غاب عن الدعوة.. فظهر المتشددون والدعاة الجدد
«الفضائيات» المنابر التى استبدلت مثيلاتها فى الجوامع، لتصبح المكان الذى يطلق فيه الشيوخ آراءهم الدينية حيناً، والسياسية فى أغلب الأحيان. المثير للسخرية أن معظمهم ليسوا من خريجى جامعة الأزهر أو دارسى علوم شرعية، ولا هم بأساتذة سياسة درسوا نظرياتها وطبقوها عملياً، ليقبع المشاهد فى المنزل، لا يعرف إلا أنه تربى على وقار الشيوخ، واحترام كلمتهم، وتبجيلها، لتنتشر حالة من التخبط الإعلامى الشديد مؤخراً من قبَل الشيوخ المطلين على الفضائيات المختلفة، لا سيما بعد الثورة، وتلاحق الأحداث.
يقول الشيخ هاشم إسلام، عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، ومؤسس الاتحاد العالمى لعلماء الأزهر الشريف تحت التأسيس، إن الأزهر تم إخضاعه للدولة منذ عهد محمد على وحتى الآن، الأمر الذى أدى إلى خروج الجماعات والتيارات المتشددة لسد الفراغ فى المجال الذى تركه الأزهر، فمنهم من اجتهد فأحسن، ومنهم من اجتهد فأخطأ، والأغلبية من الشق الثانى.
ويضع الشيخ هاشم «روشتة» من شأنها الارتقاء بدور الأزهر ومشايخه، واعتلائهم منابر الإعلام، وأهم ما جاء فيها:
1- استقلال الأزهر، مع الوضع فى الاعتبار عدم الدخول لنفق الدولة داخل الدولة.
2- سيادة الانتخابات داخل الأزهر فى كل المناصب وعلى رأسها شيخ الأزهر، بمواصفات يتم تحديدها سلفاً، وإمكانية عزله عبر هيئة كبار العلماء والبرلمان.
3- انتخاب هيئة كبار العلماء، وألا يتجاوز عمرهم 60 عاماً.
4- إدخال البرلمان فى انتخاب شيخ الأزهر وهيئة كبار العلماء، حتى يجيئوا بانتخابات داخلية، وتأييد شعبى، مما يقيض لهم الاستقلالية التامة.
وأشار عضو لجنة الفتوى بالأزهر إلى رفضه هيمنة الكهنوت الدينى على الساحة، حيث أبدى استياءه مما سماه الديكتاتورية باسم الدين، مشدداً على أن ذلك يضر أمر الدعوة، لافتاً إلى ضرورة تحديد مدد وفترات المناصب السيادية، والبعد عما ذاع مؤخراً من وجود لأصحاب المناصب فى مكانهم مدى الحياة.
الخبير الإعلامى ياسر عبدالعزيز قال إنه من المفترض أن يظل الأزهر الشريف المنارة العلمية الأهم والأكثر قدرة على رفد المجال العام بالدعاة والوعاظ والخطباء، عبر المحتوى الدينى الوسطى المستنير، بما يمتلكه من تاريخ وتراث ومقومات، لكن هذا الأمر بات محل شك على مدى العقود الفائتة، لأسباب عديدة تتعلق بعدم التكريس لاستقلالية الأزهر، وشيوخه، وعدم الاهتمام بترقية موارده، وفى غضون ذلك التراجع فى الأداء، ظهرت طفرة كبيرة فى الأداء الإعلامى الدينى، عُرفت باسم «الدعاة الجدد»، وظهرت أيضاً تيارات إسلامية غير وسطية، ذات صبغة سياسية.
وأوضح عبدالعزيز أن فئة أخرى من الدعاة وُجدت على الساحة تُعرف باسم شيوخ «البترودولارات»، فى المجالين الدينى والاجتماعى، وأكد أن المتابع للساحة الوعظية يلحظ انحسار دور الأزهر الشريف، فى مقابل الصعود اللافت للتيارات الأخرى.
وأشار عبدالعزيز إلى أن أسوأ ما تنطوى عليه تجربة الدعاة الجدد، أن المتصدين لها لا يمتلكون البيئة العلمية الملائمة، وأخطر ما تنطوى عليه «البترودولار» أنها تسحب المجال العام فى مصر، إلى سياق دينى واجتماعى غريب وجاف ومتطرف، وبالتالى يتناسب دور الأزهر عكسياً مع بروز الأدوار الوافدة على المجال الدينى المصرى، وتتناسب الأدوار الوافدة طردياً مع حالة التطرف والتشدد فى الفكر الدينى، الذى يهدد المجتمع المصرى، الذى يستمع فى الأغلب لشيوخه، ويدعو مؤسسة الأزهر، إلى الانتفاض من جديد، للعودة بدورها الوسطى إلى الساحة المصرية، والقضاء على صوت التطرف.
أخبار متعلقة:
الأزهر الشريف.. فى قلب معركة «الدين والسياسة»
الكعبة الثانية.. تبحث عن"استعادة التأثير" بعد الثورة
«أعمدة»الجامع.. قِبلة علم أصابها التآكل
غاب عن الدعوة.. فظهر المتشددون والدعاة الجدد
أقباط: علاقة الأزهر بالكنيسة يحكمها توافق الإمام والبابا
1000 عام من منح الشرعية الدينية للسلطة.. وتأييد الثورات بعد نجاحها
الميزانية.. 6.8 مليار تلتهمها الأجور
د.أحمد عمر هاشم: الأزهر إرادة الله.. والسلفيون لن يسيطروا عليه
أحمد بهاء الدين شعبان: اليوم وزير الأوقاف سلفى.. ولا نعلم غداً من سيكون شيخاً للأزهر