ذكرى وفاة أسامة أنور عكاشة.. صانع دراما من لحم ودم
أسامة أنور عكاشة
كتب كما لم يكتب أحد، ونسج من وحي خياله شخصيات مصرية حقيقية على ورق، ونقلها من الشوارع إلى البيوت، لتظل شاهدة على حقب تاريخية شتى بصدق ووفاء.
عاش مخلصا لقلمه فأخلص قلمه له، فخلده ووضعه بين كتاب السيناريو سيدا متوجا. بصنعة درامية وتوليفة بهية ولدت موهبة أسامة أنور عكاشة، بطنطا، ودرس الآداب بقسم الدراسات النفسية والاجتماعية بجامعة عين شمس، والتي انعكست انعكاسا كبيرا على كتاباته التي شرّح فيها المجتمع المصري ليخرج كل ما فيه.
حمل روحا أدبية وأخرى باحثة عن كل شواغل المحيطين به
لم يكن «عكاشة» الذي تحل اليوم الذكري الثالثة عشر لوفاته، كاتبا عاديا كغيره فهو الأبرز والأقوى بين كتاب الدراما، وفي كتاباته حمل روحا أدبية وأخرى باحثة عن كل شواغل المحيطين به، وروحا ثالثة فكرية تحلل وتفحص للوصول إلى النتيجة المرجوة، بشخصيات من لحم ودم.
طرح قضايا الوطن والهوية، والحب والمال، وتجلى ذلك في مشروعات وضعها عكاشة نصب عينيه وأنجزها؛ وكان لـ«ليالي الحلمية» الدلالة على الهوية، والصراع القوي بين بطلي العمل، و«زيزينيا» هذه التوليفة بين حياة الصوفية والرغبة في ترك كل بهرجة الدنيا وحب الأنثى في أبهى حللها، ومقاومة المحتل والاختلاط به، المتمثل في بطل العمل «بشر عامر عبدالظاهر»، و«أبو العلا البشري» و«ضمير أبلة حكمت»، و«الشهد والدموع» و«أرابيسك»، و«الراية البيضا» ذلك الصراع الدفين بين القبح والجمال بين ما يمكن الارتكان إليه وحب الحياة لأجله وبين كل جديد منزوع الروح والحب.
خلاصة الصراع بين مصر وإسرائيل
«كتيبة الإعدام» والذي تظهر فيه منهجية «عكاشة» ورؤيته للأمور، ذلك العمل الذي وضع فيه خلاصة الصراع بين مصر وإسرائيل، فالعمل الذي تبدأ أحداثه في مدينة السويس، التي ذاقت ألم العدوان ثم الصمود والتي كانت قبلة رجال المقاومة، والتي تحرك فيها الخونة لجمع المعلومات عن المقاومين وصولا إلى الانفتاح وتكوين «فرج الأكتع» العميل للعدو ثروة طائلة؛ فيما سجن «حسن عز الرجال» ذلك الشريف الذي يمثل كل معاني الكرامة المصرية، والذي يحمل من اسمه نصيبا من الحُسن والعزة.
كان لـ«عكاشة» قضية عاش لها وأخلص ومات راضيا عما وصل إليه منها، بأعمال درامية وسينمائية ما زالت فارقة في التاريخ المصري والعربي، وستظل.