مؤسس «تمرد»: الحركة وطنية وليست سياسية.. والغضب كان مسيطرا على رجل الشارع بسبب ممارسات وعنف الإخوان
محمد عبدالعزيز فى ندوة الوطن
محمد عبدالعزيز فى ندوة: استهدفنا توقيع 15 مليون استمارة لسحب الثقة من «مرسى».. ووصلنا لـ 22 مليون توقيع
تعيش مصر هذه الأيام أجواء كرنفالية احتفالاً بالذكرى العاشرة لثورة 30 يونيو المجيدة، التى قضت على حكم جماعة الإخوان الإرهابية، التى كادت تدمر مصر وتدخلها نفقاً مظلماً ما كانت لتخرج منه قبل عشرات السنين.
الحركة لاقت ترحيبا شعبيا مع انطلاقها.. وكتبنا الاستمارة بأسلوب بسيط
«الوطن» عقدت ندوة استضافت خلالها النائب محمد عبدالعزيز، مؤسس حركة تمرد، أحد شباب 30 يونيو، وأحد المشاركين فى مشهد 3 يوليو، وتنوعت موضوعات الندوة التى دارت على مدار ساعة بين ملامح الجمهورية الجديدة وشهادات ثورة 30 يونيو وبيان العزل فى 3 يوليو، ودور حركة تمرد الذى لعبته فى الثورة وقراءة المشهد السياسى للشارع المصرى حينها.
محمد عبدالعزيز فى ندوة «الوطن»: استهدفنا توقيع 15 مليون استمارة لسحب الثقة من «مرسي».. ووصلنا لـ 22 مليون توقيع
وشهدت الندوة توجيه إشادة بالغة بموقف جريدة «الوطن» الداعم لثورة 30 يونيو، حينما قرر الدكتور محمود مسلم، مدير تحرير الجريدة فى ذلك الوقت، فتح مقر الجريدة لاستضافة مؤتمر حركة «تمرد» رغم تهديدات جماعة الإخوان الإرهابية، وتم خلال هذا الاجتماع توجيه رسالة للجماهير المحتشدة بالميادين وإعلان رأى الشعب بأن محمد مرسى لم يعد رئيساً للبلاد بموجب الاستمارات التى تم جمعها من رجال وأبناء مصر الشرفاء.. وإلى تفاصيل الندوة:
الغضب من الإخوان أساس نشأة «تمرد»
قال النائب محمد عبدالعزيز، مؤسس الحركة، إن الحركة لم تخلق الغضب ضد الإخوان، لأن الشعب المصرى بكافة فئاته وتياراته السياسية كان لديه مشكلة مع أداء الإخوان على مدار فترة حكمهم، وهذه المشكلة كانت نتيجة لسياسات اتبعها الإخوان على الأرض وهذه السياسات كانت إقصائية، وتتعامل مع باقى المجتمع على أن الإخوان فقط هم الذين يعرفون الدين والحقيقة، وكل من يخالفهم ضد الدين «كفرة وعلمانيون».
التنظيم الإرهابى استعرض القوة فى مواجهة كل طوائف المجتمع وحاصر مدينة الإنتاج الإعلامى والمحكمة الدستورية العليا
وجميع التهم التي كانوا يلصقونها بكل من يختلف معهم، بالإضافة إلى وجود حالة من استعراض القوة فى مواجهة كل طوائف المجتمع، فعند وجود خلاف مع الإعلام حاصروا مدينة الإنتاج الإعلامى، وعند الخلاف مع المحكمة الدستورية العليا حاصروا المحكمة، وصولاً إلى الإعلان غير الدستورى، وعزل النائب العام، وتحصين قرارات الرئيس ضد الطعن القضائى، وخلقوا منه شبه «حاكم بأمره»، لا أحد يتحكم فى قراره.
وشهدت البلاد خلال فترة حكم الإخوان عدداً من الأزمات الاقتصادية الصعبة كأزمة البنزين، وانقطاع الكهرباء المستمر، مشكلات متعددة أثبتت فشلهم فى إدارة دولة بحجم مصر، بها 100 مليون، وبالتالى حجم التحديات كان ضخماً، ويحتاج إلى شخصية مدركة للواقع السياسى على قدر من المسئولية، ومسئولين مدركين طبيعة الإدارة.
وتابع «عبدالعزيز»: الشعب المصرى كان لديه مشكلة مع الإخوان، وكان ذلك جلياً فى مظاهرات «الثلاثاء العظيم» التى خرجت ضد حكم هذه الجماعة بعد الإعلان غير الدستورى مباشرة، واستمرت أمام قصر الاتحادية وفى ميدان التحرير، وصولاً إلى أحداث الاتحادية واغتيال الحسينى أبوضيف.
وأضاف: «ذروة هذه الأحداث أن هذه الجماعة كانت تصل إلى القتل فى مواجهة أى شخص يختلف معها: «ماذا كان يملك الحسينى أبوضيف غير قلمه والكاميرا الخاصة به، لم يكن عنيفاً أو يهاجم أحداً، هو فقط صحفى يملك كلمته الحرة، والكاميرا التى يوثق بها الحدث، الإخوان كان لديهم الاستعداد لقتل أى شخص يقترب من سلطتهم، التى حاربوا من أجلها على مدار 80 عاماً، لذلك كان أمراً حتمياً دخول معركة وطنية شعبية مع هذا التنظيم الإرهابى يتحقق بها النصر بوحدة الشعب بأكمله.
وتابع: «من هنا جاءت فكرة تمرد، وهو أننا بحاجة إلى وسيلة سلمية ديمقراطية تجمع جميع فئات الشعب، بكافة تياراته السياسية، على منهج واحد أو رؤية واحدة، وهى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وأن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة المرحلة الانتقالية، ومن هنا جاءت فكرة جمع التوقيعات، الفلسفة العامة أنه قيل إن محمد مرسى حصل على 13 مليون صوت انتخابى فى انتخابات الرئاسة».
وواصل: «كنا مستهدفين توقيع 15 مليون مواطن مصرى يقول إنه بيسحب الثقة من محمد مرسى، كل مواطن ممثل عن الجمعية العمومية للشعب المصرى، بتجتمع وبتقول إنها بتسحب الثقة ممن أعطته الثقة فيما أعلن عن نتيجة الانتخابات بـ13 مليون صوت».
الاستمارة وصلت القرى والنجوع لسحب الثقة من «مرسى»
واستكمل: «الحقيقة فوجئنا مع إعلان هذه الفكرة بالترحيب الشعبى الكبير من مختلف المحافظات، والتيارات السياسية المختلفة، اليمين واليسار، حتى المواطنين غير المنتمين للأحزاب أو الحركات السياسية، وربما لم يشاركوا فى أى أحداث سياسية قبل ذلك، وهى الفئة التى استهدفناها فى المقام الأول، وفى بداية التأسيس طلب منى الزملاء المؤسسون كتابة نص الاستمارة، واستهدفت وقتها كتابة لغة بسيطة يفهمها المواطنون بأبعد قرية وأبعد نجع عن القاهرة، وبالفعل هذه الاستمارة كنا نراها فى كل بيت، وشارع، وقهوة، ومصلحة حكومية، ومصنع.
