كيانات التعليم الوهمية شهادات عليا في «النصب»
«الوطن » ترصد تجاوزاتها ووقائع المداهمة والتشميع
كيانات التعليم الوهمية
إعلانات ومنشورات أصبحت أمام الأعين فى الآونة الأخيرة للتعريف والترويج لكيانات تعليمية وصفت نفسها بأنها ملاذ الطلاب للحصول على شهادة عليا، وتضمنت منشورات الادعاء بأنها معاهد وكليات خاصة تستطيع أن تحقق للطلاب أحلامهم فى الالتحاق بالكليات العملية التى حالت نسبهم المئوية دون الانضمام إليها، لم تتوقف عملية التزييف عند ذلك الحد بل امتدت لأبعد من ذلك، إذ ذهبت بعض تلك الكيانات الوهمية إلى الترويج لنفسها عبر «الفيس بوك» وغيره من مواقع التواصل وعلى أرض الواقع بأنها معتمدة من جامعات أجنبية كجامعة هارفارد وغيرها ذات الصيت والمكانة العلمية المرموقة، لتشكّل تلك الكيانات الزائفة ومن خلفها مالكوها مصيدة وفخاً للطلاب الذين لا يخطر ببالهم التأكد مما إذا كانت حاصلة على الاعتماد من الجهات المختصة المتمثلة فى وزارة التعليم العالى والمجلس الأعلى للجامعات من عدمه. «الوطن» تفتح ملف كيانات التعليم الوهمية والأكاديميات الزائفة التى تطيح بمستقبل طلاب الثانوية العامة، حيث ينفق الأهالى الأموال من أجل مستقبل أفضل لأبنائهم قبل أن يكتشفوا أنّ ما يطمحون إليه ما هو إلاّ سراب زائل، فى السطور التالية تستعرض «الوطن» أبرز الكيانات وحيل النصب والقضايا التى بناء عليها تمت مداهمة عدد من تلك المنشآت فى الجيزة والإسكندرية وغيرهما من المحافظات وإغلاقها وتشميعها، كما تحدثنا إلى خبير أمنى للوقوف على الدور الذى تلعبه وزارة الداخلية للحد من توسع وانتشار تلك الأكاديميات والمعاهد المزيفة والعقوبات التى يتم توقيعها على مالكى المنشأة.
مصيدة «الأكاديميات المزيفة» تعصف بمستقبل «طلاب الثانوية»
كيانات تعليم وهمية تنصب فخاخاً للإيقاع بطلاب الثانوية العامة، خاصة الذين اجتازوا الامتحانات بمجاميع ضعيفة لا تؤهلهم للالتحاق بالكليات التى طالما حلموا بها. تأتى تلك الكيانات زاعمة أنها تمثل معاهد عليا وكليات وأكاديميات للتدريب معتمدة وتمنح الطلاب شهادات جامعية، بينما هى فى الحقيقة كيانات زائفة للنصب من أجل الحصول على المال دون وضع اعتبار لمستقبل الطلاب. عقب ذيوع صيت تلك الكيانات وتوسعها، سقطت شريحة كبيرة من المواطنين فى حبال النصب، ليتضح فى النهاية أن ما يتعرّض له الطلاب ليس واقعة فردية، وإنما عمليات نصب ممنهجة لاستدراج الحاصلين على الثانوية العامة والاستيلاء على مبالغ مالية كبيرة من ذويهم دون تقديم خدمة تعليمية معتمدة.
انتشار تلك الكيانات الزائفة دفع وزارة التعليم العالى إلى تفعيل دور لجنة الضبطية القضائية لملاحقة تلك الجامعات والمعاهد التى تدّعى انتسابها إلى الوزارة، لتسفر عمليات الرصد والمراقبة خلال شهر مارس الماضى عن مداهمة وغلق وتشميع ما يقرب من 20 كياناً وهمياً وأفرعها بمحافظات مختلفة على مستوى الجمهورية، حيث يعتمد القائمون على الكليات والمعاهد الزائفة على تزوير التراخيص، فى محاولة منهم لإتمام عملية النصب، مستغلين فى ذلك حاجة الطلاب للارتقاء بمستواهم التعليمى ورغبة ذويهم فى التحاقهم بكليات ذات مستقبل مشرق بحسب اعتقادهم.
