنسانية التى قدمتها من خلال فتح معبر رفح لاستقبال الجرحى والمصابين الفلسطينيين، والمساعدات الغذائية والدوائية للشعب الفلسطينى، والمبادرة الرئاسية لإعادة إعمار قطاع غزة بـ500 مليون دولار، عقب عدوان غزة 2021.
«محسن»: مصر تعتبر قضية فلسطين أحد محددات أمنها القومي
فيما تتعامل مصر مع القضية الفلسطينية باعتبارها دائرة من دوائر سياساتها الخارجية وأحد محددات أمنها القومى المباشر، ومن أجل ذلك تنوعت التحركات المصرية لخدمة ملفات القضية الفلسطينية للوصول إلى الهدف النهائى وهو إقرار تسوية عادلة للصراع الإسرائيلى - الفلسطينى من خلال مبدأ حل الدولتين على حدود 1967 وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.
ووفقاً لدراسة أعدها الباحث شادى محسن، بالمركز المصرى للفكر والدراسات السياسية، فقد حرص الجهد المصرى على تغطية مراحل القضية الفلسطينية، وهى مرحلة عبور الصراع والوصول إلى تسوية سياسية سليمة، ثم مرحلة ما بعد إقامة الدولة الفلسطينية. وتنوع الجهد المصرى على جميع الأصعدة، أى الصعيد السياسى والاقتصادى والتنموى والأمنى وكذلك المجتمعى والإنسانى.
اجتماع القاهرة للفصائل مثّل نقطة فارقة في إنهاء حالة الاحتقان الداخلية بعد تأجيل الانتخابات
على الصعيد السياسى، انقسم الجهد المصرى فى هذا الشأن إلى 3 مستويات؛ الثنائى المصرى - الفلسطينى، والمستوى الإقليمى، وأخيراً المستوى الدولى. وفى المستوى الأول تعددت الزيارات واللقاءات الثنائية بين الرئيس عبدالفتاح السيسى والرئيس محمود عباس «أبومازن» لدعم السلطة الفلسطينية والإبقاء على شرعيتها، وترتيب البيت الفلسطينى من الداخل من خلال مسار الانتخابات العامة والرئاسية والخاصة بالمجال الفلسطينى الوطنى، واستضافت مصر اجتماع القاهرة للفصائل الذى مثّل نقطة فارقة فى إنهاء حالة الاحتقان الداخلية بعد تأجيل الانتخابات، التى كان من المقرر لها فى مايو 2021. وعلى المستوى الإقليمى عقدت مصر عدة لقاءات إقليمية مع الأردن على المستوى الرئاسى لتنسيق الجهود بين البلدين فيما يتعلق بتصدير القضية الفلسطينية إلى الواجهتين الإقليمية والدولية. وكثف قادة مصر والأردن وفلسطين اتصالاتهم ولقاءاتهم لملاقاة المتغيرات الإقليمية والدولية، وتوحيد الجهود العربية والدولية للتحرك لإعادة تنشيط مفاوضات السلام بين الطرفين الإسرائيلى والفلسطينى.
«بكر»: التعاون المصري - الأمريكي أساسي لحل الأزمات وتعزيز السلام والأمن بالمنطقة
فى هذا السياق، قالت الدكتورة نهى بكر، عضو الهيئة الاستشارية للمركز المصرى للفكر والدراسات السياسية، إن وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن يزور الشرق الأوسط للمرة الرابعة منذ توليه منصبه ليبدأ بمصر ثم إسرائيل وفلسطين، وأوضحت لـ«الوطن»، أن الوزير الأمريكى سيبحث مع «القاهرة» حل الدولتين للصراع الإسرائيلى - الفلسطينى، خاصة فى ظل التصعيد العنيف الجارى فى الأراضى الفلسطينية، وتهديدات إسرائيل بردود فعل انتقامية، ما يزيد الملف تعقيداً، فضلاً عن عدة ملفات لدفع الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة ومصر، وتعزيز السلام والأمن فى المنطقة، بما فى ذلك الدعم المشترك للانتخابات فى ليبيا والعملية السياسية فى السودان، والملف السورى والعراقى، ومكافحة الإرهاب. ولفتت الدكتورة نهى بكر إلى أن هذه الملفات سيناقشها «بلينكن» مع الجانب المصرى لما لمصر من دور فعال فى تهدئة المنطقة وخبرة وعلاقات مبنية على الثقة المتبادلة فى الملف الفلسطينى - الإسرائيلى، مؤكدة أنها «خبرة أثبتت نجاحاً سابقاً».
وتابعت الدراسة أنه على الصعيد الأمنى فى قطاع غزة نجحت مصر فى جميع الحروب الإسرائيلية الخمس فى القطاع (2008، 2012، 2014، 2021، 2022) فى وقف إطلاق النار وإعادة القطاع إلى الهدوء الأمنى. وفى الضفة الغربية، باتت مدينة القدس ورقة حاسمة فى حسابات الصراع الفلسطينى - الإسرائيلى. واستدعت مصر سفيرة إسرائيل «أميرة أورون» بسبب مسيرات المستوطنين أو القوميين الإسرائيليين فى القدس الشرقية، لما قد تشكله تلك المسيرات من رسم طابع جديد للصراع يمكن أن يزيد من حدته.
وعلى الصعيد الاقتصادى والتنموى، جرى تدشين المبادرة الرئاسية المصرية فى مايو 2021 بمنح 500 مليون دولار لإعادة إعمار غزة، وتأسيس مصر للجنة وطنية عليا للإشراف على إعادة إعمار غزة فى يوليو 2021، فضلاً عن المساهمة فى الحد من أزمة الطاقة فى قطاع غزة. وإنسانياً، تمت زيادة وقت فتح المعابر الإنسانية بين مصر وغزة لاستقبال المرضى والمصابين وعلاجهم فى المستشفيات المصرية، وجرى إدخال شاحنات «تحيا مصر»، المسئولة عن توصيل المساعدات الإنسانية من أدوية، وسلع غذائية، وتوجيه المجتمع المدنى المصرى لعلاج الجرحى والمصابين.