أعلنا عن الحملة فى 28 أبريل.. وتوقيع أول استمارة «تمرد» كان يوم 1 مايو 2013 فى قلب ميدان التحرير
كان هناك انتشار كبير جداً لاستمارة سحب الثقة، لدرجة أن أول يوم بدأنا فيه جمع استمارات فى 1 مايو 2013، فى ميدان التحرير، كنا أعلنا عن الحملة لأول يوم فى 28 أبريل 2013، وأول نزول فعلى لجمع الاستمارات كان فى ميدان التحرير طبعنا حينها 7000 استمارة، وفى أقل من ساعة من توافد المواطنين وتزاحمهم لطلب الاستمارات ومنذ هذه اللحظة، وضعنا الاستمارة على شبكة التواصل الاجتماعى من خلال الصفحة الرسمية للحركة، وطلبنا من المواطنين طبع الاستمارة والتوقيع عليها، دون انتظار الحركة، ليتحول الأمر إلى حالة شعبية بزخم شعبى أبعد حتى من المؤسسين، وبالفعل تمت طباعة مئات الآلاف من الاستمارات عن طريق أبناء الشعب المصرى العظيم، صاحب الفضل الحقيقى فى الانتصار على هذه الجماعة الإرهابية».
شعور وطنى عام بالقلق والخطر على مصر
ورداً على سؤال هل كانت الحركة متوقعة حالة الاستجابة الواسعة من المواطنين مع تمرد واستمارة سحب الثقة؟ قال مؤسس حركة تمرد إنه كان لديه انطباع من خلال قراءة المشهد أن حالة الغضب موجودة لدى جميع القطاعات.
وتابع: «لما كنت بتمشى فى الشارع تلاقى كل الشعب المصرى بمختلف فئاته بيتكلم عن الأحداث وعن أداء محمد مرسى فى السلطة، وعن المشكلات اللى موجودة، وعن أسلوبه الذى لا يليق بمقام الرئاسة وطريقة حديثه التى لا تليق بمكانة مصر، حتى سفرياته إلى الخارج كانت طول الوقت بها تندر على أسلوبه وطريقته فى الحديث، سواء باللغة الإنجليزية أو العربية، تفاصيل كثيرة جعلت المواطن المصرى يشعر بالقلق على مستقبل الوطن والدولة.
بالإضافة إلى أسوأ ما فعله الإخوان وهو محاولة اختطاف الدولة وأخونتها، فوجدنا مختلف الوظائف فى وزارة الشباب والرياضة كان هناك تركيز على تعيين شباب الإخوان فى مختلف المفاصل، وبالمثل فى وزارة التنمية المحلية، فكانت هناك خطة ممنهجة للسيطرة على مفاصل الدولة بأكملها، شعر المواطنون من كل المحافظات بذلك الخطر، لأن الخطة كانت على مستوى المحافظات بالكامل وليست فى محافظة دون الأخرى، فأصبح هناك شعور وطنى عام موجود من إسكندرية لأسوان بالقلق والخطر على هذه الدولة المصرية.
ولذلك كانت قناعتنا أن الفكرة ستلقى استجابة شعبية، لأنها فكرة بسيطة وفى نفس الوقت بها ميراث تاريخى من ثورة 1919، عندما جمع المصريون التوكيلات لسعد زغلول فى فكرة تجميع الاستمارات أو التوكيلات كآلية من آليات التعبير، المخزون الحضارى والشعبى عند المصريين يعرفها ومن هنا لاقت الفكرة ترحيباً كبيراً.
30 يونيو.. يوم فريد فى تاريخ المصريين
وبالانتقال للحديث عن 30 يونيو وخروج الملايين فى الشوارع، وما شعر به مؤسس حركة تمرد وزملاؤه فى ذلك اليوم وكيف استقبلوا اليوم التالى ومهلة الـ48 ساعة التى أعلنتها القيادة العامة للقوات المسلحة؟ قال عبدالعزيز: فى الحقيقة إن 30 يونيو يوم فريد فى تاريخ المصريين، تجلت فيه عظمة الشعب المصرى، الذى لديه مخزون حضارى على مدار تاريخه، نزلنا فى ميدان الحجاز وهو المكان الذى تم الاتفاق على التحرك منه إلى قصر الاتحادية بمصر الجديدة، فوجدنا طوفاناً بشرياً، لا يستطيع أحد أن يعرف بدايته من نهايته، آلاف الآلاف من المواطنين من كل الاتجاهات، والشوارع الجانبية ممتلئة عن آخرها وليس فقط الشارع الرئيسى، المشهد لا تستطيع أن ترى نهايته سوى بالتصوير الجوى، فكانت المظاهرة ممتدة على مختلف الشوارع الجانبية والفرعية، ومن ميدان الحجاز وحتى قصر الاتحادية وجدنا المواطنين يحملوننا على الأعناق، وقطعنا المسافة البسيطة من ميدان الحجاز حتى الاتحادية فى ساعتين، نظراً للزحام الشديد والتدافع للمشاركة فى هذا اليوم التاريخى، رافعين الكروت الحمراء، ويهتفون يسقط حكم المرشد، وارحل، وإصرارهم على أن تتحقق مطالبهم العاجلة والمشروعة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
القوات المسلحة انحازت لإرادة المصريين
وواصل حديثه قائلاً: «شُفت الرسالة وقرأتها بشكل واضح، القوات المسلحة ستنحاز بشكل واضح، كما فعلت على مدار التاريخ، إلى إرادة شعبها، وبالتالى مهلة الـ48 ساعة موجهة إلى التنظيم الإرهابى، إما أن يحقق من نفسه هذه المطالب ويترك الحكم، وإما أن القوات المسلحة ستكون طرفاً فى خارطة الطريق، وهذا ما حدث فى ثورة 30 يونيو».
وعن استعداد حركة تمرد لمؤتمرها الصحفى والكواليس التى دارت للإعداد لهذا المؤتمر، الذى استضافته جريدة الوطن، أكد «عبدالعزيز»: مع اقتراب نهاية يوم 2 يوليو فى السابعة مساء كانت لدىّ وجهة نظر وأشعر بالقلق من الإحباط الذى قد يتسرب إلى القطاعات الكبيرة من الشعب المصرى المنتشرة فى جميع الميادين، خاصة أن جميع تصريحات هذه الجماعة الإرهابية تعتمد على التهديد «اللى هيرش مرسى بالميّه هنرشه بالدم»، والتهديد بالعربات المفخخة، وغيرها من التهديدات التى تحققت لاحقاً بعد الإطاحة بهم، قلقنا كان الخوف من تأثير ذلك على الثوار، فيشعرون بالإحباط أو القلق ويبدأون فى ترك الميادين، ووجدنا أنه لا بد من عقد مؤتمر صحفى صباح يوم 3 يوليو لتوجيه رسالة محددة إلى جميع الجماهير المحتشدة بجميع الميادين والمحافظات، باستمرار الاحتشاد وعدم ترك الميادين إلا بعد تحقيق مطالب هذه الثورة بإسقاط حكم الجماعة الإرهابية وإجراء الانتخابات المبكرة.
