مواطنون يستغيثون.. اختفاء أدوية تقوية المناعة بسبب كورونا: "الناس بتخزنها"
هناء محمد
خوفا من الإصابة بفيروس "كورونا"، وأسلوب للوقاية منه، اتجه عدد كبير من المواطنين إلى شراء كميات كبيرة من أدوية البنادول الخافض للحرارة، والزنك، وفيتامين سي، بعد الحديث عن كونهم أدوية الوقاية منه، بجانب أجهزة "الترمومتر" لقياس درجة الحرارة، مما نتج عنه اختفاء تلك الأدوية ومشتقاتها من الصيدليات، إذ يتوهم البعض أن تناولها باستمرار سيمنع إصابتهم بالفيروس، وآخرين أخذوا يخذنون كميات منها كنوع من أنواع الاحتياط، مما أثر على توفيرها أمام المواطنين الذين باتوا يتجولون داخل الصيدليات لشرائها ولم يجدوا شيئا.
رحلة طويلة تقوم بها نهى حسنى، في منتصف الأربعينات، ربة منزل، وإحدى سكان منطقة بولاق الدكرور، يوميا على الصيدليات داخل منطقتها والمناطق المجاورة، بحثا عن أدوية "فيتامين سي" وأدوية "بنادول" الخافضة للحرارة وتخفيف الصداع، إذ أن الطبيب الخاص بعلاج ابنتها الصغرى التي لا يتعدى عمرها الـ 12 عاما، نصحها بإعطاء ابنتها أدوية الفيتامينات، كي تقوي جهازها المناعي، بسبب مرضها الدائم لضعف المناعة، لحمايتها من الإصابة بالفيروس، ولكنها لم تجد شيئا تشتريه، فتقول: "دخت السبع دوخات على الصيدليات، وسألت كل الناس اللي أعرفهم، ومش لاقيه حاجة، العلاج والفيتامينات اختفت"، مضيفة أنها تعتمد حاليا على إطعام ابنتها الأطعمة التي تحتوى على "فيتامينات سي"، مثل تناولها عصير الليمون، والجوافة.
وتابعت "نهى" أن ابنتها من حين لآخر ترتفع درجة حرارتها، مما جعلها تحتاج إلى ترمومتر لقياس درجة حرارتها من حين لآخر، ولكنها لم تجده أيضا: "كنت جايبة من زمان الترمومتر اللي بيتحط على الرأس ويعطي لون عن درجة الحرارة، لكنه ضاع مني ودلوقتي مش عارفة أجيب غيره".
وأشارت إلى طلبها من أحد الصيادلة بتوفير ترمومومتر "القياس عن بعد"، وأبلغها بأن قيمته 4000 جنيه: "مضطرة أجيبه عشان أقيس بيه حرارة ولادي كل شوية، عشان لو حصل حاجة أقدر ألحقهم بأي خافض للحرارة".
لم يختلف الوضع كثيرا عند هناء محمد، 46 عاما، موظفة بإحدى الهيئات الحكومية، وإحدى ساكنات منطقة فيصل، التي ترددت مرات عدة على الصيدليات أثناء ذهابها وإيابها من العمل، لكي تشترى أدوية "البنادول" الأزرق، التي اعتادت على تناوله حين شعورها بالصداع، ولكنها لم تجدها متوفر في أي من الصيدليات، مما دفعها لشراء أحد الأنواع البديلة له، ولكنها لم تشعر بنفس المفعول المعتاد عليه، فتقول: "الناس مش واخدة بالها إن كتر العلاج ده غلط على صحتهم، مش وقاية ولا حاجة"، مضيفة أنها سمعت تحذيرات عدة من أطباء المناعة عن خطورة تناول أدوية تقوية المناعة والفيتامينات، دون إشراف طبي، لأنها من المحتمل أن تؤدي إلى نتيجة عكسية، وأمراض عدة خاصة في الجهاز الهضمي: "الناس من كتر خوفها من الفيروس والإصابة عاوزة تحصن نفسها بأي شكل، حتى لو هتضر نفسها المهم الفيروس مايصيبهاش".
من جانبه، يرى محمد توفيق، 40 عاما، صاحب أحد الصيدليات بمنطقة المهندسين، أن السبب الرئيسي وراء اختفاء أدوية والبنادول بجميع مشتقاته، والزنك، وفيتامين سي، هو حديث بعض الأطباء والأفراد العادية على الفضائيات وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" عن دورها في الحماية من الإصابة بالفيروس، مما دفع المواطنين لشراء كميات كبيرها منها، وتخزينها في المنزل كنوع من أنواع الإحتياط، فيقول: "الناس بتسمع الكلام وتنفذه من غير ما تفكر إذا كان العلاج ده مناسب لصحتها ولا لأ"، مضيفا ضرورة توفير كميات كبيرة من تلك الأدوية خلال الفترة القادمة داخل الصيدليات وتشديد الرقابة عليها، كي لا يتم بيعها بأسعار وهمية في السوق السوداء، واستغلال فرصة نقصها: "فيه ناس كبيرة في السن وعندها أمراض مزمنة، ومش لاقية أي علاج تاخده".
وأشار "توفيق" إلى كثرة الطلب أيضا على جهاز "الترمومتر"، مما أدى إلى اختفائه، وعدم وجود إلا النوع الذي يقيس الحرارة "عن بعد" ولكن سعره لا يتناسب مع الجميع: "النوع ده موجود لكن الطلب عليه قليل، لأن سعره بيوصل لـ 4 آلاف جنيه".
في سياق متصل، محمد علاء، 31 عاما، صاحب أحد الصيدليات بمنطقة شبرا الخيمة، حديثه عن اختفاء أدوية الوقاية من الفيروس، نتيجة الإقبال الكثيف عليها من قبل المواطنين، المصابين وغير المصابين بالفيروس، يقول: "الناس كانت بتيجي تشتري علاج بكميات كبيرة، خصوصا الترمومتر الحراري والبنادول خافض الحرارة"، مضيفا أن النسبة الأكبر من الإقبال هي لشراء هذه الأدوية من الأفراد المصابين: "الناس اللي مش مصابة اشترت كميات كبيرة من الأدوية، وخزنتها في البيت، وده مش صح، لأنها بتأثر على توفيرها للمصابين".
وتابع "علاء" أنه يتردد عليه أكثر من شخص خلال اليوم، لشراء أدوية والبنادول الترمومتر الحراري، الذي يوضع على الرأس ليسجل درجة الحرارة، ولكنه يجيبهم بعدم توافر تلك الطلبات داخل الصيدلية.
وأوضح "علاء" أن هناك أدوية بديلة لـ "بنادول"، وتعطي نفس المفعول، لاحتوائها على نفس المادة الفعالة، ومنها: "تيليون، أدول، أبيمول، ونوفادول": "المشكلة إن الناس بتخاف من البدائل، مع إن لها نفس التأثير بس عشان متعودين على نوع معين".
وأنهى "علاء" حديثه، بقوله: "محتاجين توفير أدوية الوقاية من كورونا، وضرورة توعية المواطنين إن تخزين العلاج هيأثر على الكل".