قصة كفاح الأيادي الناعمة في حصاد الطماطم بالفيوم
"حنا حبيب" .. القرية الأشهر والأعلى إنتاجًا للمحصول في المحافظة
"جني ثمار المجنونة".. كفاح الأيادي الناعمة في حصاد الطماطم بالفيوم
تنتشر زراعة الطماطم في محافظة الفيوم التي تنتج منها مئات الأطنان بشكل مستمر، وخصوصًا قرية "حنا حبيب" التي لا تخلو أرض زراعية فيها من زراعة الطماطم، ذلك المحصول السريع الذي تُحصد ثماره بعد ثلاثة أشهر وعلى مدار شهرين يتم قطفها، وتحقق أرباحًا جيدة لصاحب الأرض.
ليست "المجنونة" باب رزق لزارعها فقط ولكنها مصدر رزق الأيادي الناعمة بالمحافظة، على الرغم من أنّ العادات والتقاليد تحول دون خروج السيدات للعمل في الحقول وسط الرجال، إلا أنّ "الأيادي الناعمة" تغلبت على تلك العادات بارتداء النقاب والذهاب إلى الحقول فجرًا لجني الثمار.
تقول نهى جابر (40 عامًا) إنّها تستقل سيارة فجر كل يوم وتذهب إلى القرية المجاورة لقريتها من أجل حصاد الطماطم مقابل يومية 120 جنيهًا حتى الساعة الواحدة ظهرًا، لتتمكن من مساعدة زوجها في الإنفاق على أبنائهما خصوصًا أنّ زوجها مريض وغير قادر على العمل، وهي أم لثلاث أطفال ولديها متطلبات يجب تلبيتها.
وكشفت أنّ دورها يقتصر على فرز الطماطم واختيار الممتازة منها ووضعها في أقفاص بأوزان محددة تتراوح بين 20 و 25 كيلو من أجل تصديرها لعدة دول مثل السعودية وسوريا والعراق، كاشفةً أنها ليست منتقبة ولكنها ترتديه خوفًا من أن يراها أحد أبناء قريتها وتكون في موقف محرج لأنّ خروج السيدات للعمل في الحقول "عيب في قانون الأرياف".
أمّا أسماء حسن، الطفلة التي لم تتجاوز الخامسة عشر من عمرها، تؤكد أنّها تقطف الطماطم بسرعة وخفة لأنها اعتادت على ذلك العمل منذ كانت في الثامنة من عمرها، بعدما توفي والدها وهي أكبر أشقائها ومضطرة للعمل لمساعدة والدتها في الإنفاق على أشقائها، بالإضافة إلى حاجتها لشراء جهازها كي لا تحتاج لأحد عندما يأتي نصيبها وتتزوج.
وبعينين أجهدهما الاستيقاظ مبكرًا ونقاب امتلأ بالعرق كأنّه منقوع في المياه، تروي سناء سيد (33 عامًا) حكايتها مع حصاد "المجنونة" حيث توفي زوجها وترك لها 4 أطفال في مراحل تعليمية مختلفة أكبرهم في الصف الخامس الابتدائي، ولحرصها على تعليمهم وعدم تركهم للمدرسة اضطرت للعمل في حصاد الطماطم من أجل الانفاق على أبنائها خصوصًا أنّه ليس أمامها فرصة عمل أخرى فهي حاصلة على دبلوم وبحثت عن عمل كثيرًا ولكنها فشلت.
وبينّت "سناء" أنها كانت تجلس أمام منزلها ورأت سيارة ربع نقل تقوم بإنزال سيدات وأطفال القرية وسألت إحداهن من أين يأتوا وأين يذهبوا فأخبرتها أنهم يعملون باليومية في حصاد الطماطم فطلبت منها اصطحابها معها للعمل، وبالفعل أتقنت جني ثمار الطماطم وليس الفرز فقط وأصبحت تعمل فيها كل موسم وتدخر الأموال التي تحصل عليها وتنفق منها باقي العام على أبنائها.
وبينما يعمل العشرات في جني ثمار الطماطم وفرزها وتعبئتها كخلية نحل يجلس أحمد عبد الهادي (60 عامًا) صاحب المزرعة يحثهم على العمل بشكل أسرع، من أجل تصدير دفعة الطماطم والبدء في التحضير لتصدير طلبية جديدة.
ولفت "عبدالهادي" إلى أنّه يزرع الطماطم في شهر أغسطس ويبدأ حصادها في شهر نوفمبر، ويصدرها لتحقيق الأرباح اخصوصًا أنّها تتكلف مبالغ مالية ضخمة لزراعتها، موضحًا أنّ الفدان الواحد يتكلف ما يقرب من 100 ألف جنيه.
أمّا عن الأرباح، فيوضح "عبد الهادي" أنّ أرباحه تتراوح بين 25 إلى 40 ألف جنيه من الفدان الواحد كل عام، حيث أنّ الفدان الواحد يُنتج من 55 إلى 80 طن طماطم ويقوم بجني ثماره 8 أفراد، ويزرعه مرتين كل عام ويستمر حصادها في كل مرة لمدة 6 أشهر، حيث يتم حصادها 30 مرة على مدار الأربعة أشهر الأولى، و15 مرة أخرى على مدار الشهرين اللاحقين.
وعن أنواع الطماطم، شرح أنّها تتميز بتعددها منها روزلينا، والفيروز، ولميس، والسلك، لكنه اختار زراعة السلك لأنها مطلوبة في التصدير، وتطرح كميات كبيرة، وسُميت بذلك الاسم لأنها تنمو عمودية فوق أسلاك وضعت خصيصًا لها.
ونبّه أنّ معظم العاملين في جني ثمار الطماطم من النساء، لتحسين مستواهن الاجتماعي، ومساعدة أزواجهن على مواجهة مصاعب الحياة، كما أن العمل في جني الطماطم لا يحتاج إلى جهد كبير، موضحًا أنهن يجمعن ثمار الطماطم ثم يفرزنها لإخراج الحبة المُصابة منها، ثم يتم تعبئتها في الصناديق المخصصة لها تمهيدًا لتصديرها.
وعن سبب جني الطماطم خضراء أوضح أنها يتم حصادها "مخوصة" أي نصف مستوية كي تتحمل السفر ولا تفسد في الطريق، لأنها تستغرق وقتًا طويلًا حتى تصل للدولة المصدرة إليها وتكون حين ذلك حمراء اللون وقوية خالية من الإصابات.