«محمد» منعه الشلل من الالتحاق بالمدرسة فحصل على الماجيستير والدكتوراه
الدكتور محمد كيلاني محمود
على الرغم من كوّنه الأخ الأوسط لثمانية أشقاء، إلا أنّ المرض اختاره من بينهم ليُصاب بشلل الأطفال وهو في السنة الثانية من عمره، الأمر الذي جعل أسرته ترفض إلحاقه بالتعليم خوفاً من تنمر زملائه به بسبب إعاقته وتعرضه للأذى النفسي، فيما كان يجلس كل يوم ينتظر عودة أشقائه من المدرسة ليرى ماذا تعلموا ويتعلم منهم، حتى تعلّم القراءة والكتابة، ثم عمل في عدة حرف أبرزها «مكوجي»، برفقة والده، وفي عمر الـ 20 قرر الالتحاق بفصول محو الأمية وأنهى تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي والتحق بكلية دار العلوم.
«محمد» أُصيب بشلل ولم يدخل المدرسة
لم يتقبل محمد الكيلاني محمود، ابن محافظة الفيوم، أنّ يظل جاهلاً فالتحق بفصول محو الأمية عام 1993 وقت أن كان عمره 20 عاماً، وأنهى دراسته الجامعية بكلية دار العلوم بجامعة الفيوم، ثم ناقش رسالتي الماجيستير والدكتوراه بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف عام 2018، لتكون إصابته بالشلل محنة بداخلها منحة، بينما أشقائه الذين التحقوا بالتعليم مبكراً اكتفوا بالحصول على شهادة الدبلوم فقط.
«محمد» تغلب على إعاقته وأميته
على كرسي متحرك يجلس الدكتور محمد صاحب الـ 49 عاماً، تُزين ابتسامته وجهه دائماً، يروي لـ«الوطن»، أنّ إصابته بشلل الأطفال حرمته من الالتحاق بالمدرسة، واضطر للعمل مكوجي برفقة والده، ثم عمل عامل تذاكر في سينما الفيوم، وبعد ذلك حصل على شهادة التدريب المهني التي منحته وظيفة في مديرية الطب البيطري، ولكنه كان دائماً يرغب في الالتحاق بالدراسة.
«محمد» من محو الأمية لدكتوراه في النحو
وأشار إلى أنّه أثناء عمله سمع عن فصول محو الأمية والتحق بها على الفور، وأنهى من خلال تلك الفصول تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي، ثم التحق بكلية دار العلوم، ولم يكتف بذلك، ولكنه قرر مواصلة الدراسات العليا حتى حصل على الدكتوراه بامتياز.
«محمد»: «كنت بطلع لجنة الامتحان على إيدي»
وكشف أنّ أكثر ما كان يعاني منه هو عدم مراعاة ظروفه الخاصة، حيث فوجئ في الثانوية العامة بأنّ لجنته في الدور السادس، فكان يضطر لصعود السلم على يديه مثل الطفل ثم حدث ذلك معه في الكلية أيضاً حيث كانت المدرجات في الطابق الخامس، وتعاطف معه بعض الطلاب وكانوا يشتركون معاً ويحملونه بالكرسي المتحرك حتى مكان المحاضرة.
«محمد» من محو الأمية لشاعر
وكشف أنّه يكتب الكثير من الأشعار، حيث أنّه منذ طفولته كان يقرأ الكتب والصحف، ثم اشترى أجندة وقلم كانوا برفقته دائماً، وبدأ كتابة خواطره حتى احترف كتابة الأشعار أبرزها عن حب الوطن، والأنبياء.
وختم حديثه قائلاً: «لولا وجود هيئة محو الأمية وتعليم الكبار لما تمكنت من التعلم، والحصول على الماجيستير والدكتوراه».
«محمد» يحلم بالتدريس في الجامعة
وشدد الدكتور محمد كيلاني على أنّه يحلم بالعمل في التدريس بالجامعة، خصوصاً أنّه يعشق النحو والصرف، مُناشداً وزير الدكتور خالد عبد الغفار وزير التعليم العالي والبحث العلمي بتحقيق حلمه بأن يكون عضو هيئة تدريس بجامعة الفيوم، ويُدرس للطلاب من فوق كرسيه المتحرك.