مع اقتراب الساعة التاسعة، سيطرت حالة من التنافس بين العائلات للجلوس على الزرع الأخضر بساحة مسرح الهناجر بدار الأوبرا المصرية، البعض جلس دون حائل، بينما اختار البعض الآخر فرش قطع من القماش، كان الحماس يملأ العيون ليس فقط فى أعين الصغار ممن لم تتجاوز أعمارهم الـ3 و4 سنوات، بل أيضا فى أعين الكبار ممن أرادوا أن يستمتعوا بتلك الملحمة الشعبية التى مازالت تعيش فى الوجدان، وهي أوبريت «الليلة الكبيرة » الذي يتم تقديمه مجانا خلال شهر رمضان الكريم ضمن برنامج «هل هلالك».
«الليلة الكبيرة يا عمي والعالم كتيرة، ماليين الشوادر يابا من الريف والبنادر، فتح عينك تاكل ملبن، أوعى لجيبك، لا العيب عيبك، قرب، جرب، نشن، وسطن ايدك وسطن. اضرب».. كلمات الأوبريت التي خطها المبدع الأروع صلاح جاهين لم يكتف الحضور فقط بترديدها، بل كانوا يتمايلون ويصفقون على أنغامها التي أبدعها الراحل سيد مكاوي، بعد أكثر من 60 عاما على ظهورها لأول مرة.
منى: مبسوطة إن الأوبرا رجعت بأنشطتها للأطفال بعد الكورونا
منى سمير من الوراق، كانت إحدى الأمهات التي جلست على الأرض تتابع الأوبريت بسعادة، بينما تحمل صغيرها محمد في حضنها ويجلس طفلها الآخر أياد بجانبها، وتشرح لهم فكرة الأوبريت، وظلت تردد كلمات الأوبريت وتشرحها لهم رغم سنهم الصغيرة.
وقالت منى لـ«الوطن»: «في الأوبرا في أنشطة فنية مناسبة للأطفال ومجانية، وأنا متعودة أجي بأولادي الاتنين دايما كل سنة فى رمضان علشان نحضر الحفلات وعروض الأطفال، والسنة الوحيدة اللي وقفنا فيها كانت هي سنة الكورونا، وبمجرد ما عرفت إن عرض الليلة الكبيرة هيتعمل، جبتهم عالطول، ومبسوطة أن دار الأوبرا رجعت لأنشطتها الحلوة تاني».
رفعت ريان مسئول العرض: الليلة الكبيرة هو الأوبريت الأكثر شعبية فى تاريخ مسرح العرائس
وأوضح رفعت ريان المسئول عن عرض «الليلة الكبيرة» لـ«الوطن» أنه رغم مرور أكثر من 60 عاما على ظهوره فإنه يمثل العرض الأكثر جماهيرية وشعبية فى تاريخ مسرح العرائس، كما أنه يشكل جزءا من وجدان الشعب المصري، قائلا: «لقد أصبح جزءا من التراث الفني المصري الأصيل، كبانوراما للمولد الشعبى تعرض بطريقة مميزة ومبتكرة».
وأشار رفعت أن الأوبريت مازال يجذب الأطفال ويؤثر بهم رغم طوفان الأعمال الفنية للأطفال التى تعتمد على التكنولوجيا الحديثة: «الأطفال فى العادة تحب العرائس سواء كانت عروض قديمة أو جديدة، خصوصا لو كان عرض تم صنعه بشكل متقن وجيد، فهم يقبلون على فكرته».
رفعت: نجد متعة فى العروض القديمة لأنها تتميز بالأصالة
ورغم وجود عروض حديثة ومتنوعة فى مسرح القاهرة للعرائس التابع للبيت الفني للمسرح بحسب «رفعت»، إلا إن أكد أنه يجد متعة خاصة كل مرة يتم فيها عرض أوبريت «الليلة الكبيرة»، قائلا: «نحن كفنانين عرائس نجد متعتنا فى الأعمال الفنية القديمة، لأنها تتميز بالإصالة، خصوصا أن العرض هو أحد إبداعات الفنان الكبير ناجي شاكر، لذا لم نقم بعمل أي تجديدات على العرض، ولم نغير فيه شيء، بل كما يقال بالعامية نسير بالمسطرة كما تم عرضه أول مرة، فهو عرض تراثي ويجب أن يتم نقله كما هو كأمانة منا».
وحول فكرة أن العرض يقدم بشكل مجاني للأطفال، اعتبر «رفعت» أن ذلك على العكس يشجع المسئولين على العرض بشكل أكبر أن يبدعوا فى الأداء: «في حفلات مسرح العرائس يكون الحضور كاملا، ولكن عندما نجد أن الجمهور يأتي بكثافة رغم مجانية العرض ندرك أننا أمام جمهور ذواقة يحب الفن للفن، فنبدع أكثر، فمثلا في أيام العرض، نحن نفطر شيئا سريعا، ثم نكون متواجدين فى الأوبرا منذ الساعة الثامنة رغم صعوبة ذلك فى رمضان من أجل تقديم عرض مبدع وجميل للصغار والكبار».
تعليقات الفيسبوك