«سيدة» عمرها 70 عاما تجر عربة حديد لتنظيف شوارع الإسماعيلية: «نفسي في شقة»
سيدة خلال عملها في نظافة شوارع الإسماعيلية
عربة حديدية صغيرة وقطعة من الخشب تحمل عليها الأتربة ومكنسة نحلها أسفلت الطريق، ذلك كل ما تمتلكه «سيدة» بعد عمر قارب 70 عامًا، ليخط الزمن تجاعيده على وجهها، ورغم سنها الكبيرة، إلا أن المقيمين في الشارع التجاري بالإسماعيلية، ينتظرون ابتسامتها الهادئة كل صباح قبل بدء عملها في نظافة الشارع ورفع أكوام القمامة.
ما يقرب من 50 عاما من العمل والشقاء، داومت «سيدة» فيها على الاستيقاظ مبكراً والتوجه إلى الشارع المخصص لها لنظافته، لتنتهي منه قرب الظهر، وتبدأ المرحلة الثانية من عملها الخاص في منطقة أرض الجمعيات، أملًا في جنيهات قليلة تسد بها احتياجات أسرتها.
تقول «سيدة» في حديثها لـ«الوطن»: «بصلي ركعتين الصبح لربنا، وأطلع أشوف رزقي، أخلص الشارع المخصص ليا مع زملائي قرب الظهر، وأربط عربيتي الحديد جنب أي محل، وبعدين أكمل شغلي في مناطق تانية».
أنهت خدمتها ومستمرة في تنظيف الشوارع
أنهت «سيدة» عملها رسميًا كعاملة نظافة في حي ثالث الإسماعيلية، قبل عِدة أعوام، إلا أنها متمسكة بالنزول يوميًا وتنفيذ نفس الأعمال التي كانت تُكلف بها مقابل أجر رمزي بسيط يتم توفيره له من بعض العاملين في الحي: «طلعت معاش لكن أنا ماعرفش غير عربيتي ومقشتي، بصبح عليهم الصبح وابدأ أعمل شغلي بشكل طبيعي أملاً في جنيهات قليلة تساعدني أسد الأقساط اللي عليا وتوفر احتياجات بيتي».
لدى «سيدة» ابن تزوج منذ سنوات بمساعدتها، بعد أن استطاعت شراء الأجهزة له بالقسط على أن تسدد هي ما تبقى منها، وفتاة شارفت على الزواج وتحتاج إلي جهاز كامل، تحاول توفير ثمنه من عملها اليومي: «ابني بعد ما أتجوز طلق مراته، وخلف طفل اسمه عمار، للأسف أنا بصرف عليه حالياً وهو أحلى حاجة في حياتي، وربنا يقدرني وأربيه وأشتري له اللي نفسه فيه».
«سيدة»: نفسي في سكن
تعيش «سيدة» مع ابنتها وحفيدها في مدخل غرفة صغيرة وفرتها لها إحدى السيدات في مدينة الإسماعيلية، لتقيها حرارة الصيف وبرد الشتاء، إلا أنها لا تملك أي مسكن يؤويها حال قررت السيدة إخلاء الغرفة: «ماعنديش بيت، وربنا كرمني بست طيبة أخدتني سكنت عندها أنا وبنتي بعد عدم قدرتي علي سداد الايجار، ونفسي في شقة أقضي فيها بقية أيام عمري».
عثرت علي موبايل وردته
وكانت قد عثرت «سيدة» على هاتف محمول العام الماضي في الشارع التجاري قدر ثمنه بحسب صاحبه، بما يقرب من 10 آلاف جنيه، إلا أنها توجهت به إلى أحد ملاك المحال التجارية في الشارع التجاري، وطلبت منه الاتصال على مالكه وإخباره بمكانه.
ورفضت الحصول على أجر أو مكافأة، بعد ردها الهاتف المحمول لصاحبه، ما دعا الأخير إلى نشر صورة عبر حسابه الرسمي على «فيس بوك»، وجه فيها الشكر لها.
وكرم مسؤولو حي ثالث الإسماعيلية، السيدة ومنحوها مكافأة مالية بسيطة، تعبيراً منهم عن سعادتهم بها، إلا أن «سيدة» ما زالت تنتظر السعادة الكبرى بأن يوفر لها أحد مأوى لها ولأسرتها.