جريدة «الوطن » شريك فى النجاح بعدما تحدت الجميع واستضافت أصعب اجتماع يوم 3 يوليو ولم تعبأ بتهديدات الجماعة الإرهابية بحرق المقر.. وفكرة جمع التوقيعات مستمدة من توكيلات سعد زغلول فى ثورة 1919
وتابع محمد عبدالعزيز: «كانت لدينا مشكلة فى مكان عقد المؤتمر، لأن جميع أعضاء الحركة كانوا مهددين بالقتل فى ذلك التوقيت من قبَل التنظيم الإرهابى، وكانت تحركاتنا صعبة للغاية، وأى مكان كان سيستضيف مؤتمراً لتمرد فى ذلك الوقت كان معرضاً للاعتداء، لأن المؤتمر كان على الهواء والمكان معروف، وفى هذا الوقت تواصلت مع الكاتب الصحفى الدكتور محمود مسلم، وكان فى ذلك الوقت مدير تحرير جريدة الوطن، لاستشارته عن المكان الأفضل لعقد مؤتمر حركة تمرد، وطلبت منه المساعدة فى إيجاد مكان، فما كان منه إلا أنه بادر بطلب أن نعقد المؤتمر بمقر جريدة الوطن.
الحركة لاقت ترحيباً شعبياً مع انطلاقها.. وكتبنا الاستمارة بأسلوب بسيط لتصل بشكل مفهوم للنجوع والقرى
وقال لنا وقتها: «الوطن» بيتكم وتقدروا تيجوا تعملوا المؤتمر من هنا، ووجِّهوا الرسالة السياسية التى انتوا عايزينها من خلالنا. وأبلغنى أن الزملاء فى جريدة الوطن سيوجهون الدعوات إلى جميع وسائل الإعلام العربية والأجنبية والمحلية، وجميع وكالات الأنباء.
وساهم فى نجاح هذا المؤتمر الصحفى جميع الزملاء الذين كانوا موجودين فى «الوطن» حينها، بالإضافة إلى المجهود الذى قدمه الدكتور محمود مسلم والأستاذ مجدى الجلاد «رئيس تحرير الوطن حينها»، وبالفعل عقدت تمرد مؤتمرها صباح 3 يوليو فى مقر الجريدة.
وقبل أن نبدأ المؤتمر الصحفى تلقينا اتصالات من قبَل الأمانة العامة لوزارة الدفاع والقوات المسلحة، لدعوتنا إلى اجتماع عاجل يُعقد فى منتصف اليوم، بحضور القائد العام للقوات المسلحة حينها الفريق أول عبدالفتاح السيسى، ومجموعة من القوى الوطنية، وبالفعل انتهينا من المؤتمر الصحفى ووجّهنا رسالتنا، دون أن نشير فى هذا المؤتمر إلى أن هناك اجتماعاً أو أى شىء، وتحركنا من مقر جريدة الوطن إلى اجتماع 3 يوليو الذى تم فيه إقرار خريطة الطريق».
دم شهداء الجيش والشرطة ثمن مكافحة الإرهاب
وعن كواليس هذا الاجتماع قال مؤسس حركة تمرد إن الاجتماع استمر ما يقرب من 6 ساعات من النقاش للتوافق على شكل خارطة الطريق، مشيراً إلى أن الاجتماع بدأ بأن وزير الدفاع حينها الفريق أول عبدالفتاح السيسى اعتذر لكل القيادات السياسية والوطنية والدينية الموجودة بالاجتماع، مطالباً بالاستماع إلى الشباب أولاً، بدأ بالاستماع إلينا كممثلين للشباب، وكان موقفنا واضحاً فى هذا الاجتماع وأعلنا أن مطالب الشعب الموجود فى الميادين منذ 30 يونيو المشروعة محددة، وهى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وعزل هذا التنظيم الإرهابى من الحكم، وأن يتولى رئيس المحكمة الدستورية إدارة المرحلة الانتقالية، وأنه لا يمكن الوصول إلى حل وسط فى هذه المطالب، وهذا كان موقفنا الذى تمسكنا به على مدار الاجتماع ككل.
وأتذكر من كلمات وزير الدفاع حينها «السيسى» أمرين، الأمر الأول عندما قال فى بداية الاجتماع إن القرار الذى سنأخذه اليوم قرار مصيرى البلد تنتظره، ولا بد أن نتخذه مهما كانت النتائج. وفى نهاية الاجتماع قال -وأنا أتذكر هذه الجملة جيداً- «هذا القرار سأتحمل نتيجته أنا وأبنائى فى الجيش وأولادى فى الشرطة، سنتحمل هذا القرار وسنحمى إرادة المصريين بصدورنا، ونحن قادرون على ذلك»، وهو ما شاهدناه على مدار الـ10 سنوات، وكمّ التضحيات الكبيرة التى قدمتها القوات المسلحة فى مكافحة الإرهاب، وكان هناك استهداف واضح جداً للقوات المسلحة والشرطة المصرية، وبالفعل تحملت القوات المسلحة والشرطة نتيجة هذا القرار ودفعنا دم الشهداء من جنود وضباط مكافحة الإرهاب حتى نجحنا فى التغلب عليه ووصلنا الآن إلى حالة من الأمن والاستقرار.
تمويل الحرب على الإرهاب
وأضاف محمد عبدالعزيز: «اللى يرجع بالذاكرة 10 سنوات يعرف أد إيه كان التحدى الأمنى إلى حد خطير فى هذه الفترة، حماية إرادة المصريين كان لها ثمن، وتمويل الحرب على الإرهاب كلف الدولة أموالاً طائلة، والأصعب والأغلى كان دماء الشهداء الغالية»، موجهاً التحية لأرواح الشهداء الذين راحوا دفاعاً عن هذا الوطن «لتنتصر إرادة المصريين وحماية الوطن من الانجراف إلى الحرب الأهلية، ولولا تماسك القوات المسلحة واتحادها مع الشرطة والشعب الذى خرج فى 30 يونيو ربما كانت الدولة المصرية دخلت فى نفق مظلم لا تستطيع الخروج منه».
