خبراء: صعود بايدن غير مؤثر في أزمة سد النهضة
جو بايدن
ترعى الولايات المتحدة الأمريكية، الكثير من القضايا المتأزمة حول العالم، في إطار سياستها الخارجية الاستراتيجية لتهدئة النزاعات الإقليمية، باعتبارها الدولة الأكبر والأكثر تأثيراً ونفوذا في المشهد العالمي، ومن بين تلك القضايا أزمة السد الإثيوبي، الذي يشكل تهديداً لاستقرار منطقة حوض النيل، والذي تشيده إثيوبيا على النيل الأزرق دون اتفاق مع دولتي المصب مصر والسودان، حيث يشكل تهديداً صريحاً لموارد الدولتين من المياه.
ومع وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن، إلى سدة الحكم، خلفاً لـ دونالد ترامب، أثيرت الكثير من التكهنات حول مدى استمرار دعم الولايات المتحدة، للمفاوضات التي تشارك فيها بخبراء من وزارة الخزانة الأمريكية، بعدما تابعت عن قرب الأزمة ونقاط الخلاف بين مصر والسودان من جانب، مع إثيوبيا من جانب آخر، بل تعد الولايات المتحدة الطرف الوحيد الذي توصل إلى اتفاق مكتمل للقضية المتأزمة منذ عام 2011، وكانت الدول الثلاث قاب قوسين من إبرام اتفاق ناجز في مارس الماضي، لولا الانسحاب الإثيوبي المُخيب في الساعات الأخيرة، وهي المفاوضات التي أجريت تحت رعاية شخصية من الرئيس دونالد ترامب.
ويقول الدكتور عباس شراقي أستاذ الجيولوجيا بجامعة القاهرة، أن الدور الأمريكي فى المرحلة القادمة يتوقف على علاقة القيادة السياسية في مصر بالإدارة الأمريكية الجديدة التى يمكنها التدخل الجاد بغرض الوصول الى اتفاق يرضى الدول الثلاث، خاصة وأنها هى التى خططت لعمل المشروعات المائية في اثيوبيا لمنع مياه النيل من الوصول الى السد العالى بعد انسحابها من المشاركة فى بنائه مما أدى إلى تأميم قناة السويس وحدوث العدوان الثلاثى على مصر 1956، فأرسلت مكتب الاستصلاح الأمريكى الى اثيوبيا لعمل الدراسات الهيدرولوجية وانتهت الى التخطيط لبناء 33 مشروع على النيل الأزرق منها سد النهضة الحالى.
أكد شراقي أن أمريكا لها مصالح كبيرة فى منطقة الشرق الأوسط وتعتمد على مصر كثيراً لتحقيق أهدافها خاصة مع الدول العربية كما حدث فى العراق، كما أن لمصر أيضا مصالح مع أمريكا، ونظراً لعلاقة المصالح هذه فانه من المتوقع أن تتصرف الادارة الأمريكية بحكمة وخبرة ودبلوماسية الرئيس المنتخب جو بايدن الطويلة لتعميق علاقاتها بمصر عن طريق حل قضية سد النهضة.
وعن تاريخ العلاقات الأمريكية بأزمة سد النهضة اوضح انها لم تتدخل فى مفاوضات سد النهضة على مدار 9 سنوات حتى أعلنت عن استضافتها لمدة أربعة أشهر من نوفمبر 2019 حتى فبراير 2020 فى واشنطن، وقد التقى مع وزراء الخارجية والرى للدول الثلاث لحثهم على أهمية الوصول الى اتفاق، وفى هذه المفاوضات قامت أمريكا والبنك الدولى بدور المراقب فى بداية الأمر ثم تحول الى وسيط فيما بعد، وقد قامت بصياغة اتفاق نهائى وقعت عليه مصر بالأحرف الأولى ورفضت السودان وتغيبت إثيوبيا فى اللحظات الأخيرة.
وعن أسباب عدم التوصل إلى اتفاق رغم ما تمتلكه السياسة الأمريكية من قدرات أوضح أن الرئيس ترامب لم يستخدم الثقل الأمريكي أو التدخل الشخصي للضغط على إثيوبيا وتشجيعها على التوقيع على اتفاق سد النهضة لعدة أسباب منها أن سد النهضة لم يكن ضمن الاهتمامات الأمريكية، ثم اجتياح فيروس كورونا لأمريكا والعالم وانشغال ترامب بحملته الانتخابية الثانية.
وقطعت الولايات المتحدة الأمريكية جزء من المساعدات الأمريكية المتواضعة لإثيوبيا حتى تعود لتوقع على الاتفاق، وفى 23 أكتوبر الماضى أدلى ترامب بتصريحات نارية عن خطورة الموقف الحالى مما أدى إلى تحريك مياه المفاوضات الراكدة لمدة أكثر من شهرين ونصف إلا أنها فشلت أيضاً لعدم توافر الإرادة السياسية لدى الطرف الاثيوبى، وعدم وجود دور فعال للمراقبين، واستبعاد وزراء الخارجية من المفاوضات.
من جانبه قال الدكتور عبد الفتاح مطاوع رئيس قطاع مياه النيل الاسبق ان الولايات المتحدة الامريكية دولة مؤسسات ولا يحكمها افراد حتى وإن اختلف الاسلوب، مضيفاً لن تنسحب الولايات المتحدة من المفاوضات التي تشارك فيها من خلال وزارة الخزانة والبنك الدولي بهذه السهولة، خاصة وان تلك المؤسسات تعلم مدى خطورة الموقف وعدالة قضية مصر وتأثير سد النهضة الكارثي على المنطقة.
أكد ان الولايات المتحدة سوف تستكمل المفاوضات بنفس النهج للتوصل الى انسب صيغة خاصة وانها تعلم جيداً تفاصيل الخلافات وكيفية التوصل الى حلول بناء على خبراتها السابقة في الازمة.
ووجه الرئيس عبد الفتاح السيسي مساء أمس التهنئة الي جو بايدن الرئيس المنتخب للولايات المتحدة الامريكية وذلك بعد اعلان نتائج الانتخابات الرئاسية الامريكية، وقد اكد الرئيس علي التطلع للتعاون والعمل المشترك من اجل تعزيز العلاقات الثنائية الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة الامريكية بما فيه صالح البلدين والشعبين الصديقين.