مدير عام منظمة العمل العربية يجدد الدعوة للنهوض بالحوار الاجتماعي
جانب من الاجتماع
حرصت منظمة العمل العربية «إدارة الحماية الاجتماعية، والمعهد العربي للثقافة العمالية وبحوث العمل بالجزائر، والمركز العربي لإدارة العمل والتشغيل في تونس» على تنظيم الندوة القومية حول «دور الحوار الاجتماعي في دعم استقرار أسواق العمل»
وعُقدت الندوة في إطار حوار ثلاثي موسع ناقش تعزيز دور الحوار الاجتماعي في بناء علاقات عمل مستقرة في ظل أسواق عمل متغيرة ، حيث ناقشت (مبادئ وآليات الحوار الاجتماعي ومسؤوليات كافة الأطراف، ترسيخ ثقافة الحوار الاجتماعي، والتحديات التي تواجهها علاقات العمل في ظل المرونة في أشكال العمل ودور الحوار الاجتماعي في تجاوزها، ودور الحوار الاجتماعي في دعم قضايا عمل المرأة).
شارك في الندوة ممثلو أطراف الإنتاج الثلاثة في 16 دولة عربية هي: مصر، والأردن، والإمارات، والبحرين، وتونس، والجزائر، وجيبوتي، والسعودية، والسودان، والعراق، وسلطنة عمان، وفلسطين، والكويت، ولبنان، والمغرب، وموريتانيا، بالإضافة إلى ممثلين عن الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، والمكتب التنفيذي لمجلس وزراء العمل والشؤون الاجتماعية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وعدد من المجالس الاقتصادية والاجتماعية بالدول العربية.
دور الحوار الاجتماعي
رحب فايز علي المطيري، المدير العام لمنظمة العمل العربية، بالمشاركين والخبراء، مؤكداً دور الحوار الاجتماعي الهادف والبنّاء والمسؤول الذي بات أمراً ضرورياً، بل أخذ بُعداً استراتيجياً أكثر من أي وقت مضى فالوضع المستجدّ الذي يمرّ به الوطن العربي أصبح يفرض معالجة قضايا التّنمية بمختلف تجليّاتها، وقضايا التّشغيل والبطالة بمختلف أبعادها في إطار الحوار الاجتماعي الجادّ الذي يتم خلاله تقاسم الأدوار والمسؤوليّات بين شركاء الإنتاج الثلاثة وكذلك الحوار الاجتماعي الموسّع بين كافة الفاعلين وإثراؤه وتعزيزه وخاصّة في فترات الأزمات كالتي نعيشها حاليًا.
وأشار مدير عام منظمة العمل العربية إلى أن المنظمة هي بيت الحوار الاجتماعي الثلاثي القومي بمقتضى دستورها، وانطلاقًا من دورها الرئيسي في دعم أطراف الإنتاج الثلاثة جاء انعقاد هذه الندوة لمناقشة كيفية تطوير وتحديث مضامين وآليات الحوار الاجتماعي بين أطراف الإنتاج والرّفع من أدائه وفق رؤية مُجدّدة تتسامى على المعالجات التقليدية وتستجيب للتحديات الاجتماعية وتعمل على تحسين بيئة العمل، وتحقيق العدالة الاجتماعية، ورفع مستوى معيشة العمال من جهة، ومن جهة ثانية، التحديات الاقتصادية التي تواجهها المؤسسات في ظل اقتصاد معولم شديد المنافسة، الأمر الذي من شأنه ضمان استقرار أسواق العمل.
وشدد المطيري على الحاجة الماسة لترسيخ ثقافة الحوار الاجتماعي وتكريس ممارساته على أرض الواقع لما له من دور مهم في مواجهة التحديات الجسام التي يفرضها الواقع المتغير على أسواق العمل العربية .
وعُقدت الندوة على مدى يومين وأربع جلسات عمل، حيث ترأست الجلسة الأولى الدكتورة مي أبو عليا من عمال فلسطين، وقدم خلالها المستشار إسلام سناء المشرف على إدارة الحماية الاجتماعية عرضًا مرئيًا حول «إعلان المبادئ بشأن الحوار الاجتماعي الصادر عن منظمة العمل العربية عام 2012»، الذي تضمّن أهم المبادئ والسياسات والآليات اللازمة للنهوض بالحوار الاجتماعي لتسترشد به الدول الأعضاء عند وضع سياساتها في مجال الحوار الاجتماعي.
كما اشتملت الجلسة على ورقة عمل حول «مبادئ وآليات الحوار الاجتماعي ومسؤوليات كافة الأطراف» قدمها محمد أحمد مصطفى خبير علاقات العمل، هدفت هذه الورقة إلى تسليط الضوء على مبادئ وآليات الحوار الاجتماعي ومسؤوليات كافة الأطراف، في ضوء الفرص والتحديات التي يفرضها واقع مستقبل العمل، خاصة في مراحل التحول الاقتصادي والاجتماعي والسياسي التي يشهدها العالم.
أما جلسة العمل الثانية برئاسة ناصر الحضرمي، حكومات سلطنة عمان، فعرض خلالها الدكتور أحمد شقير، أستاذ الاقتصاد بالجامعة الجزائرية، ورقة عمل حول ترسيخ ثقافة الحوار الاجتماعي، شملت هذه الجلسة مناقشة الإشكاليات المتعلقة بكيفية ترسيخ ثقافة الحوار الاجتماعي في ظل التحولات العالمية الجارية وتداعياتها، والتحديات الداخلية للبلدان العربية، وكيف يمكن تجديد وتطوير هذا الحوار في مضامينه ونطاقه وفاعليته، مما يسمح برفع هذه التحديات.