ورداً على سؤال: هل كانت الحملة تتوقع النتيجة التى وصلت إليها وحالة الزخم الكبير التى لاقتها؟ قال إن رؤيتهم منذ اللحظة الأولى كانت أن حركة تمرد لديها قناعة أنها ستحقق الانتصار والشعب المصرى سيخرج بالفعل، أو يتم قتل أعضاء الحركة من قبَل التنظيم الإرهابى على طريقتهم المعهودة طوال الوقت، لكن كان لديهم قدر من الاطمئنان لأنهم شاهدوا كمّ الغضب الذى اجتاح الشارع المصرى، الذى كان ينتظر أن يوجه أحد هذا الغضب فى طريق واحد، ومدى نجاحهم فى إيصال رسالة سياسية واضحة ومطمئنة للشعب المصرى بكل فئاته، القادر على فرز مدى إخلاص القائمين على هذه الفكرة وقناعتهم بها، لذلك كان لديهم الشعور بالأمل والخوف معاً، لكن الرهان الأساسى كان على وعى الشعب المصرى، ومدى إدراكه، والذى أثبت على مدار التاريخ أنه صانع المعجزات.
مكاسب «30 يونيو»
وبالنسبة لمكاسب ثورة 30 يونيو، قال «عبدالعزيز» إن المكسب الرئيسى هو عودة مصر لدورها الطبيعى فى المنطقة، مشيراً إلى أن مصر تلعب اليوم دوراً مهماً فى القارة الأفريقية والمنطقة العربية بأكملها وفى حفظ الأمن العالمى، وهذه هى المكانة الطبيعية التى يجدر أن توجد مصر بها، وجميعنا شاهد حكم الجماعة الذى أدى إلى اهتزاز صورة مقام الرئاسة أمام العالم.
الآن نحن نتحدث عن السياسة الخارجية المصرية، كل العالم ينظر لنا نظرة تقدير واحترام، فنحن طرف رئيسى فى محاولة تهدئة القضية الفلسطينية، والدولة التى ترعى الاتفاق وقت وقف إطلاق النار هى مصر، يلجأ لها جميع قادة العالم لمحاولة الوصول إلى اتفاق، عندما تحدث أزمة فى السودان نرى أن مصر هى الدولة التى يلجأ إليها كل العالم لإجلاء رعاياه، وشاهدنا بأنفسنا شكراً وتقديراً من معظم السفارات للدور الذى لعبته فى مصر فى تلك الأزمة، لأنها دولة كبيرة ورائدة فى منطقتها، أما على المستوى الداخلى فنرى تقدماً كبيراً جداً فى مجالات متعددة.
«السيسى» قال فى اجتماع القوى الوطنية «سنتخذ اليوم قراراً أتحمل نتيجته أنا وأبنائى من القوات المسلحة والشرطة وسنحمى إرادة المصريين».. ومبادرة «حياة كريمة» من أهم مكاسب ثورة 30 يونيو
كان لدينا على مدار سنوات إهمال كبير جداً للريف، واليوم نرى مبادرة «حياة كريمة» تحقق إنجازات عظيمة جداً على الأرض، ومصر كانت الدولة الأولى والأعلى فى الإصابة بفيروس سى فى العالم، واليوم حملة «100 مليون صحة» تعلن أن مصر شبه خالية من الفيروس، كما نشاهد اليوم شبكة الطرق التى وفرت الوقت والوقود المهدر فى الحركة ما بين القاهرة والمحافظات الأخرى نتيجة أن شبكة الطرق القديمة كانت لا تتحمل الزيادة السكانية بعد الإهمال الكبير الذى عانت منه على مدار سنوات، ولا تزال هناك بالتأكيد تحديات كبيرة لأنه فى النهاية كل قرار كان له ثمن، قرار تحدى ذلك التنظيم الإرهابى كان له ثمن، وقرار الانتصار على الإرهاب وإقرار الأمان كان له ثمن أيضاً، سياسياً واقتصادياً، مضيفاً أننا نسير فى الطريق الصحيح.
ورداً على سؤال عن الدعوة للحوار الوطنى وما أحدثه من حراك فى الحياة السياسية وملاحظات أداء الأحزاب، أكد أن المشهد السياسى فى مصر ينضج مع الممارسة، ولا نستطيع أن نعالج جميع المشاكل التى عانى منها المسار السياسى على مدار 40 عاماً بضغطة زر، لكن بالتأكيد إدراك التحديات والعمل على إصلاحها هو الجزء الأهم، والممارسة السياسية جزء، وهى أنه يجب أن تجرى عدة دورات انتخابية لمجلس النواب والشيوخ والمجالس المحلية المنتخبة وانتخابات النقابات، جميعها أمور تجعل المجتمع يفرز بشكل طبيعى طاقته على المستوى النيابى والنقابى فى الشيوخ والنقابات والمحليات، والجزء الثانى على مستوى الإصلاح السياسى نتيجة لمخرجات الحوار الوطنى، ونتيجة للدور المفترض على الأحزاب السياسية أن تلعبه فى الممارسة السياسية.
وتابع: «أرى أن الإصلاح السياسى مسئولية مشتركة بالأساس ما بين الدولة والأحزاب السياسية وقوى المجتمع المدنى، واليوم نشاهد بمنتهى الوضوح أن النقابات تتخذ مواقف مهمة فى عملية الإصلاح السياسى وتقدر على إجراء عمليات تفاوضية لصالح مهنتها، وهذا مؤشر بأن المجتمع يفرز ممارسة سياسية تشير إلى حالة النضج التى وصلنا إليها، والانتخابات فى المجالس المحلية عند فتح الباب لها ستصبح طرفاً رئيسياً فى الإصلاح السياسى، فنحن أمام ما يقرب من 60 ألف مقعد منتخب، وهذا يعنى أن هناك نصف مليون مترشح، وثورة المعلومات الموجودة حالياً تلعب دوراً مهماً فى عملية الإصلاح السياسى، فحجم المعلومات المتاحة على وسائل التواصل الاجتماعى، الذى يتيح نقل المعلومات فى أقل من ثانية، يتيح شفافية الأحداث»، مؤكداً أن شكل النائب نفسه اختلف، والمسار السياسى نفسه نضج.
إشارة واضحة
يوم 1 يوليو كان بالنسبة لى يوماً مهماً جداً فى التسلسل الزمنى للأحداث، لأن فى هذا اليوم كانت إشارة واضحة لما نؤمن به من التاريخ المصرى قبل 30 يونيو، وهو أن الشعب المصرى إذا اتخذ موقفاً فالقوات المسلحة المصرية ليست بمعزل عن هذا الموقف الشعبى أو الوطنى، فالقوات المسلحة المصرية «الجيش المصرى» هى بيت الوطنية المصرية، دائماً ينحاز لإرادة الشعب للحفاظ على الدولة والوحدة الوطنية من الانهيار أو الاقتتال الأهلى الذى كان يدفع إليه الإخوان بكل قوة، للوصول إلى حرب أهلية، القوات المسلحة مؤسسة منضبطة ووطنية، لديها قرارها الحاسم فى اللحظات الفاصلة وهذه كانت قناعتنا، إنه إذا بدا أن إرادة المصريين فى اتجاه محدد فإن قواتها المسلحة بكل تأكيد تنحاز لإرادتهم، وتفسيرنا بوضوح لبيان مهلة الـ48 ساعة أن هناك مطالب مشروعة للشعب المصرى وأن المهلة موجهة إلى التنظيم الإرهابى، الذى أعلن وقتها بكل غباء أن هذه الرسالة موجهة للملايين من المصريين.