مؤسسات ومعاهد تنظم عمليات نصب واستغلال ضد أولياء الأمور وتدعي منح الطلاب شهادات دولية.. ومحافظتا الجيزة والإسكندرية على رأس القائمة
وكانت وزارة التعليم العالى قد أعلنت أنها وجّهت ضربات قاصمة لعدد من الأكاديميات الزائفة، ما أدى إلى إغلاقها، وكان لمحافظة الجيزة النصيب الأكبر والحظ الأوفر من تلك الكيانات، وقامت لجان الضبطية القضائية التابعة للوزارة بمداهمة وإغلاق معهد «هافارد إس سى» للعلوم والتكنولوجيا الذى كان يحمل اسم «أكاديمية اليوم الخامس للعلوم والتكنولوجيا سابقاً»، وتبين من التحريات أن تلك الأكاديمية قد نظمت عمليات نصب على الطلاب، إذ ادّعت أنها تمنحهم شهادات معتمدة من جامعة هارفارد الأمريكية، ليتبيّن أنها غير معادلة أو معتمدة من المجلس الأعلى للجامعات المصرية بالأساس، لعدم حصولها على ترخيص من الوزارة وبالتالى فهى غير معتمدة من قبَل «هارفارد» ولا غيرها من الجامعات العالمية، ولهذه الأكاديمية الوهمية عدّة فروع فى المحافظات وقامت اللجان بإغلاقها جميعاً، ومقرّها الرئيسى بشارع الهرم بمحافظة الجيزة.
وجاءت محافظة الإسكندرية فى المرتبة الثانية من تلك الإغلاقات، فقامت لجان الضبطية القضائية باتباع الأسلوب ذاته فى أكاديميات الجيزة، حيث قامت بمداهمة وإغلاق وتشميع أكاديمية «الصفوة» للتدريب بشارع فيكتوريا، على خلفية ادعائها أنها تمنح شهادات للتمريض للطلاب عقب 5 سنوات من الالتحاق بها، حيث تبيّن أن تلك الأكاديمية لم تحصل على التراخيص اللازمة من الجهات المختصة، لم تكن «الصفوة» هى الكيان الوحيد الذى تم إغلاقه فى الإسكندرية، إذ إن لجان الضبطية تمكّنت أيضاً فى منتصف شهر مارس الماضى من إغلاق أكاديمية تحمل اسم «دلتا إسكندرية» للدراسات المتخصصة بالإضافة إلى أكاديمية الحياة للتمريض بمنطقة العصافرة، وذلك عقب انتهاجها مبدأ النصب فى منح طلاب الثانوية العامة دبلومات فى التمريض المهنى، وكذلك منح شهادات من المستشفيات التى ستتم عمليات التدريب فيها، كما تم إغلاق مؤسسة «فيجون» لزعمها منح شهادات دبلومات معتمدة. كما أصدر الوزير قراراً بغلق فرع المنشأة المسماة هيئة «هارفارد إيجى» للتدريب بمحافظة الإسكندرية لاشتراكها مع أكاديمية ومعهد هارفارد سى إس للعلوم والتكنولوجيا فى منح شهادات أجنبية وهمية مزعوم صدورها من الجامعة الأمريكية هارفارد، وهى غير معادلة أو معتمدة من «الأعلى للجامعات».
وفى الدقهلية تم ضبط وإغلاق كيانين مزيفين فى المنصورة يعملان دون تراخيص ويلتحق بهما المئات من الطلاب الذين اعتقدوا أنهما سيضمنان لهم مستقبلاً مستقراً وشهادات معتمدة، وأعلنت الوزارة اسم الكيانين لتحذير الطلاب وأهاليهم من الوقوع فى شباكهما فى حال قاما بافتتاح أفرع أخرى لهما وهما «سنتر فيو» بالحى الأول بالجامعة، والكيان الآخر يحمل اسم معهد 6 أكتوبر ويقع بشارع أحمد ماهر بحى الجامعة، حيث يمارس الكيانان مزاولة المهنة دون الحصول على ترخيص من «التعليم العالى».
وفى محافظة الشرقية أغلقت الجهات المختصة المنشأة المسماة بالأكاديمية البريطانية المصرية للتدريب والتى اتخذت من مدينة الزقازيق مقراً لها، وكشفت عمليات المداهمة المفاجئة أن الأكاديمية لا تحمل تراخيص من وزارة التعليم العالى أو الجهات المعنية، وعلى الرغم من ذلك تقوم بمزاولة نشاط تعليمى فى مجالات المصطلحات الطبية والتمريض والباطنة والجراحة بقسمَيها النظرى والعملى، إضافة إلى الإسعافات الأولية.
وفى إطار سعى وزارة التعليم العالى للحفاظ على مستقبل الطلاب فقد طالبتهم بالالتزام بالمعاهد والأكاديميات التى تعلنها الوزارة فقط على موقعها الإلكترونى.
ضبطيات وعقوبات «النصب»
- 20 كياناً تعليمياً وهمياً ضبطتها الجهات الأمنية خلال شهر مارس فقط
- 10 سنوات سجناً عقوبة محتملة لمن يثبت ضلوعه فى الكيانات التعليمية الوهمية
- 8 حملات أمنية وجهتها أجهزة الأمن لرصد الكيانات التعليمية الوهمية فى يوليو الجارى
- 15 ألف جنيه قيمة الشهادة العلمية المزورة بحسب اعتراف «نصَّاب» بعد ضبطه