محمد رمضان يكتب: القراءة رسالة سماوية
محمد رمضان
تجمعني بالقراءة علاقة خاصة، بل أصبحت مصيرية ويومية بحكم عملي في الصحافة، يوميًا أراجع وأنشر عشرات الأخبار والمواد الصحفية، وأكتبها أحيانًا.. بدأتُ تعلُّم القراءة منذ الصف الأول الابتدائي، كنت أقرأ القرآن الكريم في الإذاعة المدرسية، وأسماء الممثلين على تترات المسلسلات والأفلام، وأسماء المنتجات والسلع في الفواصل الإعلانية.
قبل عملي في الصحافة وأثناء سنوات دراستي الجامعية، عملت في سور الكتب بالسيدة زينب، وقضيت شهورًا بين صفحات الكتب ورائحتها، كانت صفقة مالية وثقافية رابحةً بعض الشّيء، أجني بعض المال اللازم لشراء كتبي الدراسية وتدبير مصاريفي، وأنهل من الكتب والمعارف ما يضيء عقلي وفكري، ويُطلعني على كل ما هو جديد ومفيد.
أحببت أسلوب الراحل نبيل فاروق في سلسلته العظيمة «رجل المستحيل»، وما فيها من سرد وتشويق وأسلوب سهل ممتنع، وتأثرت برائعة «النظرات» لمصطفى لطفي المنفلوطي، وقصص يوسف إدريس التي تتناول كرم وعادات «الشراقوة»، والتحليلات الاقتصادية والاجتماعية في الكتاب المهم «ماذا حدث للمصريين؟» للدكتور جلال أمين، واطلعت على سير الأنبياء والمرسلين في «البداية والنهاية» لابن كثير.
كيف يمكن أن تكون إنسانًا واعيًا وأنت لا تقرأ؟.. ماذا ستقول لابنك الصغير حين يسألك عن معنى مصطلح اقتصادي أو سياسي أو تكنولوجي سمعه في إحدى وسائل الإعلام؟.. إنّ القراءة أصبحت حصنًا منيعًا وسلاحًا مهمًا في هذا العصر المعلوماتي الذي صار يعتمد بشكلٍ كبيرٍ على القوى الناعمة وتدفق الأفكار والثقافات التي تقلب وتغيِّر أحوال المجتمعات.
إنّنا اليوم ونحن نحتفل باليوم العربي للثقافة، يجب أن نؤكّد مرارًا وتكرارًا أهمية القراءة كجزءٍ من هويتنا العربية، فقد جاءت رسالة رب العالمين في القرآن العربي الكريم «اقرأ».. هذه الرسالة السماوية الربانية تستهدف بالتأكيد نشر العلم والنور والفهم بين العباد.
ينبغي علينا أن نُشجِّع أطفالنا وشبابنا على ثقافة اقتناء الكتب والتردد على المكتبات وأسوار الكتب، بدلا من التسكع لساعات على مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت في كثير من الأحيان مستنقعًا للأفكار المغلوطة والشائعات، وبدلا من إضاعة الوقت كله بين ألعاب الفيديو التي تسرق أيام الصغار وتُفسد أخلاقهم بما فيها من عنف وثقافات لا تتفق مع مجتمعنا قد لا يصمد الطفل أمامها ويتأثر بها ويقلدها ويتقمصها.
إنّ أمةً تقرأ هي أمة قوية متعلمة، والعلم يبني حضارات، ولكي تكتب يجب أن تقرأ، ولكي تتحدث بلباقة عليك بالقراءة، وحتى تكون مميزا في عملك فالقراءة هي إحدى أدواتك الأساسية، القراءة تحميك من الاستغلال والاحتيال، القراءة تجعل منك إنسانا مرموقا ذا قيمة يُشار إليه بالبنان وإذا تحدث وجد آذانا صاغية وواعية.. اقرأ.