مؤسس «تمرد»: الحركة وطنية وليست سياسية.. والغضب
كان مسيطراً على رجل الشارع بسبب ممارسات وعنف الإخوان
تعيش مصر هذه الأيام أجواء كرنفالية احتفالاً بالذكرى العاشرة لثورة 30 يونيو المجيدة، التى قضت على حكم جماعة الإخوان الإرهابية، التى كادت تدمر مصر وتدخلها نفقاً مظلماً ما كانت لتخرج منه قبل عشرات السنين.
«الوطن» عقدت ندوة استضافت خلالها النائب محمد عبدالعزيز، مؤسس حركة تمرد، أحد شباب 30 يونيو، وأحد المشاركين فى مشهد 3 يوليو، وتنوعت موضوعات الندوة التى دارت على مدار ساعة بين ملامح الجمهورية الجديدة وشهادات ثورة 30 يونيو وبيان العزل فى 3 يوليو، ودور حركة تمرد الذى لعبته فى الثورة وقراءة المشهد السياسى للشارع المصرى حينها.
وشهدت الندوة توجيه إشادة بالغة بموقف جريدة «الوطن» الداعم لثورة 30 يونيو، حينما قرر الدكتور محمود مسلم، مدير تحرير الجريدة فى ذلك الوقت، فتح مقر الجريدة لاستضافة مؤتمر حركة «تمرد» رغم تهديدات جماعة الإخوان الإرهابية، وتم خلال هذا الاجتماع توجيه رسالة للجماهير المحتشدة بالميادين وإعلان رأى الشعب بأن محمد مرسى لم يعد رئيساً للبلاد بموجب الاستمارات التى تم جمعها من رجال وأبناء مصر الشرفاء.. وإلى تفاصيل الندوة:
قال النائب محمد عبدالعزيز، مؤسس الحركة، إن الحركة لم تخلق الغضب ضد الإخوان، لأن الشعب المصرى بكافة فئاته وتياراته السياسية كان لديه مشكلة مع أداء الإخوان على مدار فترة حكمهم، وهذه المشكلة كانت نتيجة لسياسات اتبعها الإخوان على الأرض وهذه السياسات كانت إقصائية، وتتعامل مع باقى المجتمع على أن الإخوان فقط هم الذين يعرفون الدين والحقيقة، وكل من يخالفهم ضد الدين «كفرة وعلمانيون»، وجميع التهم التى كانوا يلصقونها بكل من يختلف معهم، بالإضافة إلى وجود حالة من استعراض القوة فى مواجهة كل طوائف المجتمع، فعند وجود خلاف مع الإعلام حاصروا مدينة الإنتاج الإعلامى، وعند الخلاف مع المحكمة الدستورية العليا حاصروا المحكمة، وصولاً إلى الإعلان غير الدستورى، وعزل النائب العام، وتحصين قرارات الرئيس ضد الطعن القضائى، وخلقوا منه شبه «حاكم بأمره»، لا أحد يتحكم فى قراره.
وشهدت البلاد خلال فترة حكم الإخوان عدداً من الأزمات الاقتصادية الصعبة كأزمة البنزين، وانقطاع الكهرباء المستمر، مشكلات متعددة أثبتت فشلهم فى إدارة دولة بحجم مصر، بها 100 مليون، وبالتالى حجم التحديات كان ضخماً، ويحتاج إلى شخصية مدركة للواقع السياسى على قدر من المسئولية، ومسئولين مدركين طبيعة الإدارة. وتابع «عبدالعزيز»: الشعب المصرى كان لديه مشكلة مع الإخوان، وكان ذلك جلياً فى مظاهرات «الثلاثاء العظيم» التى خرجت ضد حكم هذه الجماعة بعد الإعلان غير الدستورى مباشرة، واستمرت أمام قصر الاتحادية وفى ميدان التحرير، وصولاً إلى أحداث الاتحادية واغتيال الحسينى أبوضيف.
وأضاف: «ذروة هذه الأحداث أن هذه الجماعة كانت تصل إلى القتل فى مواجهة أى شخص يختلف معها: «ماذا كان يملك الحسينى أبوضيف غير قلمه والكاميرا الخاصة به، لم يكن عنيفاً أو يهاجم أحداً، هو فقط صحفى يملك كلمته الحرة، والكاميرا التى يوثق بها الحدث، الإخوان كان لديهم الاستعداد لقتل أى شخص يقترب من سلطتهم، التى حاربوا من أجلها على مدار 80 عاماً، لذلك كان أمراً حتمياً دخول معركة وطنية شعبية مع هذا التنظيم الإرهابى يتحقق بها النصر بوحدة الشعب بأكمله. وتابع: «من هنا جاءت فكرة تمرد، وهو أننا بحاجة إلى وسيلة سلمية ديمقراطية تجمع جميع فئات الشعب، بكافة تياراته السياسية، على منهج واحد أو رؤية واحدة، وهى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وأن يتولى رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة المرحلة الانتقالية، ومن هنا جاءت فكرة جمع التوقيعات، الفلسفة العامة أنه قيل إن محمد مرسى حصل على 13 مليون صوت انتخابى فى انتخابات الرئاسة». وواصل: «كنا مستهدفين توقيع 15 مليون مواطن مصرى يقول إنه بيسحب الثقة من محمد مرسى، كل مواطن ممثل عن الجمعية العمومية للشعب المصرى، بتجتمع وبتقول إنها بتسحب الثقة ممن أعطته الثقة فيما أعلن عن نتيجة الانتخابات بـ13 مليون صوت».
الاستمارة وصلت القرى والنجوع لسحب الثقة من «مرسى»
واستكمل: «الحقيقة فوجئنا مع إعلان هذه الفكرة بالترحيب الشعبى الكبير من مختلف المحافظات، والتيارات السياسية المختلفة، اليمين واليسار، حتى المواطنين غير المنتمين للأحزاب أو الحركات السياسية، وربما لم يشاركوا فى أى أحداث سياسية قبل ذلك، وهى الفئة التى استهدفناها فى المقام الأول، وفى بداية التأسيس طلب منى الزملاء المؤسسون كتابة نص الاستمارة، واستهدفت وقتها كتابة لغة بسيطة يفهمها المواطنون بأبعد قرية وأبعد نجع عن القاهرة، وبالفعل هذه الاستمارة كنا نراها فى كل بيت، وشارع، وقهوة، ومصلحة حكومية، ومصنع، وكان هناك انتشار كبير جداً لاستمارة سحب الثقة، لدرجة أن أول يوم بدأنا فيه جمع استمارات فى 1 مايو 2013، فى ميدان التحرير، كنا أعلنا عن الحملة لأول يوم فى 28 أبريل 2013، وأول نزول فعلى لجمع الاستمارات كان فى ميدان التحرير طبعنا حينها 7000 استمارة، وفى أقل من ساعة من توافد المواطنين وتزاحمهم لطلب الاستمارات ومنذ هذه اللحظة، وضعنا الاستمارة على شبكة التواصل الاجتماعى من خلال الصفحة الرسمية للحركة، وطلبنا من المواطنين طبع الاستمارة والتوقيع عليها، دون انتظار الحركة، ليتحول الأمر إلى حالة شعبية بزخم شعبى أبعد حتى من المؤسسين، وبالفعل تمت طباعة مئات الآلاف من الاستمارات عن طريق أبناء الشعب المصرى العظيم، صاحب الفضل الحقيقى فى الانتصار على هذه الجماعة الإرهابية».
