بريد الوطن.. أسير بلا هدى (قصة قصيرة)
الزحام
أشاهد المارة وصخبهم، صيحات الباعة، ضجيج السيارات، كعالم موازٍ ملىء بالضجيج والقسوة والملل، كل شخص يحيا فى عالمه الخاص، سألت سائق السيارة بكلمة واحدة عن وجهته واندسست فى العربة، دائماً أحاول الاحتكاك بأقل قدر متاح مع الآخرين، أقل قدر من الكلمات، والاهتمام، والشفقة، أضجرتنى سيدتان لم تكفا طوال ساعتين عن الحديث السخيف فى كل تفاهات الحياة والتدخّل فى شئون الآخرين، يشتم السائق كل راكب ملاكى يمر بجواره بعصبية، يتجادل الراكبان بجوارى ويرتفع صوتاهما حول من المخطئ هل هو سائقنا أم سائق الملاكى، أحاول التفكير كيف يستطيع هؤلاء تحويل كل الأمور التافهة إلى أمر يستحق الجدل، ربما هى الحاجة إلى ملء فراغ دنياهم بأى شىء، حتى أن أهتم بدقيق التفاصيل والبحث عن جدوى الشىء قبل فعله، حتى اكتشفت أن كل شىء بلا جدوى، أتجه نحو نفق المترو الغائص فى باطن الأرض، وسط العالم المحيط الذى أراه من خلف زجاج مغبر، عيناه البنيتان واسعتان تلوح فيهما نظرة البراءة والطيبة، يتأملنى كصديق قديم، يهز رقبته فى صمت، أناجيه، نتبادل حديث الأصدقاء، أنا الذى بلا صديق، شعرت أننى أعرفه منذ زمن، أتذكر تلك النظرة من زمان ما، يخيل لى أننى رأيت فى عينيه شبح ابتسامة أثناء إدارته لرقبته، بادلته إياها وأنا أرفع يدى مودعاً، وداعاً يا صديق.
أحمد الحسينى
يتشرف باب "نبض الشارع" باستقبال مشاركاتكم المتميزة للنشر، دون أي محاذير رقابية أو سياسية، آملين أن يجد فيه كل صاحب رأي أو موهبة متنفساً له تحمل صوته للملايين.. "الوطن" تتلقى مقالاتكم ومشاركاتكم على عنوان البريد التالي bareed.elwatan@elwatannews.com