تحديات علاقات العمل
ناقشت الجلسة الثالثة برئاسة عوض حميد مجيد، حكومات جمهورية العراق، ورقة عمل حول «التحديات التي تواجهها علاقات العمل في ظل المرونة في أشكال العمل ودور الحوار الاجتماعي في تجاوزها»، وعرضها الدكتور حافظ العامودي وزير التشغيل والتكوين المهني الأسبق بالجمهورية التونسية، تناولت الورقة التأثيرات العميقة للثورة الرقمية والتحديات التي فرضتها على أسواق العمل والتي أدت إلى ظهور أنماط جديدة للعمل وتداخلها وتعقد علاقات العمل في إطارها.
دور الحوار الاجتماعي في دعم قضايا عمل المرأة
ترأس جلسة العمل الرابعة عبد الكريم سي يوسف، حكومات الجزائر، حيث خُصصت هذه الجلسة لمناقشة «دور الحوار الاجتماعي في دعم قضايا عمل المرأة»، وقدمته سمية صالحي رئيسة لجنة المرأة بالاتحاد العام للعمال الجزائريين، حيث أكدت خلال عرضها للورقة أنه بالرغم من أن البلدان العربية قطعت خطوات طويلة نحو تحقيق المساواة والقضاء على التمييز والعنف ضد المرأة، إلا أن الوضع على أرض الواقع ما زال يحتاج المزيد من الجهد لتكريس الوعي بأهمية المساواة كهدف من أهداف التنمية المستدامة، ولن يتم ذلك إلا بالعمل على إعداد ووضع سياسات عامة وتشريعات وآليات تنفيذية وحملات توعوية تساهم في ترقية مكانة المرأة ودورها في الاقتصاد والمجتمع والتنمية بشكل عام، ومن دون شك، فإن للحوار الاجتماعي دورًا أساسيًا في ذلك.
وتضمنت الندوة تجارب لكل من المجلس الاقتصادي والاجتماعي الأردني قدمها عطوفة موسى اشتيوي رئيس المجلس، وتجربة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي الجزائري قدمها سايت سالم مدير التعاون والعلاقات الدولية بالمجلس.
توصيات اللجنة
ومن خلال جلسات العمل، وبعد اجتماع لجنة الصياغة لمناقشة الأوراق المقدمة من قبَل الخبراء، تمكنت اللجنة من الخروج بعدة توصيات من أهمها:
دعوة الدول العربية إلى إيلاء أهمية لإحصاءات العمل لدورها في وضع وتنفيذ وتقييم البرامج والخطط والسياسات الخاصة بمجالات العمل، وإنشاء مراصد وطنية للأنماط الجديدة للعمل لرصد تطوير هذه الأنماط ومدى الإقبال عليها واستشراف تحولاتها، ودعوة الدول أيضاً إلى التصديق على اتفاقيات العمل العربية المتعلقة بالحوار والمفاوضة الجماعية والحقوق والحريات النقابية، وذلك بهدف تطوير وتنمية الحوار الاجتماعي بين أطراف الإنتاج الثلاثة في المنطقة العربية.
كما دعت اللجنة في توصياتها أطراف الإنتاج الثلاثة إلى مواجهة التحديات والأزمات الاقتصادية والاجتماعية من خلال الحوار الاجتماعي المثمر والنزيه والفعال وبما يكفل تحقيق الوفاق الاجتماعي وتعزيز السلم الأهلي، ودعت مؤسسات الحوار العربية إلى تفعيل إعلان المبادئ بشأن الحوار الاجتماعي الذي أصدرته منظمة العمل العربية عام 2012 وتطبيق أهدافه ووضعها موضع التنفيذ.
وأكدت اللجنة في توصياتها أهمية الاستمرار بتدريب الكوادر النقابية على أسس وتقنيات الحوار النقابي والمفاوضة الجماعية من أجل بناء قدرات منظمات أصحاب الأعمال ونقابات العمال لتمكينها من المشاركة بفاعلية في الحوار الاجتماعي وبما يضمن جودة مخرجاته، و تطوير ثقافة النهوض بالمفاوضة الجماعية في مختلف مستوياتها (مستوى المنشأة / القطاع المستوى الوطني) والعمل على تحديث الآليات التشريعية والظروف الملائمة لتكريس الحوار الاجتماعي بمختلف مستوياته ليواكب المتغيرات والتحديات الاقتصادية والاجتماعية ، والتأكيد على أهمية الدور الذي تقوم به المجالس الاقتصادية والاجتماعية في الدول العربية في إرساء وترسيخ ثقافة الحوار الاجتماعي، وبما يحقق العدالة الاجتماعية والسلم الاجتماعي، وتشجيع الدول التي لا يوجد لديها هذه المجالس على إنشاء مجالس اقتصادية واجتماعية لتكون إطارًا لمناقشة مجمل السياسات العامة والاستراتيجيات الاقتصادية والاجتماعية ووضع آليات لتعزيز دور المرأة العاملة داخل مراكز صنع القرار ومؤسسات الحوار الاجتماعي والعمل على تبني سياسات نوعية وبرامج تهدف إلى إرساء المساواة بين الجنسين وتحسين أوضاع المرأة في العمل.