شعور وطنى عام بالقلق والخطر على مصر
ورداً على سؤال هل كانت الحركة متوقعة حالة الاستجابة الواسعة من المواطنين مع تمرد واستمارة سحب الثقة؟ قال مؤسس حركة تمرد إنه كان لديه انطباع من خلال قراءة المشهد أن حالة الغضب موجودة لدى جميع القطاعات، وتابع: «لما كنت بتمشى فى الشارع تلاقى كل الشعب المصرى بمختلف فئاته بيتكلم عن الأحداث وعن أداء محمد مرسى فى السلطة، وعن المشكلات اللى موجودة، وعن أسلوبه الذى لا يليق بمقام الرئاسة وطريقة حديثه التى لا تليق بمكانة مصر، حتى سفرياته إلى الخارج كانت طول الوقت بها تندر على أسلوبه وطريقته فى الحديث، سواء باللغة الإنجليزية أو العربية، تفاصيل كثيرة جعلت المواطن المصرى يشعر بالقلق على مستقبل الوطن والدولة، بالإضافة إلى أسوأ ما فعله الإخوان وهو محاولة اختطاف الدولة وأخونتها، فوجدنا مختلف الوظائف فى وزارة الشباب والرياضة كان هناك تركيز على تعيين شباب الإخوان فى مختلف المفاصل، وبالمثل فى وزارة التنمية المحلية، فكانت هناك خطة ممنهجة للسيطرة على مفاصل الدولة بأكملها، شعر المواطنون من كل المحافظات بذلك الخطر، لأن الخطة كانت على مستوى المحافظات بالكامل وليست فى محافظة دون الأخرى، فأصبح هناك شعور وطنى عام موجود من إسكندرية لأسوان بالقلق والخطر على هذه الدولة المصرية، ولذلك كانت قناعتنا أن الفكرة ستلقى استجابة شعبية، لأنها فكرة بسيطة وفى نفس الوقت بها ميراث تاريخى من ثورة 1919، عندما جمع المصريون التوكيلات لسعد زغلول فى فكرة تجميع الاستمارات أو التوكيلات كآلية من آليات التعبير، المخزون الحضارى والشعبى عند المصريين يعرفها ومن هنا لاقت الفكرة ترحيباً كبيراً.
30 يونيو.. يوم فريد فى تاريخ المصريين
وبالانتقال للحديث عن 30 يونيو وخروج الملايين فى الشوارع، وما شعر به مؤسس حركة تمرد وزملاؤه فى ذلك اليوم وكيف استقبلوا اليوم التالى ومهلة الـ48 ساعة التى أعلنتها القيادة العامة للقوات المسلحة؟ قال عبدالعزيز: فى الحقيقة إن 30 يونيو يوم فريد فى تاريخ المصريين، تجلت فيه عظمة الشعب المصرى، الذى لديه مخزون حضارى على مدار تاريخه، نزلنا فى ميدان الحجاز وهو المكان الذى تم الاتفاق على التحرك منه إلى قصر الاتحادية بمصر الجديدة، فوجدنا طوفاناً بشرياً، لا يستطيع أحد أن يعرف بدايته من نهايته، آلاف الآلاف من المواطنين من كافة الاتجاهات، والشوارع الجانبية ممتلئة عن آخرها وليس فقط الشارع الرئيسى، المشهد لا تستطيع أن ترى نهايته سوى بالتصوير الجوى، فكانت المظاهرة ممتدة على مختلف الشوارع الجانبية والفرعية، ومن ميدان الحجاز وحتى قصر الاتحادية وجدنا المواطنين يحملوننا على الأعناق، وقطعنا المسافة البسيطة من ميدان الحجاز حتى الاتحادية فى ساعتين، نظراً للزحام الشديد والتدافع للمشاركة فى هذا اليوم التاريخى، رافعين الكروت الحمراء، ويهتفون يسقط حكم المرشد، وارحل، وإصرارهم على أن تتحقق مطالبهم العاجلة والمشروعة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
القوات المسلحة انحازت لإرادة المصريين
وواصل حديثه قائلاً: «شُفت الرسالة وقرأتها بشكل واضح، القوات المسلحة ستنحاز بشكل واضح، كما فعلت على مدار التاريخ، إلى إرادة شعبها، وبالتالى مهلة الـ48 ساعة موجهة إلى التنظيم الإرهابى، إما أن يحقق من نفسه هذه المطالب ويترك الحكم، وإما أن القوات المسلحة ستكون طرفاً فى خارطة الطريق، وهذا ما حدث فى ثورة 30 يونيو».
وعن استعداد حركة تمرد لمؤتمرها الصحفى والكواليس التى دارت للإعداد لهذا المؤتمر، الذى استضافته جريدة الوطن، أكد «عبدالعزيز»: مع اقتراب نهاية يوم 2 يوليو فى السابعة مساء كانت لدىّ وجهة نظر وأشعر بالقلق من الإحباط الذى قد يتسرب إلى القطاعات الكبيرة من الشعب المصرى المنتشرة فى جميع الميادين، خاصة أن جميع تصريحات هذه الجماعة الإرهابية تعتمد على التهديد «اللى هيرش مرسى بالميّه هنرشه بالدم»، والتهديد بالعربات المفخخة، وغيرها من التهديدات التى تحققت لاحقاً بعد الإطاحة بهم، قلقنا كان الخوف من تأثير ذلك على الثوار، فيشعرون بالإحباط أو القلق ويبدأون فى ترك الميادين، ووجدنا أنه لا بد من عقد مؤتمر صحفى صباح يوم 3 يوليو لتوجيه رسالة محددة إلى جميع الجماهير المحتشدة بجميع الميادين والمحافظات، باستمرار الاحتشاد وعدم ترك الميادين إلا بعد تحقيق مطالب هذه الثورة بإسقاط حكم الجماعة الإرهابية وإجراء الانتخابات المبكرة.
