«ابن دقيق العيد».. أحد علماء المماليك دفن بالقاهرة والمقام بمعابد الكرنك
ضريح بن دقيق العيد داخل معابد الكرنك
على يمينك أثناء دخولك من بوابة التفتيش لمعابد الكرنك، تجد ضريحا يعلوه «قُبة»، لتجد نفسك مُتسائلًا عن سبب تواجدها، وإلى من ينتمي هذا الضريح المتواجد داخل معبد أثري فرعوني يعود تاريخه لآلاف السنوات، ولماذا لم تتم إزالة الضريح أثناء أعمال الترميمات والحفر.
أسئلة كثيرة تتبادر إلى أذهان زوار معابد الكرنك أثناء دخولهم لزيارته، وعقب دقائق من محاولتهم الفهم يُجيب عليهم أحد مفتشي الآثار بأن هذا الضريح يتبع الشيخ علي بن دقيق العيد أحد كبار العلماء والفقهاء في عهد الدولة المملوكية، وسبب بناء هذا الضريح «رؤية» من قبل أحد الصالحين بإقامة الضريح في هذا المكان وقد كان، وحتى يومنا هذا زادت شهرته وأصبح له زواره ومريديه يأتون لزيارته من مختلف المناطق بصعيد مصر.. وللمزيد في هذا التقرير.
من هو ابن دقيق العيد؟
هو الشيخ تقي الدين أبو الفتح محمد بن علي بن وهب بن مطيع القشيري المالكي والشافعي المصري، ويُعتبر أحد أهم وأبرز العلماء والدعاة والفقهاء في عهد المماليك خلال القرن السابع الهجري الثالث عشر الميلادي، هكذا بدأ طيب غريب مدير معابد الكرنك، شمال محافظة الأقصر، الحديث عن صاحب الضريح، مضيفًا في تصريحات لـ«الوطن»، أن «الشيخ تقي الدين» حاز على المذهبين المالكي على يد والده أحد علماء المالكية في بلدة قوص التابعة لمحافظة قنا في صعيد مصر، ثم سافر إلى القاهرة فأخذ العلم عن الإمام عز الدين بن عبد السلام الشافعي.
مولد ابن دقيق العيد وأهم مؤلفاته
وعن مولد «بن دقيق العيد»، يوضح، مدير معابد الكرنك، التفاصيل قائلًا: يُقال في مولده إنه ولد في عرض البحر أثناء ارتحال والديه لحج بيت الله الحرام، وعقب وصولهم للحج أخذه والده فطاف به، كما طلب من الله أن يجعله أحد العلماء، ومرت الأيام حتى سافر نجله الشيخ إلى القاهرة لطلب العلم كما سافر إلى دمشق، وهناك لازم علماءها، ثم عاد عقب ذلك ليصبح مفتي قضاة المالكية رغم أن عمره لم يتجاوز الـ 37 عامًا، وفي آخر أيامه تولى منصب قاضي قضاة البلاد، وتوفي يوم الجمعة الموافق 11 صفر عام 702 هجرية، حيث أقيمت له جنازة مهيبة مشهودة، ودفن في سفح جبل المقطم بشرق القاهرة بعد حياة حافلة بالعطاء والعلم والمعرفة.
وعن مؤلفات ابن دقيق العيد، يقول «طيب غريب»، إن الشيخ بن دقيق العيد له العديد من المؤلفات في شتى المجالات والعلوم فمنها إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام، و شرح عمدة المطرزي في أصول الفقه، كما أن كتابه الإلمام الجامع لأحاديث الإحكام يُعتبر ضمن أشهر مؤلفاته حيث وقع في 20 مجلدا، ومؤلفات أخرى شهيرة منها الاقتراح في معرفة الاصطلاح في علوم الحديث ، شرح الأربعين النووية، وغيرها من المؤلفات التي ما زلت تعيش حتى يومنا هذا، مؤكدًا على ثناء العديد من العماء عليه وعلى علمه علمه وخلقه، مثل ابن سيد الناس والأدفوي في الطالع السعيد والسبكي وغيرهم.
أين يقع ضريح ابن دقيق العيد في معابد الكرنك؟
وعن موقع ضريح بن دقيق العديد، أشار «غريب» إلى أن ضريح الشيخ علي يقع على اليمين داخل معابد الكرنك في الجهة الجنوبية، والضريح مكون من قبتين ويصل مساحة المقام 10م × 8 م تقريبا، كما يُعتقد أن المكان ضريح مشهد أو رؤية خاصة كانت لأحد الأولياء كما أن الموقع الأصلي لمدفن الشيخ على بن دقيق العيد يقع في القاهرة، ولكن ضمن عادات العوام إقامة أضرحة ومقامات للعلماء والصالحين في أكثر من مكان في ربوع البلاد، لذا اُقيم للشيخ على بن دقيق العيد أكثر من ضريح أحدهما في محافظة قنا وتحديدًا بمدينة قوص شمال محافظة الأقصر، والآخر داخل معابد الكرنك شمال مدينة الأقصر.
واستكمل مدير معابد الكرنك، وكان من المفترض إزالة هذا الضريح والذي يمثل جزءا من مقبرة إسلامية كاملة تم نقلها في خمسينيات القرن الماضي، ولكن لم يحدث خاصة لأنه لا يعيق مسار الزيارة ولا يؤثر على المشهد العام في مدخل المعبد، بالتالي قررت المنطقة الإبقاء، عليه وكان هذا الضريح يتم زيارته حتى وقت قريب من قبل أهالي محافظة الكرنك، في مناسبات خاصة مثل الأفراح وتُعتبر ضمن أهم العادات التي يحرص عليها أهالي المحافظة وخاصة أهالي الكرنك في زيارته تبركًا به.