«الوطن» شريك نجاح
وتابع محمد عبدالعزيز: «كانت لدينا مشكلة فى مكان عقد المؤتمر، لأن جميع أعضاء الحركة كانوا مهددين بالقتل فى ذلك التوقيت من قبَل التنظيم الإرهابى، وكانت تحركاتنا صعبة للغاية، وأى مكان كان سيستضيف مؤتمراً لتمرد فى ذلك الوقت كان معرضاً للاعتداء، لأن المؤتمر كان على الهواء والمكان معروف، وفى هذا الوقت تواصلت مع الكاتب الصحفى الدكتور محمود مسلم، وكان فى ذلك الوقت مدير تحرير جريدة الوطن، لاستشارته عن المكان الأفضل لعقد مؤتمر حركة تمرد، وطلبت منه المساعدة فى إيجاد مكان، فما كان منه إلا أنه بادر بطلب أن نعقد المؤتمر بمقر جريدة الوطن، وقال لنا وقتها: «الوطن» بيتكم وتقدروا تيجوا تعملوا المؤتمر من هنا، ووجِّهوا الرسالة السياسية التى انتوا عايزينها من خلالنا. وأبلغنى أن الزملاء فى جريدة الوطن سيوجهون الدعوات إلى جميع وسائل الإعلام العربية والأجنبية والمحلية، وجميع وكالات الأنباء، وساهم فى نجاح هذا المؤتمر الصحفى جميع الزملاء الذين كانوا موجودين فى «الوطن» حينها، بالإضافة إلى المجهود الذى قدمه الدكتور محمود مسلم والأستاذ مجدى الجلاد «رئيس تحرير الوطن حينها»، وبالفعل عقدت تمرد مؤتمرها صباح 3 يوليو فى مقر الجريدة، وقبل أن نبدأ المؤتمر الصحفى تلقينا اتصالات من قبَل الأمانة العامة لوزارة الدفاع والقوات المسلحة، لدعوتنا إلى اجتماع عاجل يُعقد فى منتصف اليوم، بحضور القائد العام للقوات المسلحة حينها الفريق أول عبدالفتاح السيسى، ومجموعة من القوى الوطنية، وبالفعل انتهينا من المؤتمر الصحفى ووجّهنا رسالتنا، دون أن نشير فى هذا المؤتمر إلى أن هناك اجتماعاً أو أى شىء، وتحركنا من مقر جريدة الوطن إلى اجتماع 3 يوليو الذى تم فيه إقرار خريطة الطريق».
دم شهداء الجيش والشرطة ثمن مكافحة الإرهاب
وعن كواليس هذا الاجتماع قال مؤسس حركة تمرد إن الاجتماع استمر ما يقرب من 6 ساعات من النقاش للتوافق على شكل خارطة الطريق، مشيراً إلى أن الاجتماع بدأ بأن وزير الدفاع حينها الفريق أول عبدالفتاح السيسى اعتذر لكل القيادات السياسية والوطنية والدينية الموجودة بالاجتماع، مطالباً بالاستماع إلى الشباب أولاً، بدأ بالاستماع إلينا كممثلين للشباب، وكان موقفنا واضحاً فى هذا الاجتماع وأعلنا أن مطالب الشعب الموجود فى الميادين منذ 30 يونيو المشروعة محددة، وهى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وعزل هذا التنظيم الإرهابى من الحكم، وأن يتولى رئيس المحكمة الدستورية إدارة المرحلة الانتقالية، وأنه لا يمكن الوصول إلى حل وسط فى هذه المطالب، وهذا كان موقفنا الذى تمسكنا به على مدار الاجتماع ككل. وأتذكر من كلمات وزير الدفاع حينها «السيسى» أمرين، الأمر الأول عندما قال فى بداية الاجتماع إن القرار الذى سنأخذه اليوم قرار مصيرى البلد تنتظره، ولا بد أن نتخذه مهما كانت النتائج. وفى نهاية الاجتماع قال -وأنا أتذكر هذه الجملة جيداً- «هذا القرار سأتحمل نتيجته أنا وأبنائى فى الجيش وأولادى فى الشرطة، سنتحمل هذا القرار وسنحمى إرادة المصريين بصدورنا، ونحن قادرون على ذلك»، وهو ما شاهدناه على مدار الـ10 سنوات، وكمّ التضحيات الكبيرة التى قدمتها القوات المسلحة فى مكافحة الإرهاب، وكان هناك استهداف واضح جداً للقوات المسلحة والشرطة المصرية، وبالفعل تحملت القوات المسلحة والشرطة نتيجة هذا القرار ودفعنا دم الشهداء من جنود وضباط مكافحة الإرهاب حتى نجحنا فى التغلب عليه ووصلنا الآن إلى حالة من الأمن والاستقرار.
تمويل الحرب على الإرهاب
وأضاف محمد عبدالعزيز: «اللى يرجع بالذاكرة 10 سنوات يعرف أد إيه كان التحدى الأمنى إلى حد خطير فى هذه الفترة، حماية إرادة المصريين كان لها ثمن، وتمويل الحرب على الإرهاب كلف الدولة أموالاً طائلة، والأصعب والأغلى كان دماء الشهداء الغالية»، موجهاً التحية لأرواح الشهداء الذين راحوا دفاعاً عن هذا الوطن «لتنتصر إرادة المصريين وحماية الوطن من الانجراف إلى الحرب الأهلية، ولولا تماسك القوات المسلحة واتحادها مع الشرطة والشعب الذى خرج فى 30 يونيو ربما كانت الدولة المصرية دخلت فى نفق مظلم لا تستطيع الخروج منه».
ورداً على سؤال: هل كانت الحملة تتوقع النتيجة التى وصلت إليها وحالة الزخم الكبير التى لاقتها؟ قال إن رؤيتهم منذ اللحظة الأولى كانت أن حركة تمرد لديها قناعة أنها ستحقق الانتصار والشعب المصرى سيخرج بالفعل، أو يتم قتل أعضاء الحركة من قبَل التنظيم الإرهابى على طريقتهم المعهودة طوال الوقت، لكن كان لديهم قدر من الاطمئنان لأنهم شاهدوا كمّ الغضب الذى اجتاح الشارع المصرى، الذى كان ينتظر أن يوجه أحد هذا الغضب فى طريق واحد، ومدى نجاحهم فى إيصال رسالة سياسية واضحة ومطمئنة للشعب المصرى بكل فئاته، القادر على فرز مدى إخلاص القائمين على هذه الفكرة وقناعتهم بها، لذلك كان لديهم الشعور بالأمل والخوف معاً، لكن الرهان الأساسى كان على وعى الشعب المصرى، ومدى إدراكه، والذى أثبت على مدار التاريخ أنه صانع المعجزات.
مكاسب «30 يونيو»
وبالنسبة لمكاسب ثورة 30 يونيو، قال «عبدالعزيز» إن المكسب الرئيسى هو عودة مصر لدورها الطبيعى فى المنطقة، مشيراً إلى أن مصر تلعب اليوم دوراً مهماً فى القارة الأفريقية والمنطقة العربية بأكملها وفى حفظ الأمن العالمى، وهذه هى المكانة الطبيعية التى يجدر أن توجد مصر بها، وجميعنا شاهد حكم الجماعة الذى أدى إلى اهتزاز صورة مقام الرئاسة أمام العالم، الآن نحن نتحدث عن السياسة الخارجية المصرية، كل العالم ينظر لنا نظرة تقدير واحترام، فنحن طرف رئيسى فى محاولة تهدئة القضية الفلسطينية، والدولة التى ترعى الاتفاق وقت وقف إطلاق النار هى مصر، يلجأ لها جميع قادة العالم لمحاولة الوصول إلى اتفاق، عندما تحدث أزمة فى السودان نرى أن مصر هى الدولة التى يلجأ إليها كل العالم لإجلاء رعاياه، وشاهدنا بأنفسنا شكراً وتقديراً من معظم السفارات للدور الذى لعبته فى مصر فى تلك الأزمة، لأنها دولة كبيرة ورائدة فى منطقتها، أما على المستوى الداخلى فنرى تقدماً كبيراً جداً فى مجالات متعددة. كان لدينا على مدار سنوات إهمال كبير جداً للريف، واليوم نرى مبادرة «حياة كريمة» تحقق إنجازات عظيمة جداً على الأرض، ومصر كانت الدولة الأولى والأعلى فى الإصابة بفيروس سى فى العالم، واليوم حملة «100 مليون صحة» تعلن أن مصر شبه خالية من الفيروس، كما نشاهد اليوم شبكة الطرق التى وفرت الوقت والوقود المهدر فى الحركة ما بين القاهرة والمحافظات الأخرى نتيجة أن شبكة الطرق القديمة كانت لا تتحمل الزيادة السكانية بعد الإهمال الكبير الذى عانت منه على مدار سنوات، ولا تزال هناك بالتأكيد تحديات كبيرة لأنه فى النهاية كل قرار كان له ثمن، قرار تحدى ذلك التنظيم الإرهابى كان له ثمن، وقرار الانتصار على الإرهاب وإقرار الأمان كان له ثمن أيضاً، سياسياً واقتصادياً، مضيفاً أننا نسير فى الطريق الصحيح.
ورداً على سؤال عن الدعوة للحوار الوطنى وما أحدثه من حراك فى الحياة السياسية وملاحظات أداء الأحزاب، أكد أن المشهد السياسى فى مصر ينضج مع الممارسة، ولا نستطيع أن نعالج جميع المشاكل التى عانى منها المسار السياسى على مدار 40 عاماً بضغطة زر، لكن بالتأكيد إدراك التحديات والعمل على إصلاحها هو الجزء الأهم، والممارسة السياسية جزء، وهى أنه يجب أن تجرى عدة دورات انتخابية لمجلس النواب والشيوخ والمجالس المحلية المنتخبة وانتخابات النقابات، جميعها أمور تجعل المجتمع يفرز بشكل طبيعى طاقته على المستوى النيابى والنقابى فى الشيوخ والنقابات والمحليات، والجزء الثانى على مستوى الإصلاح السياسى نتيجة لمخرجات الحوار الوطنى، ونتيجة للدور المفترض على الأحزاب السياسية أن تلعبه فى الممارسة السياسية.
وتابع: «أرى أن الإصلاح السياسى مسئولية مشتركة بالأساس ما بين الدولة والأحزاب السياسية وقوى المجتمع المدنى، واليوم نشاهد بمنتهى الوضوح أن النقابات تتخذ مواقف مهمة فى عملية الإصلاح السياسى وتقدر على إجراء عمليات تفاوضية لصالح مهنتها، وهذا مؤشر بأن المجتمع يفرز ممارسة سياسية تشير إلى حالة النضج التى وصلنا إليها، والانتخابات فى المجالس المحلية عند فتح الباب لها ستصبح طرفاً رئيسياً فى الإصلاح السياسى، فنحن أمام ما يقرب من 60 ألف مقعد منتخب، وهذا يعنى أن هناك نصف مليون مترشح، وثورة المعلومات الموجودة حالياً تلعب دوراً مهماً فى عملية الإصلاح السياسى، فحجم المعلومات المتاحة على وسائل التواصل الاجتماعى، الذى يتيح نقل المعلومات فى أقل من ثانية، يتيح شفافية الأحداث»، مؤكداً أن شكل النائب نفسه اختلف، والمسار السياسى نفسه نضج.
إشارة واضحة
يوم 1 يوليو كان بالنسبة لى يوماً مهماً جداً فى التسلسل الزمنى للأحداث، لأن فى هذا اليوم كانت إشارة واضحة لما نؤمن به من التاريخ المصرى قبل 30 يونيو، وهو أن الشعب المصرى إذا اتخذ موقفاً فالقوات المسلحة المصرية ليست بمعزل عن هذا الموقف الشعبى أو الوطنى، فالقوات المسلحة المصرية «الجيش المصرى» هى بيت الوطنية المصرية، دائماً ينحاز لإرادة الشعب للحفاظ على الدولة والوحدة الوطنية من الانهيار أو الاقتتال الأهلى الذى كان يدفع إليه الإخوان بكل قوة، للوصول إلى حرب أهلية، القوات المسلحة مؤسسة منضبطة ووطنية، لديها قرارها الحاسم فى اللحظات الفاصلة وهذه كانت قناعتنا، إنه إذا بدا أن إرادة المصريين فى اتجاه محدد فإن قواتها المسلحة بكل تأكيد تنحاز لإرادتهم، وتفسيرنا بوضوح لبيان مهلة الـ48 ساعة أن هناك مطالب مشروعة للشعب المصرى وأن المهلة موجهة إلى التنظيم الإرهابى، الذى أعلن وقتها بكل غباء أن هذه الرسالة موجهة للملايين من المصريين.
المشهد السياسى فى مصر ينضح بالممارسة.. والإصلاح السياسى مسئولية مشتركة بين الدولة والأحزاب والمجتمع المدنى.. وحجم التحديات كان ضخماً للغاية
الثورة التكنولوجية تلعب دوراً مهماً فى عملية الإصلاح السياسى فحجم المعلومات على وسائل التواصل يتيح نقلها فى أقل من ثانية لإحداث التغيير
المسار الصحيح
حركة تمرد كان لها دور مهم انطلقت من أجله، وهو توجيه هذا الغضب لدى المصريين فى مساره الصحيح من أجل الخلاص من هذه الجماعة الإرهابية.
من هذه الجماعة الإرهابية.. وكانت تجمع بداخلها أيديولوجيات متعددة وأفكاراً سياسية مختلفة
و«تمرد» كانت تجمع بداخلها أيديولوجيات متعددة وأفكاراً سياسية مختلفة جمعها هدف وطنى واحد وهو أنه لا بد لهذه الجماعة أن تخرج من الحكم. وعندما تصبح الأمور مستقرة يظهر الوضع الطبيعى فى الممارسة السياسية بالممارسات الحزبية، والمشاركة فى العمليات الانتخابية، وبالتالى تكون هناك وجهات نظر متعددة بين اليسار واليمين، بين أحزاب ومستقلين، وهذا هو الوضع الطبيعى فى الممارسة السياسية، وحركة تمرد لم تكن حركة سياسية، بل كانت حركة وطنية احتجاجية على هذا الجماعة الإرهابية.&